لا أعرف لماذا أخشى من هذه الجملة! هل تشعر مثلى بالقلق عندما تسمعها؟ هل تشعر بالتفاؤل أو الترقب أو الخوف؟ أعرف أن الأمر يعتمد على ما تشعر به الآن، فلو كنت سعيدا وبصحة جيدة وحولك من تحب فأنت حتما تتمنى دوام الحال. أما لو كانت الحياة تعاندك ولا تعطيك ما تطلب فأنت حتما لست فقط تتمنى عدم دوام الحال بل تتمنى أن تسرع إلى المستقبل فربما تنتظرك السعادة هناك! إذن لو الأمر بهذه البساطة فلماذا كل هذا العناء؟ أتكلم هنا عن العناء فى الجرى واللهث وراء السلطة ووراء الجاه ووراء المال، أعرف أن الطموح هو الذى يدفع الإنسان إلى تحقيق الأفضل والتطلع إلى أعلى المراتب. ولكن لماذا نحزن عندما لا نحقق ما نريد؟ لماذا نقلق عندما نخسر بعض الأموال؟ لماذا نسهر ليلنا نفكر فى الغد؟ فنحن نعرف جيدا أن بعد حين سوف يتغير الحال إلى الأفضل طبعا. وسؤالى هنا لماذا نقلق على المستقبل الذى هو فى علم الغيب؟ لا أريد أن أتكلم اليوم عن القلق الفردى لأن بالطبع هذا أمر يختلف من شخص لآخر. لكن تعالوا نقلق سويا على حبيبتنا الجميلة أم الدنيا. تمر بلادنا الآن بظروف اقتصادية وسياسية صعبة للغاية، منذ ثورة يناير 25 ونحن ننتظر اليوم الذى سوف تستقر فيه الأحوال ونعيش الحياة الهادئة الكريمة التى طالما حلمنا بها والتى من أجلها مات العديد من الشهداء الأبرار تاركين هذه الحياة القاسية بكل ما فيها من ظلم وفقر وفساد إلى عالم آخر خال من الأحقاد والشرور لينعموا بالجنة التى وعدهم لله بها. لكن لماذا لم يأت هذا اليوم؟ وماذا يجب أن نفعل؟ أولا: ألم يأمرنا الله بالصبر: "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة". يطلب الله عز وجل مننا أمرا بسيطا عندما يداهمنا الخوف والقلق وهو أن نتحلى بالصبر ولكن فى نفس الوقت لا نتوقف عن العمل والكفاح، وحتما سنصل إلى ما نريد فى الوقت الذى يريده الله وهو دائما الأنسب لنا ولكن بعضنا يتعجل الأمور ويكل من الانتظار الطويل بل إن بعض الناس يصيبهم اليأس. ولكننى أعتقد أنه لو اقترن الصبر على البلاء بالضعف أو الكسل أو الاستسلام فلن يكون هذا هو الصبر الذى أمرنا به الله. لا تتوقفوا يوما عن المطالبة بحقوقكم.. فأصحاب الحق دائما أقوى، ولكن لا تنسوا فى الوقت نفسه أن تقوموا بأداء واجباتكم تجاه هذا الوطن حتى يتحقق حلمنا بمستقبل مزدهر ومشرق. اذهبوا إلى أعمالكم ولا تعطلوا المصالح، اختلفوا ولا تتعاركوا، تناقشوا واسمعوا الرأى الآخر وتحلوا دائما بالصبر. ثانيا: "تفاءلوا بالخير تجدوه "أعرف أن لا شىء حولنا يدعو للتفاؤل ولكن الله يطلب مننا أن نحسن الظن به:" أنا عند حسن ظن عبدى بى، فليظن بى ما شاء إن خيرا فخير وإن شرا فشر".. فالتفاؤل يزرع الأمل ويعمق الثقة بالنفس ويحفز على النشاط والعمل. والمتفاؤل ينظر للحياة بإيجابية رغم كل التحديات والصعاب التى يواجهها فى الوقت الراهن. ثالثا: تذكر دائما أن "دوام الحال من المحال": يقول د. مصطفى محمود رحمه الله:"من يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه أبدا وسوف يرى الدنيا أياما يداولها الله بين الناس، الأغنياء يصبحون فقراء والفقراء ينقلبون أغنياء وضعفاء الأمس أقوياء اليوم، وحكام الأمس مشردو اليوم، والقضاة متهمون والغالبون مغلبون والفلك دوار والدنيا لا تقف والحوادث لا تكف عن الجريان والناس يتبادلون الكراسى ولا حزن يستمر ولا فرح يدوم".