أصدرت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة حكمها في الطعن رقم 46 لسنة 55 قضائية عليا بإلغاء قرار تحميل اللواء شرطة سابق مبلغ 151 الف جنيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيته في استرداد ما سبق خصمه من معاشه نفاذا لهذا القرار. التأديبية العليا تلغي قرار رئيس جهاز المحاسبات بمجازاة مدير عام التأديبية تبرئ مسئولا سابقا بالتأمينات من تهمة عمل مأموريات وهمية وكان الطاعن "عامر شعبان علي" أقام طعنه الماثل طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا، بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية بخصم ربع الحافز المضاف للمعاش شهريا بمبلغ (1250 جنيها)، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها رد ما سبق خصمه.
قيمة ضرر مالي وذكر الطاعن شرحا لطعنه، أنه كان يشغل وظيفة ضابط شرطة برتبة لواء، وعلى المعاش حاليا، وفوجئ بهيئة معاشات الشرطة تخصم مبلغا من معاشه، وباستفساره تمت إفادته بأن الخصم بناء على كتاب الإدارة العامة للشئون القانونية بجبر قيمة ضرر مالي قدره 151 الف جنيه يتم خصمه من معاشه بواقع (1250 جنيها ) شهريا، على سند من تعاقد وزارة الداخلية على توريد أجهزة اتصالات، وإزاء عدم توريد الشركة طرف التعاقد فقد تم تحميله بالمبالغ التي مثلت ضررا للوزارة بحسبانه عضوا بلجنة (الأبندكس) التي لا يعلم عنها شيئا.
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الثابت بالأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها أبرمت عقد مع شركة الفتح للاستثمارات والمشروعات لتوريد أجهزة اتصالات، وإزاء عدم توريد تلك الشركة عدد (125 جهاز) فقد صدر قرار تحميل الطاعن وغيره بمبلغ مالي بلغ مجموعه 604 الف جنيه بالتضامن، على سند من أنه بحسبانه عضوا بلجنة إعداد الجدول التفصيلي للكميات المطلوبة من الأجهزة أغفل البند الخامس من المواصفات الفنية لتلك الأجهزة، ولم يحرر فحواه بالجدول التفصيلي المذكور الذي ستُجرى على أساسه الممارسة المحدودة المنتهية إلى إبرام العقد، مما أدى إلى عدم توريد تلك الأجهزة، فاتخذت الجهة الإدارية إجراءات خصم مبلغ مقداره 151 الف جنيه من معاش الطاعن بواقع 1250 جنيها شهريا اعتبارا من شهر ابريل 2018 حسب الثابت بكتابٍ موجه إلى الطاعن من مدير الإدارة العامة للتأمين والمعاشات بالجهة الإدارية المطعون ضدها.
العرض الفني وإذ خلت الأوراق جميعها مما يفيد عضوية الطاعن بلجنة إعداد "الأبندكس" والمقصود به الجدول التفصيلي للكميات، وجاءت خلوا من قرار تشكيل تلك اللجنة لبيان شمولها الطاعن بعضويتها من عدمه، رغم ما أثاره بتظلمه المقدم لجهة عمله غير مرة، وما أثاره كذلك بصحيفة طعنه بجلاء، مشيرا إلى أنه ليس عضوا بتلك اللجنة من الأصل، ولم يُشارك في أي من إجراءات هذا التعاقد على مراحله كافة. كما خلت أوراق الطعن كافة من أي مستندات تخص هذا العقد المنوه عنه، وما اشتمل عليه من كراسة الشروط المحددة بها الكميات المطلوبة من الأجهزة، والعرض الفني المقدم من الشركة طرف التعاقد. كما لم تتضمن الأوراق في هذا الشأن سوى تقرير فني لتقييم العروض المُقدَّمة من الشركات المتنافسة، مُعدٌّ من لجنة لم تتضمن الطاعن في عضويتها، ولم تَحمِل أوراق الدعوى أي إشارة تُفيد يقينا شمول الطاعن بعضوية أي من لجان إجراءات هذا التعاقد، فجاءت الأوراق قاصرة عن تحديد ما يُمكن التعويل عليه سببا في القرار الطعين، كما خلت مما يفيد إجراء تحقيق فُنِّدَت فيه الاتهامات الموجهة إلى الطاعن وما قابلها من أقوال تَعَيَّن اطِّلاع المحكمة عليها لتقضي بحقٍ في شأن قيام القرار المطعون فيه على أساس صحيح من الواقع والقانون، أو افتقاره لما يقوم أي منهما سندا له.
اختصاصات الطاعن وبخلو الأوراق من جميع ما تقدم، فقد عُدَّ نكول الجهة الإدارية عن تقديم ما لديها من مستندات حَجبا لمُكنات المحكمة القانونية والواقعية في الوقوف على اختصاصات الطاعن ومسئولياته بشأن التعاقد المشار إليه، والوقوف كذلك على مواجهته بالاتهامات المسندة إليه وأدلتها، ودفوعه التي أبداها بشأنها، وبالجملة مدى استيفاء التحقيق معه إن كان قد أجري لجميع الضمانات القانونية المقررة في هذا الشأن، مما يُقيم قرينة مفادها صحة ما يدعيه الطاعن من عدم قيام القرار المطعون فيه بتحميله المبالغ المالية المشار إليها خصما من معاشه على سبب مشروع، ليوصَم والحال كذلك بعيب بمخالفة القانون، فيضحى خليق بالإلغاء.
ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغا مقداره (151000 جنيه)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيته في استرداد ما سبق خصمه من معاشه نفاذا لهذا القرار.