"سكر، شاى، بن، حلبة، بوتاجاز وأكواب، طاولة ودومينو"، معدات بسيطة ولكنها هى رأسمال ماهر فواز صاحب أحد المقاهى البسيطة فى حى دار السلام، فعلى الرغم من أن هذا الحى مزدحم بالناس ويقع بوسط القاهرة، إلا أن صاحب المقهى احتل جزءا بسيطا من شارع جانبى ليكون مقرا له يعيش منه ويفتح بيته. يقول ماهر "بعد الثورة استغنت عنى شركة الملابس التى كنت أعمل فيها بائعا، وذلك بسبب الخسارة التى طالت كثيرا من المشاريع، ولم أجد سوى 3 آلاف جنيه هى قيمة مدخراتى وهى عبارة عن بعض أساور ذهبية تتزين بها زوجتى فى يديها، ولأنها قامت بخلعها توا وإعطائى إياها لبيعها وأتصرف بمبلغها، فقد فكرت أن مشروع المقهى لا يحتاج إلى صنعة ولا يحتاج إلى مال وفير لإقامته، فقط بعض الأكواب والأعشاب الطبيعية مثل الينسون والقرفة والحلبة والنعناع والتيلو مع أهم مشروبين عند الناس جميعا وهما الشاى والقهوة وأيضا مجموعة من "الشيش والترابيزات لزوم القعدة". ويضيف ماهر قائلا "بدأت أتقن الصنعة وضبط المشاريب بعدما خسرت أناس كثيرة، لأننى أحضرت عمالا يساعدونى فى توزيع الطلبات وكل واحد يشتغل يومين ويمشى بدون سبب، وكنت أرجع من ثانى أعمل المشاريب، وفين لما عرفت أتقن القهوة السادة من الزيادة ولا الشاى الخفيف من المضبوط، أنا كنت ملك متوج اشرب ومراتى بتعمل لى كل حاجة ولكن لقمة العيش تحكم". ويروى فواز أنه لم يكن يجلس على مقهى قط فى حياته، ولم يكن يتوقع يوما أن يمشى بجوار أحد اللصوص، ولكن الآن يقوم أيضا بتلبية طلباتهم ولا يجرؤ على الرفض، خاصة وهو يرى آثار البلطجة على وجوههم وهم يحملون المطاوى والسكاكين. ويقول فواز "أحلم حلما صغيرا أوى.. نفسى مصر تستقر، ويرجع الأمان من تانى وأرجع شغلى وأبطل شغل القهوة خالص، نفسى أنسى السنة ونصف دى اللى اتبهدلت فيها بسبب إنى عايز أكل لقمة عيش بالحلال والبلد كلها فوضى وبلطجية".