ستظل انتصارات السادس من أكتوبر محفورة في ذاكرة التاريخ بسطور من نور، وهذا الانتصار قلب موازين كثير من الخطط العسكرية بعد تسطير الجندى المصرى بطولات عظيمة خلال المعارك التي أذهلت العالم، وكان العريف محمد إبراهيم عبد المنعم المصرى - ابن محافظة البحيرة- أحد هؤلاء الأبطال، بعد اصطياده 27 دبابة إسرائيلية، من بينها دبابة كانت تقل عساف ياجورى قائد اللواء 190 مدرع، في 8 أكتوبر 1973، وهو اليوم الذي اسماه الإسرائيليون باليوم الأسود. كان البطل محمد المصرى مقاتلا ضمن اللواء 128 مظلات وكان يستخدم صواريخ روسية الصنع تسمى "فهد" طولها 76 سم ووزنها 6كجم، كانت صعبة الاستخدام، فقد كان يتم توجيهها بسلك عن طريق صندوق التحكم الذي كان يحمله البطل. وفي 7 أكتوبر خرج محمد المصرى في أول مهمة له مع طاقمه المكون من جنديين يقومان بتجهيز الصواريخ ليطلقها، ومرت ساعة ونصف بعدها ظهرت أمامه دبابة إسرائيلية وانتظرها لتصل إلى مرماه، وعندما وصلت بالقرب منه على بعد 3 كم أطلق البطل أول صاروخ فدمر تلك الدبابة واستمر في تدمير الدبابات الإسرائيلية حتى دمر 27 دبابة من إجمالي 30 دبابة قذفهم بالصواريخ، فحقق البطل محمد المصرى رقما قياسيا في تدمير الدبابات، إذ أن المعدل العادى لصائد الدبابات من 6 إلى 10 دبابات. كان محمد المصرى وزملاؤه يقومون بمهمة ويعودون إلى قواعدهم، بينما يتولى زملاؤه من المشاة إحصاء عدد الدبابات المدمرة وأسر طواقمها، لذا فهم لا يعرفون شيئا عن هوية الموجودين بين هذه الطواقم، واستمر البطل 18 يوما على جبهة القتال في سيناء، وكان يتمركز في منطقة وادى الفردان، وخلال تمركزه فوجئ بشخصين مصريين لايعرفهما، واصطحباه إلى مركز قيادة الفرقة الثانية مشاة، ووجد نفسه أمام العميد حسن أبو سعدة ،الذي أجلسه إلى جواره، ثم عرفه العميد حسن أن هناك شخصا يريد رؤيته، ففوجئ بأنه العقيد الأسير عساف يا جورى قائد اللواء المدرع 190 الإسرائيلى. وأخبره العميد حسن بأن عساف ياجورى طلب منه طلبين الأول أن يشرب ماء، والآخر أن يرى الجندى الذي دمر دبابته، وعندما شاهد عساف ياجورى هذا البطل أدى له التحية العسكرية، ثم قام المشير أحمد إسماعيل- وزير الحربية- بتقليد محمد المصري وسام نجمة سيناء، كما دعاه الرئيس السادات لحضور حفل إعادة افتتاح قناة السويس في 5 يونيو 1975، ومنذ ذلك التاريخ غاب البطل محمد المصري تماما عن الأضواء.