في تحليلات عقل المباراة .. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء. لم يكن روما صيدا سهلا أبدا أمام الريال في لقاء بدي فيه الملكي أقل كثيرا من مستواه الحقيقي ولكن رغم ذلك يمتاز الريال مثل أندية الصفوة في العالم بأنه يحافظ علي حدا أدني يقارب من ال 70 % كمستوي أداء جماعي. تلك النسبة الجماعية تعطي صعوبة كبري لأي ناد منافس أن يهزم الريال أو برشلونة أو بايرن لإنك في هذه الحالة تحتاج لإن يكون هذا النادي المنافس في 150 % من مستواه دون أخطاء. كل شىء بدي نموذجيا في روما سباليتي ولكن كان ما ينقص الفريق عنصرا أخر يمكنه أن يكمل الخطورة التي يبدأها صلاح أو يعطي الهجمة منذ بدايتها الخطورة المطلوبة كي ينهيها الجناح الأعسر المصري ..وربما كان يفتقد عنصرا إضافيا أخر أضافه محمود الجوهري قبيل لقاء هولندا في كأس العالم 1990. كل شىء كان أكثر من نموذجي علي السبورة أثناء إستعداد الجوهري لوضع خطة اللعب المناسبة للسيطرة علي الطواحين الهولندية في باليرمو ..كثافة دفاعية وسيطرة علي وسط الملعب ثم تواجد هجومي مناسب لتشكيل خطورة علي مرمي فان بروكلين ولكن فجأة ..تم إكتشاف أن الجوهري رحمة الله عليه يضع لاعبا زائدا علي السبورة. سيناريو اللقاء: لعب سباليتي 4-3-1-2-0 تواجد تشيزيني أمامه الرباعي فلورينيزي ومانولاس وروديجير ودينيه في الدفاع أمامهم الثلاثي فانكوير وبيانيتش وناينجولان في خط الوسط ولعب بيروتي دور صانع الألعاب أمامهم وتواجد الثنائي شعرواي وصلاح علي جانبي الملعب هجوميا. في المقابل لعب زيدان ب 4-3-3 بتواجد نافاس أمامه الرباعي كاربخال وفاران وراموس ومارسيللو وفي الوسط لعب كروس بين مودريتش وإيسكو وتواجد الثلاثي رونالدو وبنزيمة ورودريجيز في هجوم الريال. الأمر كان مباشرا للغاية في تكتيك الفريقين .. روما يحاول أن يبني خطته علي المرتدات بوضع شعرواي و صلاح في جانبي الملعب للعب مباشرة خلف كاربخال ومارسيللو مع وجود رباعي وسط 1-2-1 ..يحاول منع وسط الريال من الإنطلاق بالكرة وإجبارهم علي إرسال كرات طويلة لأطراف الملعب ..الصورة التالية توضح توظيف صلاح المدير الفني مثل المؤلف والمخرج .. يهتم بأدق التفاصيل ويصنع الشخصية بمنتهي الدقة ثم يأتي دور الممثل في إعطاء تلك التفاصيل روحا علي الشاشة . اللاعب إذا لم يكن بكفاءة عالية تظهر بصمات المدرب بشكل واضح ويظهر أيضا ( قلة إمكانيات بعض اللاعبين). فانكوير يقطع الهجمة ولكنه لا يجيد تمرير الكرة بشكل جيد ..بيانيتش ( المفكر الوحيد في عقل روما ) ناينجولان إندفاع بدني هائل ..بيروتي يلعب دورا صعبا جدا ربما أكبر من إمكانيات لاعبين كبار نعرفهم ويحتاج للاعبين من كوكب ميسي وإن وصلنا علي الأرض نحتاج ل توتي أخر قبل عقد من الزمان. زيدان كان يجعل مودريتش وإيسكو أيهما أقرب للضغط وبقوة علي بيانيش لمنع بناء الهجمة بسرعة ..تراجع شعراوي كثيرا لمساندة دينيه كان يعني أن صلاح بقي وحيدا في ( صحراء اليسار ) المدريدية. عندما وجد زيدان أن صلاح وحده هو من سيكون الأقرب لمرمي نافاس قام بتعديل مركز مارسيللو بأن يتقدم أكثر كجناح أملا في تراجع الجناح المصري ..ويتحول راموس لمراقبة صلاح إذا أنطلق ويتأخر ورائهم فاران ..مع الحفاظ علي الشكل التكتيكي المتبع من كروس أو كاربخال أثناء بناء الهجمة ..لا يوجد في كل الأحوال عمقا هجوميا يسبب قلقا لمدريد ..الصورة التالية توضح في مثل تلك المباريات تحتاج إلي ( إيثار ) كبير من اللاعب ..يصبح التمرير والتحرك وإختيار الزميل الأفضل مكانا لتصل عنده الكرة .. من يفعل ذلك في روما بيانيش وصلاح وبيروتي ( فقط ). هل تسمع جملة ( الفريق كتلة واحدة ) ..ربما تكون هذه الجملة سهلة النطق والكتابة ولكنها أصعب كثيرا مما تتخيل ..والدليل فرصة فلورينيزي لصلاح في الشوط الثاني ..ربما تفسر تلك الهجمة أكثر من تفسير ..بأن صلاح أجهد أو أن صلاح لم يتسلم بشكل جيد أو تنقصه اللمسة الأخيرة ولكن كل الأسباب نتائج وليست سببا رئيسيا. السبب الرئيسي هو أن يفقد اللاعب الربط الذهني مع زميله ..فبعد إنطلاقتين أو ثلاثة للجناح دون تعاون من الظهير الذي يفضل التسديد أو إرسال الكرات لمنطقة أخري ..يفقد الجناح ( صلاح مثلا ) التركيز عند وصول الكرة للظهير ( فلورينيزي ) لإنه بات يعلم أن تبادل الكرات معه خيارا أخيرا بالنسبة لفلورينيزي..لذلك عندما تصل الكرة ( للمفتقد التركيز ) تصل طويلة وفي أحسن الأحوال يتسلمها ويسددها ضعيفة. رونالدو يسجل من وضعية صعبة جدا ..خيسي يتسلم الكرة في أمان ويركض بها حتي التسديد .. أمورا فردية بحتة فاز بها الريال ولكنها كانت أيضا نتيجة لتواجد شكلا منظما وتعاونا هائلا بين الفريق وهو الأمر الذي يجعل الفريق دائما الأكثر هيمنة علي المباراة إنتظارا لخطأ يحدث من المنافس ومن ثم يأتي التهديف. أخيرا ..هناك لاعبون جيدون وهناك لاعبون نجوم وهناك لاعبون سوبر ستارز وهناك واحدا من كوكب ميسي ..قد ينتقل اللاعب من فئة إلي فئة إذا وجد فريقا متناغما يظهر قدراته الفردية المتميزة ..وأعتقد أن محمد صلاح نجما كبيرا يصبح سوبر ستار إذا تواجد في فريق ليس في قاموسه الفرديات فقط وفي فريق يدافع عن منطقة جزائه روديجير. في الأذن .. هناك فرق يمكن أن يلمع معها صلاح ( دورتموند –أرسنال ) ومن يدري ربما يستقطبه الرجل الذي يغير وجه كرة القدم معه في ( مانشستر سيتي ). للتواصل مع الكاتب على الفيس بوك