اعتادت الكنيسة المصرية مشاركة أبناء الوطن مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، فقد كان الجميع يتناولون إفطارهم على مائدة الوحدة الوطنية، لكن الظروف الحالية منعت الكنائس من إقامة حفل الإفطار الجماعي للمسلمين والأقباط، ولأن ما لا يدرك كله لا يترك جله، فقد قامت الكنائس بتوزيع كرتونة رمضان. دير الأنبا بولا ببوش -مركز ناصر ببني سويف– لم يتمكن قساوسته من إقامة مائدة يلتف حولها الشيخ والقس، والمسلم والمسيحي، نظرًا لما تشهده البلاد، فقام الدير بتوزيع 150 كرتونة رمضانية تحمل عبارات التهاني للإخوة المسلمين، وتضم تشكيلة من المواد الغذائية التي تحتاجها المنازل، وتم توزيعها على الأسر المسلمة البسيطة إيمانًا بالوحدة والتماسك. في غير الشهر الكريم يقوم دير الأنبا بولا بتوزيع البطاطين والأغذية وغيرها على البسطاء من الأخوة المسلمين، وذلك تحت إشراف وكيل الدير القمص باسيليوس والأنبا بولا، تحت رعاية الأنبا دانيال رئيس دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، واللافت اعتلاء هلال يحتضن صليبًا أعلي القصر القديم بالدير، وأيضا أعلي مبنى الخدمات الجديد التابع للدير. لم يكن للأنبا بولا فحسب اتخاذ هذا النهج المحب، وإنما أديرة الصديق الأنبا أنطونيوس -بمركز ناصر أيضًا- فقد قام القمص فام الأنطوني وكيل الدير، تحت رعاية الأنبا يسطس رئيس دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر بتوزيع آلاف الكراتين الرمضانية، لرسم الباسمة على شفاه الأسر الفقيرة من الإخوة المسلمين خلال الشهر الكريم. هذه العادة سنوية لا تنقطع إطلاقًا، وهناك العديد من الكنائس بالقاهرة والمحافظات قامت بتوزيع كراتين رمضانية على بعض الأسر نظرًا لعدم تمكنهم من الجلوس إلى مائدة واحدة، وهي الفكرة التي بادر بها أحد الكهنة الأرثوذكس بمنطقة شبرا مصر عام 1969 أي خلال عهد البابا كيرلس السادس، وكانت تحت اسم "العيش والملح.. المحبة المصرية"، وسار على نهجه البابا المتنيح شنودة الثالث، فأمر بتنفيذها وتعميمها تحت اسم "الوحدة الوطنية". ولم يقتصر مشاركة أشقاء الوطن على الكنيسة الأرثوذكسية فحسب، بل بالكنائس الأخرى، مثل الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، التي يلقبها شباب الثوار ب"كنيسة الميدان" نظرًا لقربها من ميدان التحرير، التي فتحت أبوابها على مصراعيها أمام الثوار المصابين، من خلال مستشفي ميداني أقامته أثناء ثورة 25 يناير، فقد أقامت "الإنجيلية" إفطار رمضاني منذ بدء الشهر بميدان التحرير وبشارع قصر النيل يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، تحت شعار "مائدة أفطار المحبة الوطنية". كما قامت الكنيسة الإنجيلية بتوزيع عدد من كراتين رمضان على بعض فقراء المسلمين، مشاركة في فرحتهما بالوحدة الوطنية وشهر رمضان.