حالة من الإرتباك والارتعاش تصل لحد التناقض، هكذا وصف بعض السياسيين الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المؤقت للعلاقات الخارجية الذي قدم استقالته اعتراضا على فض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول مرسي صباح اليوم، معللا ذلك بأن فض الاعتصام لم يكن وفق الأساليب السلمية. الدكتور البرادعي كان جزءا من أزمة عدم فض الاعتصام مبكرًا بتعاطفه مع الإخوان، حتي أن بعض السياسيين يصفون ذلك بتعاليه على إرادة الشعب المصري الذي نزل بالملايين مطالبًا بمكافحة الإرهاب. الدكتور البرادعي الذي وصف نظام الإخوان بالفاشل المستبد الذي يقتل روح الثورة، وذلك في تغريدة له يوم 9 يونيو 2013، وبعد أن أصبح نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية ذكر في " أحد حواراته أنه سيقدم استقالته إذا فض اعتصام الإخوان بالقوة، وعندما تم مواجهته بأن الاعتصامات مسلحة تراجع وقال نريد فض الاعتصام ولا أريده بالقوة، وكل ذلك أدي لوجود الأيدي المرتعشة للحكومة حتي اتهام الحكومة والرئاسة بأنها تسعي لتحويل مصر للدولة الهشة. الدكتور البرادعي كان صاحب فكرة مجيء الأوروبيين والغرب لزيارة مرسي وقيادات الإخوان لعقد صفقة الخروج الآمن الأمر الذي رفضه كل طوائف الشعب المصري الذي فوض الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب وفض الاعتصام. مواقف الدكتور البرادعي من الإخوان كانت صادمة، فبعد اتهامه أنه كان السبب في عدم فض الاعتصام بالقوة في الأيام الأولي، جاءت الصدمة القوية عندما تطابقت تصريحاته مع تصريحات كاترين أشتون المسئولة بالاتحاد الأوربي بشأن العمليات العسكرية في سيناء، والتي طالب فيها الجيش بضبط النفس. والغريب أن تصريحات ومواقف البرادعي أدت لانخفاض شعبيته ما يهدد بانهيار حزب الدستور الذي أسسه، حيث أعلن عدد من أعضاء حزب الدستور تقديم استقالات جماعية اعتراضًا على ما وصفوه بموقف الدكتور محمد البرادعى من جماعة الإخوان المسلمين واعتصامى النهضة ورابعة العدوية. حتي أن عدد من الأعضاء المؤسسين والعاملين بحزب الدستور والأمانات المختلفة المستقيلين من الحزب، ذكروا في بيان لهم أن سبب استقالتهم عدم اتخاذ موقف حاسم تجاه الأحداث السابقة والراهنة، مع ما اسموه عدم تبنى الحزب أيديولوجية سياسية واضحة مما أصاب الحزب بالعديد من الاختراقات والتوجهات المختلفة، وخاصة المتأسلمة (الإخوان)، ونتج عن ذلك العديد من الإضرابات والاستقالات والاعتصامات داخل مقر الحزب أكثر من مرة في عام واحد. وأعترض أعضاء الحزب على تصريحات البرادعى الأخيرة حول المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان المسلمين، وإصراره على أن الجماعة الإرهابية فصيل وطنى ومطالبته الإعلام بعدم شيطنة الإخوان ووقوفه ضد الرأى العام، وهو ما يتعارض مع أهداف ثورة 30 يونيو، ونزول الملايين لإزاحة هذه الجماعة من المشهد السياسي كليا، ومحاسبتهم على الأحداث الإرهابية والأرواح التي زهقت بأيديهم طوال العامين السابقين". كما اعترض أعضاء حزب البرادعي على ما اسموه التناقض الكبير والواضح في موقف البرادعى من التعاطف الكلى مع قتلى جماعة الإخوان في أحداث المنصة والحرس الجمهورى والمنصورة، على الرغم من مخالفتهم للقانون وترويع المواطنين وقطع الطرق وحمل سلاح، والتجاهل التام للعمليات الإرهابية في سيناء وشهداء القوات المسلحة والشرطة اليومية بسيناء وشهداء رفح (رمضان 2012)، والإخواة المسيحيين بالمنيا والأقصر وأبرياء الإسكندرية (مسجد القائد إبراهيم) وبين السرايات، ووقائع التعذيب داخل اعتصام رابعة والنهضة. الغريب ما أورده أعضاء الدستور المستقيلين أن موقف البرادعى تجاه أحداث الاتحادية وظهوره بمؤتمر جبهة الإنقاذ مطالبًا الشباب المعتصم المسالم المعتدى عليه من جماعة الإخوان بعد سقوط أكثر من عشر شباب قتلى بالانسحاب، واستعداده للحوار مع نظام الإخوان على عكس موقفه تماما في موقعة الجمل 2011، التي أعلن خلالها سقوط شرعية نظام مبارك، كما أنه لم يقدم للشهيد محمد الجندى شيئا يذكر مما قدمه للشهيد خالد سعيد، على الرغم من أن الجندى عضو بحزب الدستور وعضو بحملة دعم البرادعى مما يثير الكثير من التساؤلات!! . الكاتب مجدي خليل في أحد مقالاته ذكر أن البرادعي يتماهى مع رؤية الغرب في الحفاظ على الإخوان كتنظيم دينى وهو ما يخدم مصالحهم ولا يخدم مصلحة مصر، الإخوان فهموا رسالة البرادعى بوضوح.. المزيد من الإرهاب يعنى المزيد من التنازلات من قبل الحكومة، نائب الرئيس كان واضحًا في حواره مع «الواشنطن بوست».. لكنه حاول التنصل من ذلك والادعاء بأن هناك التباسًا حدث في فهم عباراته، البرادعى يريد خروج الإخوان بأقل الخسائر في مقابل تقليص نتائج 30 يونيو إلى مجرد إزاحة مرسي وهو ما يعنى تقنين الإرهاب. وأكد مجدي خليل أن البرادعى في حواره مع «الواشنطن بوست» بتاريخ 2 أغسطس 2013، وكانت العبارات واضحة تماما ولكنه حاول التنصل منها معللا بإساءة فهم ما قاله، ولكنه في حوار شامل لصحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 6 أغسطس 2013، عاد وكرر ما قاله في «الواشنطن بوست» تقريبا ولكن بطريقة غير مباشرة. فكرة البرادعى بسيطة وواضحة وهى الخروج الآمن لقيادات وأعضاء الإخوان في مقابل وقف العنف، ثم بعد ذلك عودتهم للحياة السياسية كما كانوا، والتفاوض معهم حول ما يطلبونه على أن لا يكون ضمن هذه الطلبات عودة مرسي للحكم، وأى شىء بخلاف ذلك يمكن الحوار حوله. ويتشارك البرادعى مع جون ماكين في تعليله لهذه التنازلات حتى لا تتحول مصر إلى بحور من الدماء على غرار الجزائر والعراق وسوريا. ولهذا كما يقول «يود أن يرى الإخوان والسلفيين يشاركون في كتابة الدستور»، «وأن يستمر حزبهم مثل السلفيين إذا كانوا يرغبون في العمل السياسي»، وهو يرفض «شيطنة الإخوان، لأنهم جزء من الشعب المصرى الذي يجب أن أضمن حقوقه في الحرية والعيش والكرامة الإنسانية»، ويبرر دفاع الولاياتالمتحدة عن الإخوان «نتيجة أنه كان هناك رئيس من الإخوان لمدة سنة»... باختصار البرادعي يريد خروج الإخوان بأقل الخسائر في مقابل تقليص نتائج ثورة 30 يونيو إلى مجرد إزاحة مرسي من المشهد. هذه المعادلة تعنى تقنين الإرهاب في مقابل وقفه مؤقتا، أي أن رسالته للمصريين تقول إنه كتب عليكم أن تعيشوا في ظل الإرهاب وعليكم ترضية الإرهابيين حتى تعيشوا في سلام. هو طبعا لا يقول عن الإخوان إرهابيين ولكن فصيل مصرى يسعى المغرضون لشيطنته، أي أنهم مجنى عليهم وعشرات الملايين من المصريين ناس مفترية تريد شيطنتهم. لقد فهم الإخوان الرسالة بوضوح، مزيدا من الإرهاب تعنى مزيدا من التنازلات عند الطرف الآخر، فزاد إرهابهم وزاد تهديدهم، وبعد أن تملكهم الرعب بعد 3 يوليو و26 يوليو عادوا إلى التبجح والتهديد . البعض يفسر أن استقالة البرادعي من منصبه تعني أن الغرب وصل إلى قناعه بأن العسكر في طريق الهاويه وانهم يفكروا بترويكا جديده للحكم يضمنوا للبرادعي فيه موقع متقدم، وقد تعرض البرادعي لكثير من الإنتقاذ من قبل السياسيين الدكتور حازم عبد العظيم الناشط السياسي قال " د. البرادعي: أشعر بالندم الشديد اني كنت أحد مؤيديك ؟ هل تريد احراج مصر دوليا؟ الم تشاهد الأسلحة ومناظر التعذيب في الاعتصام ؟ أم ماذا؟ " . المخرج خالد يوسف قال" استقالة البرادعي خيانة لشعب مصر وثورته أنه يضع سلاحًا في يد كارهي استقلال هذا الوطن ليضربونا به فليسقط من تخلي عن شعبه وهو وسط المعركة" . محمد أبو حامد البرلماني السابق" أي محاولة من البرادعي للتنظير في المستقبل سوف تواجه من الشعب بالأحذية بعد أن تخلى عن مصر في حالة الحرب التي تمر بها الآن في مواجهة الإرهاب فلتخرس أيها البرادعي للأبد لا نقبل منك كلام في الشأن العام" .