حصيلة التعديلات: دائرتان جديدتان للقوائم بالقاهرةوالبحيرة .. وإلغاء دائرة بالغربية إعادة "قص ولصق" دوائر الفردى بالقاهرة بطريقة غامضة تقسيم الدوائر "المعدل" يتصادم مع المادة 113 من الدستور ويحمل نفس العيوب الدستورية السابقة الإصرار على التقسيم المعيب للدوائر .. هل وراؤه توجه إخوانى بتأجيل الانتخابات ؟ قبيل مناقشة مشروع قانون مجلس النواب ومشروع تقسيم الدوائر الانتخابية بمجلس الشورى فى فبراير الماضى، تصدينا عبر صفحات "اليوم السابع" لقضية العدالة فى توزيع النواب على الدوائر وتأثيرها على دستورية القانون، وتلبيته للمبادىء التى نصت عليها مواد الدستور، خاصة المادة 113 والتى قضت صراحة بضرورة أن يكون تقسيم الدوائر معبرا عن التوزيع العادل للسكان والمحافظات، وبعد النشر جاء قرار المحكمة الدستورية برفض القانون متمشيا مع ما طالبنا به عبر اليوم السابع من ضرورة إعادة النظر فى تقسيم الدوائر، وبعد شد وجذب ومناورات داخل مجلس الشورى وخارجه، انتهى المجلس إلى بعض التعديلات قام بإدخالها على المشروع الذى سبق ورفضته المحكمة الدستورية، ثم أعاد إرساله للمحكمة الأسبوع الماضى، والمؤسف أن تحليل التعديلات التى تمت على مشروع تقسيم الدوائر تشير إلى أننا عدنا إلى نقطة الصفر مجددا، فالتعديلات طفيفة للغاية، ولم تحدث أى تغيير جوهرى ينقل مشروع تفسيم الدوائر من حالة "عدم الدستورية" إلى حالة "الدستورية"، بل أبقت على المثالب وأوجه العوار الرئيسية التى اعترضت عليها المحكمة كما هى، مما يجعل الأمر يبدو وكأن مجلس الشورى "يلاعب الدستورية" أو يتلاعب برأيها، وهو ما يدفعنا مجددا إلى استعراض ما قام به المجلس بشىء من التفصيل، لتوضيح حقيقة الموقف أمام الرأى العام. ماذا فعل المجلس؟ لعل نقطة البداية المناسبة فى هذا التحليل أن نحدد بدقة التعديلات التى أدخلها المجلس على مشروع تقسيم الدوائر تلبية لحكم المحكمة بعدم دستورية مشروع التقسيم، وفى هذا السياق تمت مراجعة أوضاع كل الدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية، وتقسيماتها على مستوى المراكز والاقسام، وهى 91 دائرة فردى، و49 دائرة قائمة، موزعة على 27 محافظة، ومراجعة الكتل التصويتية بكل الدوائر، وأعداد الناخبين وأعداد النواب بكل دائرة، وإجراء حسابات مطولة على الموقف من ثلاثة زوايا: معدل تمثيل النواب للناخبين " عدد الناخبين الذين يمثلهم النائب". عدد النواب لكل محافظة الحصة الاجمالية لكل محافظة مقارنة بالكتلة التصويتية الموجودة بها. وبمقارنة المشروع السابق تقديمه بالتعديلات الجديدة وفقا لهذه المعايير الثلاثة، اتضح أن مجلس الشورى أعاد كما يوضح الجدول رقم "1" توزيع المراكز والأقسام الخاصة بالدوائر الفردية بالقاهرة وعددها 11 دائرة، على النحو التالى: نقل قسم بولاق من الدائرة السابعة إلى الدائرة الأولى ، لتصبح الدائرة الاولى متضمنة الساحل وروض الفرج وبولاق. تغيير مكونات الدائرة الثانية لتشمل شبرا والشرابية والزاوية الحمراء، بعد أن كانت تشمل عين شمس والاميرية والزيتون. تبديل أوضاع قسم الأميرية وقسم الزاوية الحمراء، بحيث تم نقل قسم الاميرية من الدائرة الثانية إلى الدائرة الثالثة، ونقل الزاوية الحمراء من الدائرة الثالثة إلى الدائرة الثانية، مع نقل قسم الوايلى من الدائرة الثالثة إلى الدائرة السادسة. تقليص مساحة الدائرة الخامسة لتشمل قسم السلام أول وقسم السلام ثان ومقسم عين شمس فقط، ونقل باقى مكوناتها لدوائر اخرى. توسيع مساحة الدائرة السادسة لتستوعب المنقول إليها من الدائرة الخامسة وهى أقسام النزهة والشروق ومدينة بدر ومصر الجديدة بالإضافة إلى الازبكية والظاهر والوايلي. تغيير مكونات الدائرة السابعة لتشمل اقسام مدينة نصر اول وثان والقاهرة الجديدة اول وثان وثالث، ونقل مكوناتها السابقة إلى دوائر أخرى، وهى قصر النيل وعابدين الى الدائرة الثامنة، وشبرا والشرابية للدائرة الثانية، والأزبكية للدائرة السادسة، وبولاق للدائرة الأولى. توسيع مساحة الدائرة الثامنة لتشمل قصر النيل والزمالك وعابدين إلى جانب مكوناتها السابقة وهى الجمالية ومنشأة ناصر وباب الشعرية والموسكى والدرب الاحمر، ونقل قسم الظاهر من الدائرة الثامنة إلى الدائرة السادسة مع الوايلى والازبكية ومصر الجديدة. ترك الدوائر الرابعة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة بلا تغيير. أما المراكز والأقسام الخاصة بدوائر القائمة بمحافظة القاهرة فأجرى عليها المجلس التعديلات التالية: توسيع مساحة الدائرة الأولى قوائم وضم إليها قسمى بولاق والشرابية ، إلى جانب مكوناتها السابقة وهى الاميرية والزاوية الحمراء والزيتون والساحل وحدائق القبة وروض الفرج وشبرا، وحذف منها عين شمس. تقليص مساحة الدائرة الثانية لتضم مكوناتها السلام أول والسلام ثان والمرج والمطرية وعين شمس، ونقل باقى مكوناتها لدوائر إخرى، وتم تخفيض نصيبها إلى 8 مقاعد فقط بدلا من 12 تغيير مكونات الدائرة الثالثة ، فأصبحت تضم الازبكية والشروق والظاهر والقاهرة الجديدة أول وثان وثالث والنزهة والوايلى ومدينة نصر أول وثان ومدينة بدر ومصر الجديدة، وحذف منها مكوناتها السابقة وهى وحذف منها الجمالية والدرب الاحمر والشرابية والظاهر والموسكى وباب الشعرية وبولاق وشبرا وعابدين وقصر النيل ومنشآة ناصر. تغيير مكونات الدائرة الرابعة فأصبحت تضم الجمالية والخليفة والدرب الاحمر والسيدة زينب والمقطم والموسكى وباب الشعرية وعابدين وقصر النيل والزمالك ومصر القديمة ومنشأة ناصر، وتم تخفيض نصيب هذه الدائرة من 12 مقعد إلى 8 مقاعد فقط. استحداث دائرة قوائم جديدة تحمل رقم "5" وتضم كل من 15 مايو والبساتين والتبين والمعادى وطره وحلوان والمعصرة ودار السلام، بنصيب 8 مقاعد. الغربيةوالبحيرة بالإضافة لدوائر الفردى والقوائم بمحافظة القاهرة ... اجرى المجلس تعديلات أخرى على دوائر القوائم بكل من محافظتى العربية والبحيرة وذلك على النحو التالى: تقليص مساحة الدائرة الأولى قوائم بمحافظة الغربية لتشمل اقسام طنطا أول وطنطا ثان ومركز طنطا ومركز كفر الزيات ومركز بسيون، ونقل باقى مكوناتها وهى مركز قطور والمحلة أول إلى الدائرة الثانية قوائم، إلى جانب مكوناتها السابقة وهى المحلة ثان ومركز سمنود ومركز المحلة الكبرى، كما تم إلغاء الدائرة الثالثة قوائم بالغربية وتم ضم مكوناتها مركز زفتى ومركز السنطة إلى الدائرة الثانية، وجرى رفع نصيب هذه الدائرة من المقاعد إلى 12 مقعدا بدلا من 8. تقسيم الدائرة الأولى فى محافظة البحيرة إلى دائرتين، الأولى تشمل دمنهور ومركز دمنهور ومركز المحمودية، ونصيبها 4 نواب والثانية ضمت مكوناتها مركز كفر الدوار وكفر الدوار ومركز رشيد ومركز ادكو ومركز ابو المطامير ومركز حوش عيس ومركز ابو حمص ونصيبها 8 اعضاء، ولم يطرأ أى تغيير على الدائرة الثالثة، التى كانت الثانية من قبل. حصيلة التغييرات طالبت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها على القانون بأن يكون تقسيم الدوائر متوافقا مع توزيع السكان والمحافظات تطبيقا لنص المادة 113 من الدستور، وانطلاقا من ذلك يصبح المعيار الوحيد للحكم على مدى فعالية وسلامة ما تم اتخاذه من تعديلات، هو قدرة هذه التعديلات على إزالة أو تخفيض الاختلالات فى نسب تمثيل النائب للناخبين والوصول بها إلى مستوى عادل يحقق المساواة، بحيث يكون كل نائب فى كل دائرة ممثلا لنفس العدد من الناخبين. بتطبيق هذا المعيار على التعديلات التى ادخلها مجلس الشورى على دوائر الفردى بالقاهرة، تم رصد مجموعة من النتائج يوضحها الجدول رقم "2"، ويمكن عرضها على النحو الآتى: كانت هناك اختلالات فى نسب تمثيل النائب أو العضو للناخبين بجميع الدوائر التى ادخلت عليها التعديلات، وبمقارنة هذه الاختلالات قبل التعديلات وبعدها اتضح أنه من إجمالى 11 دائرة فردى بمحافظة القاهرة ، هناك ثلاث دوائر ظلت الاختلالات السابقة بها كما هى عليه ولم تؤثر عليها تعديلات الشورى سلبا أو إيجابا، وهى الدوائر الرابعة والتاسعة والعاشرة. هناك دائرتان ازدادت حالة الاختلال فيهما سوءا بعد التعديلات الجديدة، وهما الدائرة الأولى التى ارتفع فيها معدل الاختلال بواقع 15 ألفا و957 ناخبا عما كان الحال عليه قبل التعديلات، والدائرة السابعة التى ارتفع فيها معدل الاختلال بواقع 5 آلاف و680 ناخبا. هناك سبعة دوائر حققت فيها هذه التعديلات تحسنا فى معدل الاختلالات التى كانت قائمة بها، وفيما عدا الدائرة الثانية التى تحسن فيها مستوى الاختلال بواقع 85 الفا و43 ناخبا، فإن الدوائر الست الأخرى كان التحسن فيها طفيفا وضئيلا، وتراوح بين 16 ألفا وألفى ناخب. أما التعديلات التى أدخلت على دوائر القائمة بالقاهرةوالغربيةوالبحيرة، فكانت نتائجها ملحوظة بالدائرة الأولى بالغربية التى تم فيها تخفيض مستوى الاختلال فى التمثيل بواقع 25 ألف ناخب، وطفيف فى الدائرة الثانية حيث كان التخفيض بواقع 9 آلاف ناخب، وضئيل فى الدائرة الثالثة حيث جرى تخفيض الاختلال بواقع 500 ناخب فقط، ولم يختلف الوضع كثيرا فى البحيرة، حيث نشأ اختلال جديد فى الدائرة المنشأة بمقتضى هذه التعديلات، وتم تخفيض الاختلال فى الدائرة الاولى بواقع 6 آلاف ناخب. كان الوضع مختلفا فى القاهرة، ففى الدائرة الاولى تراجع الاختلال بواقع 6 آلاف ناخب، وفى الدائرة الثانية ازداد الاختلال سوءا وارتفع بواقع 14 ألف ناخب، وحدث تراجع طفيف فى الدائرتين الثالثة والرابعة، فيما نشأ اختلال جديد مع الدائرة الخامسة المنشأة بمقتضى هذه التعديلات بواقع 14 الفا و144 ناخب. دلالات التغيير فى ضوء هذه التغييرات وما أحدثته من تأثير على مستويات العدالة فى تمثيل النواب للناخبين على مستوى الجمهورية يمكن رصد الدلالات التالية: 1 تعاملت هذه التغييرات مع 11 دائرة فقط من دوائر الفردى من بين 91 دائرة، و9 دوائر قوائم من بين 49 دائرة، أى أن المراجعة والتعديلات تمت على 12% فقط من دوائر الفردى و18% فقط من دوائر القوائم، بعبارة أخرى فإن 88% من دوائر الفردى و82% من دوائر القوائم تركها المجلس كما هى دون تعديل أو مراجعة، وهو أمر يخالف ما طالبت به المحكمة الدستورية العليا من ضرورة إعادة النظر فى تقسيم الدوائر ككل، 2 جغرافيا ... تركزت المراجعة والتعديلات فى ثلاثة محافظات فقط من بين 27 محافظة، الأمر الذى يعكس توجها خاصا لدى القائمين بالمراجعة والتغيير، ولا يعكس مراجعة موضوعية علمية شاملة ومحايدة. وتشير النقطان السابقتان إلى أن التغييرات المشار إليها انطلقت من خلفيات وصراعات سياسية، وليس تقسيما فنيا موضوعيا يستند إلى حسابات علمية خالصة تتوخى تطبيق العدالة والمساواة، كما يقضى بذلك الدستور وحكم المحكمة، ويعزز هذا الاعتقاد أن الاحزاب والكتل التى تمثل المعارضة داخل المجلس يكاد حضورها الجماهيرى يكون محصورا فقط فى القاهرة وبعض الدوائر البسيطة خارجها، الامر الذى يوفر دلالة على أن هذه التعديلات جاءت كنوع من التسوية السياسية بين المعارضة والاغلبية، بأكثر منها تلبية لقرار المحكمة بتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين . 3 فى ضوء محدودية الانتشار الجغرافى والموضوعى للتعديلات 3 محافظات و 12% من دوائر الفردى و18% من دوائر القائمة يمكن القول أن التغييرات التى أجراها مجلس الشورى اتبعت ذات المنهجية السابقة التى تم الاستناد إليها فى مشروع تقسيم الدوائر ككل، والتى تقوم على عدة معايير أو مبادىء من بينها معايير نراها غير دستورية، والأغلب سترفضها المحكمة مرة اخرى، لأنه لا سند لها بالدستور، ومنها : وضع حد أدنى للتمثيل بواقع نائبين لدوائر الفردى و4 نواب لدوائر القوائم، بغض النظر عن عدد السكان الموجود فى الدائرة. الأخذ بمبدأ الحفاظ على الحق المكتسب لكل محافظة ونصيبها من عدد النواب، حتى لو كان مخالفا لقواعد التمثيل العادل للسكان أو حتى عدد الناخبين. التمييز الايجابى للمحافظات الحدودية، حتى لو كان مخالفا لقواعد التمثيل العادل للسكان. مشكلات دستورية عامة عند وضع كل الدلالات والنتائج السابقة معا، لرصد تأثيرها مجتمعة على مشروع تقسيم الدوائر المقدم للمحكمة، يتبين أم مشروع تقسيم الدوائر المعدل لا يزال يحمل نفس المشكلات الدستورية الكبرى التى سبق وحملها المشروع السابق المرفوض، وهى: وجود اختلالات واضحة فى نسب تمثيل النواب للناخبين بدوائر الفردى والقائمة الواردة فى المشروع ، ويعرض الجدول رقم "3" هذه الاختلالات على مستوى المحافظات، ويتضح منه أن هذه الاختلالات تصل ذروتها فى جنوبسيناء، حيث يقل عدد الناخبين لكل نائب بنسبة 88% عن المعدل المتوسط ، ويزيد عدد الناخبين لكل نائب عن المعدل المتوسط بنسبة 54% بدائرة المنتزه أول بالاسكندرية، فيما تعانى باقى الدوائر من اختلالات بدرجة أو بأخرى. وجود اختلالات بالزيادة والنقص فى عدد نواب كل محافظة بدوائر الفردى والقوائم وإجمالى العدد، وطبقا لما يوضحه الجدول رقم "4"، هناك مجموعة من المحافظات تعانى من نقص فى حصتها من النواب يبلغ 40 نائبا، ومجموعة أخرى من المحافظات حصلت على زيادة عن حصتها من النواب قدرها 39 نائبا، مما يجعل هناك 79 مقعدا بالبرلمان سيحصل عليها أصحابها استنادا إلى نسب توزيع غير عادلة وفى غير محلها، بغض النظر عما إذا كانت ستخدم هذا التيار السياسى أو ذاك . وجود اختلالات فى الحصة الإجمالية المحسوبة بالنسبة المئوية لكل محافظة بمجلس النواب فى المشروع الذى وافق عليه مجلس الشورى، ويوضح الجدول رقم "5" أنه على الرغم من التحسن الطفيف الذى طرأ على تقسيم الدوائر وحصص المحافظات من النواب مقارنة بالمشروع الذى تمت على أساسه الانتخابات الماضية، إلا أنه لا تزال هناك محافظات مظلومة بشكل واضح، ومحافظات حصلت على أكثر من نصيبها، وتعد القاهرة والاسكندرية والجيزة أكثر المحافظات التى تعرضت للظلم، وفى المقابل تعد المحافظات الحدودية وسوهاج كأكثر المحافظات التى تحظى باكثر من نصيبها العادل. تؤكد بيانات الجداول الاربعة مجتمعة أن قاعدة العدالة والمساواة بين المحافظات فى تقسيم الدوائر وحصص الناخبين وأعداد النواب لم تتحقق بالدرجة الكافية، ومن ثم جاء مشروع التقسيم مخالفا للدستور على النحو السابق الإشارة إليه. نخلص من التحليل السابق إلى نتيجتين رئيسيتين: الأولى أن التعديلات التى أدخلها مجلس الشورى على مشروع تقسيم الدوائر تنم عن عدم رغبة فى وضع حل نهائى وجذرى لمشكلة توافق التقسيم مع الدستور، وأن الأغلبية الإخوانية داخل المجلس ربما لديها توجه قوى نحو تأجيل الانتخابات، يعكس نفسه فى المماطلة فى علاج المشكلة على هذا النحو، ومن غير المستبعد أن تكون الرغبة فى التأجيل مرتبطة بتقييم للموقف يرى أن الصندوق ليس حليفا كما يجب، ومن ثم كان القرار هو اللعب على عامل الوقت عسى أن تحدث انفراجة اقتصادية تعيد الصندوق الانتخابى لصالح الاغلبية مرة أخرى. الثانية: أن مشروع التقسيم فى مجملة ينطلق من قاعدة سياسية وليس قاعدة علمية محايدة وموضوعية، وتتمثل هذه القاعدة فى ان أصحاب القرار بالمجلس يجعلون الأساس أو نقطة الانطلاق هو أن لديهم نواب يبحثون لهم عن ناخبين، وليس ناخبين يتعين أن يخرج من بينهم نواب يمثلونهم بعدالة وعلى قاعدة المساواة، بعبارة أخرى، يقوم من بيدهم القرار بإعداد تصور مسبق حول شكل وطريقة توزيع النواب وأعدادهم، بما يتماشى بأوضاعهم السياسية وطموحاتهم المستقبلية، وبعد ذلك يجرى البحث عن أفضل طريقة لتقسيم الدوائر تضمن تنفيذ هذا التصور، وهذا الأداء مخالف تماما للوضع الطبيعى العادل، الذى يفترض أن هناك ناخبين يتعين معاملتهم على قدم المساواة للوصول إلى النواب الذين يعبرون عنهم بنسب تمثيل محايدة وعادلة، والأغلب أن مشروع تقسيم الدوائر سيظل مشوبا بعدم الدستورية وبعيدا عن قواعد العدالة والمساواة مادامت نقطة الانطلاق فى إعداده هى ضمان الحصول على نواب، وليس إعطاء الناخبين حقهم فى إفراز نوابهم.