لأن الأيام دول ودوام الحال محال، تبدلت الأوضاع في مصر سريعًا، فبعد أن كان ممثلو تيار الإسلام السياسي يجلسون على مقاعد الحكم أطاحت بهم ثورة 30 يونيو خارج معادلة السلطة، وبات مستقبلهم السياسي في علم الغيب، ولم يتبق لهم سوى محاولة تحسين صورتهم والوصول إلى الناس بمفاهيم جديدة تزيل الصورة الذهنية السيئة، لكن هذا الأمر يتباين بين حزب وآخر. ويأتى حزب النور - الذراع السياسية للدعوة السلفية - كأقل أحزاب التيار الإسلامي خسارة، ويمكنه الاندماج سريعًا في الحياة السياسية بسبب ابتعاده عن ركاب جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول، وتواصله المبكر مع جبهة الإنقاذ، وقيامه بطرح أكثر من مبادرة لمحاولة الخروج من الأزمات، والمشارك في خريطة طريق ثورة 30 يونيو. وهناك حزب الوطن السلفى، الَذى انسلخ برئاسة الدكتور عماد عبدالغفور عن حزب النور بمكيدة من المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين لإضعاف حزب النور وتشتيت السلفيين وإضعافهم كبديل للإخوان قبل زلزال 30 يونيو الذي توقع ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية بأنه سيسقط مرسي. بينما باعت الجماعة الإسلامية نفسها للإخوان من أجل المناصب السياسية، وهى التي كانت على بعد خطوات قليلة من العودة إلى الشارع المصري، إلى أن جاءت تصريحات عاصم عبدالماجد أحد قياداتها البارزين، وطارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية - الجناح السياسي للجماعة - الدموية والتي أثارت استياء جموع الشعب، لتكبد الجماعة الإسلامية الغالي والنفيس، خاصة وأنه راق لها تصريحات جهاديين منهم محمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة التي تعلن الجهاد على المعارضين والجيش وتكفرهم. ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لأحزاب الأصالة والفضيلة والعمل الجديد، فهذه الأحزاب الهشة التي ليس لها تأثير على الأرض، كانت وما زالت ترتدى ثياب جماعة الإخوان لمصالح ذاتية، في حين ارتمى حزب الراية الذي أسسه حازم أبوإسماعيل في أحضان الإخوان وفقد شعبيته بسبب دفاعه عن مرسي وجماعته وإهانته لمؤسسات الدولة بتصريحات عنترية طالت الفريق عبدالفتاح السيسى نفسه على لسان حازم صلاح أبو إسماعيل. الدكتور شعبان عبد العليم، الأمين العام المساعد لحزب النور السلفي أكد أن بيان الجيش كان واضحًا في احتواء جميع القوى السياسية وعدم إقصاء فصيل بعينه عن الحياة السياسية، والسماح لجماعة الإخوان المسلمين - على وجه التحديد - بممارسة دورها الطبيعى فيها، مؤكدًا أن المصريين لن ينفصلوا عن التيار الإسلامي مطلقًا، ولكن سوف يكون هناك انهيار تام في شعبية بعض الأحزاب الإسلامية في ظل وجود حالة نفور منها، يحتاج فترة طويلة منها لاستعادة شعبيتها مرة أخرى. ويرى الدكتور كامل عبدالجواد -المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية بالجيزة، والقيادى بحزب الوطن - أن التيار الإسلامي جزء لا يتجزأ من أطياف الشعب المصرى ولا يمكن إقصاء أي فصيل سياسي، وأن هذه الأحزاب سياسية وليست دينية، مؤكدًا أن الإسلاميين لن يعودوا للعمل السرى مرة أخرى. واتفق مع استحالة إقصاء أي فصيل إسلامى خارج الحياة السياسية محمد مرسي - القيادى بحزب الراية السلفى الذي يتزعمه حازم أبو إسماعيل - قائلاً: «الجماعات والأحزاب لن تعمل في السر مرة أخرى، فقد تمكنت من العمل في النور منذ ثورة 25 يناير وأصبحت لها أحزاب وجمعيات مرخصة ومشهرة ولها مؤيدوها على أرض الواقع، وسوف تعود إلى طبيعتها في القريب العاجل.