محمد نجيب محمد هجرس ولد بقرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية في 1 يونيو 1932 وتوفي يوم 24 أكتوبر 1978 م. شاعر مصري، لقب ب"شاعر العقل". تزوج من الفنانة المصرية "سميرة محسن". عام 1932 في قرية صغيرة، تدعى إخطاب بمركز أجا محافظة الدقهلية، ولد الشاعر نجيب سرور، وما تعلمه فتى مرهف الإحساس وكبير القلب وإنساني المواقف من أدب وشعر ولغة وتاريخ وفلسفة خلال المرحلة الثانوية مثل سرور، كان كافيا لخلق الشاعر والفنان الذي يتحدى الظلم والاضطهاد وهو يراه بعينيه الواسعتين وقلبه الحار قولا ً يتحرض بسببه زملائه إلى جانبه ضد الظلم والقهر والاستغلال. وسط القهر والاضطهاد كانت ولادة الشاعر المناضل الفتى الذي سرعان ما ظهرت مواهبه الفنية الأخرى، فالشعر كلمة سهلة التكوين وسريعة الوصول والمسرح هو الفضاء الآخر الأكثر رحابة وتأثيرا ً في حياة الناس، يدخلهم إليه ليريهم ما لا يرونه في حياتهم المعتادة. اتخذ سرور المسرح بوقا للنضال من أجل كشف الحقيقة سعيًا للحرية والعدالة، جعلته يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي حصل منه على الدبلوم في عام 1956 وهو في الرابعة والعشرين من العمر. حياة البؤس والحرمان واضطهاد بقايا الإقطاعية من مالكي الأراضي والمتنفذين للفلاحين البسطاء في الدقهلية، تركت بذورًا ثورية في نفس الفتى الذي امتلأ قلبه حقدا ً على الإقطاعيين وسلوكهم غير الإنساني تجاه الفلاحين. أنتمي سرور إلى جماعة حدتو الشيوعية، لكنه اخفي ذلك قبل سفره في بعثة حكومية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي من عام 1958 وحتى عام 1973 حيث أعلن هناك تدريجيًا ميله للماركسية مما كان له أثر سلبي لدى مجموعة الطلاب الموفدين الذين حرضوا السفارة المصرية ولفقوا التقارير ضده وفي نفس الوقت تحول تساؤل الشيوعيين العرب عن كونه يحمل الفكر الماركسي في حين أنه موفد ضمن بعثة حكومية إلى شكوك أقلقته وأثارت في نفسه اكتئابا. إزداد ولع سرور بالأدب والفلسفة وشغفه بالقراءة وكتابته للشعر بالعربية الفصحى لم يكبت رغبته الدائمة بمخاطبة الناس عبر المسرح، كان التمثيل في نظره أداة التعبير الأكثر نجاعة، ويقول اصدقاؤه بأنه لم يلقِ عليهم قصائده بل قام بتمثيلها، وكان له من المهارة في الأداء والتحكم بتعابير الوجه وحركة اليدين ما يشد الناس إليه فينشدوا بكليتهم إلى موضوع القصيدة أو الحديث مثيرا عواطفهم ومشاعر الحب أو الكراهية والضحك أو العبوس وتدفق الدموع حسب الموقف. كانت مصر في الخمسينات حبلى بالثورة وشهد نجيب سرور وهو على مقاعد الدراسة انطلاق ثورة 12 يوليو وواكب، بعد التخرج، العدوان الثلاثي على مصر مما عمق في نفسه الكرة الشديد للامبريالية والاستعمار والرأسمالية وكان منطقيًا أن يلتزم الخط الأحمر فانتمى إلى الحزب الشيوعي وطار إلى موسكو في بعثة حكومية لدراسة الإخراج المسرحي وصدم، بالوحدة الارتجالية مع سوريا ثم بمؤامرة الانفصال وراقب عن كثب بطش المخابرات المصرية بالطلبة فتحول إلى (معارض) سياسي في الخارج وسحبت منه البعثة والجنسية فزاد اقترابًا والتحامًا بامميته وأصبح أحمر اللون حقا وليس عن ترف. كانت مخابرات صلاح نصر في عام 1964 في اوج تألقها وسطوتها وكان من الطبيعي أن يحل نجيب سرور ضيفًا على زنازين صلاح نصر فيعذب وينفخ ويصلب وتمارس عليه كل أنواع التعذيب التي أبدع صلاح نصر في ابتكارها، ومع ذلك كانت بصمة نجيب سرور على الحياة الثقافية في مصر واضحة للعيان حتى يوم وفاته في عام 1978 فقد شارك في الحياة الثقافية شاعرًا وناقدا وباحثا وكاتبا مسرحيا وممثلًا ومخرجًا حتى أصبح أحد إعلام المسرح العربي المعاصر. كان الأمن المصري قد ترك الحبل على غاربه لنجيب سرور بعد أن وجد صلابة هذا الفلاح المصري المثقف لن تفت في عضدها زنازين صلاح نصر إلى أن تجاوز نجيب سرور الخط الأحمر حين توقف امام مجازر الملك حسين بحق الفلسطينيين في ايلول عام 1971 بكتابة وإخراج مسرحية بعنوان (الذباب الأزرق) سرعان ما تدخلت المخابرات الأردنية لدى السلطان المصرية لايقافها، وقد كان، وبدأت منذ ذلك التاريخ مواجهة جديدة بين الأمن المصري ونجيب سرور انتهت بعزله وطرده من عمله ومحاصرته ومنعه من النشر ثم اتهامه بالجنون، وكتب في هذه الفترة (.. الأميات). نجيب سرور الذي اصطدم بالمخابرات المصرية بسبب مسرحيته عن الفلسطينيين والمجزرة التي ارتكبت بحقهم في الأردن خذله الفلسطينيون فلم تنشر قصائده في بيروت يوم كانت كل مطابع بيروت ودور النشر فيها رهن إشارة أبو عمار ولم تجد (..الأميات) سوقًا خارج مصر لمحليتها اللغوية وللعبارات والألفاظ المستخدمة فيها والأهم من هذا لأن النظام العربي كله، آنذاك، لم يكن مهيئًا لمواجهة أنور السادات كرمال عيون نجيب سرور مع أن السادات كان أهم راو للقصيدة وحافظ لها. السبعينيات كانت قاسية للغاية على سرور، فقد وصل فيها اضطهاده إلى زروته فتم فصله من عمله مدرسًا في أكاديمية الفنون في القاهرة إلى التشرد المأساوي مما حفزه، وهو الإنسان الذي يكره الصمت والخنوع والاستسلام، على كتابة قصائد الساخنة انتقد فيها بشكل لاذع سياسة حكومة أنور السادات تجاه الوطن والشعب وخاصة قمع الحريات العامة وحرية التعبير والتسلط على المثقفين والتنكيل بالمواطنين، وتحاملت أجهزة السلطة في حينها على الشاعر فلفقت له التهم المختلفة وساقته إلى مستشفى الأمراض العقلية. وقد تكرر ذلك سعيًا من السلطة لتحطيم نفسية نجيب سرور. فكتب نجيب سرور ما بين 1969 و1974 قصائد هجائية في قالب الرباعيات سجل فيها ما رآه قلبا للأحوال وسيادة النفاق والتصنع وتحكم التافهين بشروط معيشة وإبداع الموهوبين، بلغة تعد فاحشة وإباحية بكثير من التصريحات الجنسية وكلمات السباب، وعرفت في مجموعها بعنوان «.. الأميات».