كثيرًا ما نبهنا لضرورة احترام حرمة الموت؛ فما نراه من مهازل في جنازات وعزاءات النجوم شيء يرثى له، تسابق بعص الزملاء على تصوير جنازات المشاهير وما يحدث فيها من بكاء ودموع وانهيار ورصد لمن غاب ومن حضر من المشيعين.. في مشهد بائس يعكس إفلاسًا مهنيًا وضحالة فكرية وسطحية مهنية.. وكنت أتمنى لو أن نقابة الصحفيين تنبهت للأمر قبل هذا وأخذت بزمامه فأعادت -بمهنية وموضوعية احترامًا لتراث وتقاليد مهنية عريقة- تقييم مثل هذه المشاهد وليتها تحقق في الأمر بعين محايدة لمحاسبة المخطئين من أبنائها إذا ثبت خطؤهم، ووضع قواعد ملزمة لتغطية تلك الجنازات، أو تبادر برد الاعتبار لهم حتى لا يأتي يومٌ آخر تبادرنا فيه نقابة المهن التمثيلية ببيان يمثل -في رأيي- لطمة وصفعة قوية على جبين صاحبة الجلالة بسبب تجاوز ثلة من المنتسبين إليها؟! فما معنى أن تطلب نقابة المهن التمثيلية على لسان نقيبها الفنان أشرف زكي من الصحفيين ومراسلي القنوات التليفزيونية كافة عدم حضور عزاء الراحل صلاح السعدني.. متذرعة بأن العزاء يقتصر على العائلة والزملاء فقط، المنع نزولًا على رغبة أسرة الفنان الراحل واحترامًا وتقديرًا لحالة الحزن والفراق التي تسيطر عليهم. ولم تكتف نقابة المهن التمثيلية بذلك بل -وذلك بيت القصيد وعلة المنع- أعلنت في ختام بيانها أنه سيتم الاتفاق على وضع أسس وقواعد تحدد آليات حضور مراسم الدفن أو الجنازات بين نقابة المهن التمثيلية والصحفيين والمراسلين حتي لا تسيء القلة لهذه المهنة العظيمة..فماذا يعنى ذلك؟! يعنى أن هناك إساءة وقعت من شرذمة من الصحفيين والمراسلين فأساءت للمهنة كلها.. فأين كانت نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين من هذه التجاوزات المسيئة.. هل غابتا عن المشهد أم تغافلتا عما حدث حتى أخذت المهن التمثيلية بزمام الأمر فمنعت وعزمت على وضع أسس جديدة لتغطية جنازات ذويها وعزاءاتهم، وذرًا للرماد في العيون، قالت إنها ستقوم بتنسيق الأمر مع نقابة الصحفيين؟! والسؤال: ما السبق الصحفي الذي يلهث وراءه البعض في الجنازات والعزاءات حتى لو كانت لمشاهير.. هل يرضى أحدكم ان يفعل في جنازته ما يفعله في جنازة من رحلوا.. هل ضاقت سبل السبق الصحفي وانتحر الإبداع وشاعت السطحية والتفاهة وعدم الاكتراث بحرمة الموت لهذا الحد.. أليس الموت واعظًا.. فلمَ لا تتعظون؟! أتمنى أن تعيد نقابة الصحفيين تقييم الأمر لتقول لنا بطريقة علمية وموضوعية لماذا تراجعت المهنة حتى بات ينظر إليها على أنها متطفلة بعد أن كان الجميع يتسابق ويتمنى رضاها ويخطب ودها ويعمل لها ألف حساب؟!
رضا الناس غاية لا تدرك! رصيدك الحقيقى.. سيرةٌ طيبة وعملٌ ينفع الناس!
وماذا سيفعل مجلس النقابة لرد الاعتبار للمهنة والأخذ على أيدى المتهاونين المتجاوزين من أبنائها؟! ونحن في انتظار ما ستفعله نقابة الصحفيين إزاء ما وقع من تجاوز وإسفاف في جنازة الراحل صلاح السعدني وفي البيان الصفعة.. فكرامة المهنة وأصحابها باتت على المحك يا أولى الألباب.. فماذا أنتم فاعلون؟!
