تمر اليوم الذكرى الثانية لخطاب تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولا تزال الذكريات تلك الليلة محفورة فى أذهان المثقفين، والبعض يرى أن التنحى لم يحدث بعد، فى حين يرى آخرون أن التنحى سيأتى بخلع الرئيس محمد مرسى. وقال الكاتب جمال الغيطانى إنه كان فى بيته ليلة تنحى الرئيس مبارك، حيث سمع اللواء عمر سليمان وهو يلقى خطاب التنحى على شاشات التليفزيون، مشيرًا إلى أنه قد تنبأ بسقوط مبارك قبل الخطاب بيومين، حينما اجتمع المجلس العسكرى بدونه. وأضاف: لكن ما لفت نظرى وانعكس علىّ، الفرحة الأسطورية للناس بعد الانتصار، فكانت لحظة من اللحظات النادرة فى حياة الشعب المصرى. وفى تصريح خاص ل"فيتو" أكد الغيطانى أن سيناريو فبراير هذا العام مصيبة وكارثة ولا يشبه سيناريو فبراير 2011، فمبارك تنحى تحت ضغط القوات المسلحة، وهذا القرار جنب الشعب المصرى بحورًا من الدماء، أما الآن فالوضع مختلف تماما؛ لأن الممسك بالسلطة لن يتركها مهما حدث، فنظام الإخوان المسلمين يختلف عن سابقه، ممكن يصل إلى أبعد مدى فى ظل الاحتفاظ بالسلطة، وهنا الوضع أصعب من 11 فبراير 2011، ولا أستبعد أن تدخل مصر فى حرب أهلية نتيجة استسهال عمليات العنف والدم، فالناس تقتل فى الشوارع ولا يوجد عقاب للجانى، حيث يوجد وحشية فى التعامل لم تكن موجودة فى النظام السابق. مضيفا أنه يمكن الخروج من الأزمة إذا حدثت انتخابات رئاسية مبكرة، بناء على بدء تطبيق الدستور؛ لأن الأزمة التى نعيشها الآن لا يمكن أن تستمر. أما الكاتب محمد حلمى هلال فقال إنه تفاجأ بخطاب تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك ولم يصدقه، حيث سقط مبارك أسرع مما تخيل، فلم يتصور سقوط مستبد كبير عشنا فى عهده ثلاثين عاما من القهر والظلم والفساد، فقد سقط فى ثمانية عشر يوما، وهذا فاق كل التوقعات، فسقط بسرعة رهيبة، وكأنه نمر من ورق. وأشار هلال إلى أن مبارك ارتكب خلال الثمانية عشر يومًا أخطاء لا تسمح له بكسب أى تعاطف شعبى، هذا بجانب عدم فهمه لمطالب واحتياجات الشعب، واتخاذه رد فعل سريع لحل الأزمة فى الشارع، مما جعل الناس تصل إلى حالة من الكراهية تجعلهم يصرون على طلب التنحى، وهذا الدرس لم يتعلمه محمد مرسى فهو مغلق أذنيه عن صوت الجماهير فى الميادين، وقد يؤدى هذا إلى تكرار سيناريو خلع الرئيس. مؤكدًا أن حل الأزمة التى تعيشها مصر الآن يبدأ بخلع محمد مرسى؛ بخلع النظام الذى لم يسقط، فالإخوان تحاول تسييد مفهوم خاطئ عن الديمقراطية، فالديمقراطية ليست صندوقًا، فالديمقراطية تأتى بعد صندوق الانتخاب، وهذا ليس معناه إقصاء المعارضين، أو الأقلية، والاستبداد برأى واحد، فنحن استبدلنا مستبدًّا بآخر عن طريق صندوق الانتخابات، فالحل يبدأ بركل صندوق الانتخابات؛ لأن الرئيس مرسى فقد شرعيته بعد سحل وقتل شعبه، فمن يمنح الشرعية هو الشعب وليس الصندوق، "نحن لا نعمل نجارين". وعلق الناقد حسين حمودة على خطاب تنحى الرئيس مبارك بأنه فرح فرحًا شديدًا مثلما فرح كل المصريين، وذلك لأن المصريين كانوا فى حاجة إلى فتح باب جديد لحكام غير عسكريين، أو لأنهم كانوا غاضبين جميعا بسبب قمع المظاهرات السلمية، وربما لأننا كنا مستائين من ميراث الفساد والقمع الذى استمر أكثر من 30 عامًا. وقال حمودة: إنه عاد إلى البيت ليلة التنحى بعد مشاركته فى المظاهرات فى ميدان التحرير، وفى تلك الأيام كنت معتادًا على فتح التليفزيون بعد رجوعى مباشرة لمتابعة الأحداث على القنوات الفضائية لما يتم رصده من المظاهرات الغاضبة والتحليلات التى يقدمها السياسيون للأحداث. وأكد حمودة أن الأزمات المتكررة التى يعيشها المصريون أصبحت واضحة أمام الجميع، مشيرا إلى أن الحل يكمن فى وجود سيناريو تفصيلى للمستقبل، فالوطن يحتاج إلى تخطيط بعيد المدى من أجل تحقيق كل مطالب الثورة "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية"، متسائلا: "هل حدث التنحى؟!"، فعلى الجميع أن يسلم بفكرة التعدد، فلا يجب على تيار واحد أن يحجب باقى التيارات الأخرى، فمصر أكبر من أن تختزل فى تيار وحيد.