سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«انقلاب عسكري بإرادة شعبية».. روبرت فيسك يتحدث: لأول مرة في التاريخ لا يعتبر اغتصاب الجيش للسلطة انقلابا.. المصريون أول من يطالبون بهذه الشرعية.. موقف أوباما «غريب»
متى يعتبر الانقلاب العسكري ليس انقلابًا عسكريًا؟.. إنها مصر التي يمكن أن ترى أو تسمع فيها هذا الأمر. وعلى القادة الغربيين الذين دومًا ما أخبرونا أن مصر على طريقها الصحيح صوب الديمقراطية أن يتذكروا أن "مرسي" رئيس منتخب ديمقراطيا في انتخابات شهد لها الغرب ورفع لها العالم القبعة. ولأول مرة في تاريخ العالم، لا يتم اعتبار اغتصاب الجيش للسلطة "انقلابا"، فالجيش المصري استولى على السلطة وعزل واعتقل رئيس منتخب انتخابا ديمقراطيا وعلق الدستور، وألقى القبض على قادة الحزب الحكام وأغلق المحطات التليفزيونية وحاصر الحشود المؤيدة في شوارع العاصمة المصرية (القاهرة). ومع كل ذلك، لم يتلفظ الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بلفظ "الانقلاب" حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة لم يجرؤ على التفوه بهذا اللفظ. فالأمر يبدو كما لو أن قادة العالم لم يعرفوا شيئا عن هذا الانقلاب. هل هذا التكتم العالمي السافر فقط لأن الملايين من الشعب المصري طالبوا بمثل هذا الانقلاب؟! وبالفعل، أصبح المصريون أول شعب في العالم يحتشدون ويطالبون بانقلاب عسكري. هل هذا التكتم نابع من مخاوف إدارة "أوباما" من أن الانقلاب سيجبر الولاياتالمتحدةالأمريكية على فرض عقوبات على الأمة العربية الأكثر أهمية في العالم العربي وهو الأمر الذي قد يؤثر على السلام مع إسرائيل- الحليف الأقوى لواشنطن بالمنطقة، أم لأن الرجال الذين دبروا هذا الانقلاب ربما يفقدون المعونة الأمريكية- 1،5 مليار دولار- إذا اعترفوا بأنهم قاموا بانقلاب. وفي هذا الموقف الذي تشهده مصر، نتذكر كلمة الرئيس الأمريكي "أوباما" في جامعة القاهرة عام 2009 "هناك بعض القادة الذين لا ينادون بالديمقراطية إلا عندما يكونون خارج السلطة.. وعندما يصبحون على رأس السلطة، فإنهم يصبحون بلا رحمة في قمع الآخرين وانتهاك حرياتهم.. يجب عليهم أن يحترموا الأقليات ويشاركوا بروح من التسامح. ودون هذه المبادئ، لا يمكن للانتخابات وحدها أن تحقق الديمقراطية الحقيقية". ومن الغريب أن "أوباما" لم يتفوه بمثل هذه الكلمات- التي ألقاه منذ سنوات- اليوم عندما حدث بالفعل انقلاب حقيقي. وبغض النظر عن هذا التغاضي، إلا أن تلك الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا بسبب الأخطاء التي ارتكبها "محمد مرسي". لقد عامل "مرسي" أعضاء جماعته على أنهم سادة للشعب المصري بدلا من كونهم خادمين للشعب في مناصبهم الحكومية، لم يبد أي اهتمام بالأقليات المسيحية بالبلاد ومن ثم غضب الجيش كثيرا عندما حضر الرئيس اجتماعا دعا إلى الجهاد إلى سوريا لقتل الشيعة وإسقاط نظام الأسد. ولكن هناك حقيقة واحدة برزت خلال ال48 ساعة الماضية، ليس هناك من هو أسعد وأكثر ارتياحًا الآن من الرئيس السوري "بشار الأسد" الذي ستقوى شوكته في حربه ضد الإسلاميين أو الإرهابيين في بلاده. ورغم أن الغرب يعمل جاهدًا على تدمير نظام "الأسد"، إلا أنه لم يفعل شيئا على الإطلاق حيال تدمير الجيش المصري لرئيس منتخب فقط مشكلته أنه وقف بجانب معارضي "الأسد" من الإسلاميين. بل والأكثر استغرابا أن الجيش المصري وصف أنصار الرئيس "مرسي" ب"الإرهابيين والحمقى"، أليس بتلك الكلمات دائما ما يصف "الأسد" أعداءه؟! فالغرب يريد أن يقول إن مصر ما زالت على طريقها نحو الديمقراطية ولكنها تمر بفترة انتقالية جديدة كالتي شهدتها مصر بعد الفترة الانتقالية التي حكم فيها العسكر عقب إسقاط "مبارك" في انتفاضة يناير 2011، وإن المصريين دعموا الانقلاب الذي لا يعد إنقلابا!! هل حقق الرئيس الأمريكي "جورد دبليو بوش" فوزا في الانتخابات الرئاسية؟ لقد فعلها "مرسي" وفاز بالانتخابات الرئاسية وحصل على عدد من الأصوات الشعبية أكبر من التي حصل عليها "ديفيد كاميرون". يمكننا القول إن "مرسي" فقد ولايته ومنصبه عندما لم يعد يتمتع بتأييد غالبية الشعب. لكن هل هذا يعني أن القادة الغربيين يجب أن يسقطوا عندما تنخفض شعبية رؤساء وزارات تلك البلدان أسفل ال50 % في استطلاعات الرأي الشعبية؟.. والأهم: هل سيسمح لجماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة أم سيتم حظرهم.. وعلى افتراض أنهم شاركوا، ماذا سيحدث لو فاز مرشحهم بالانتخابات الرئاسية؟ نقلًا عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.