سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجمهوريون يعترضون على خطة أوباما لمكافحة الاحتباس الحراري.. تسمح للحكومة الفيدرالية بالسيطرة على الاقتصاد.. تؤثر على معدلات العمل والتشغيل.. تقلل من حجم المرونة الموجودة بأسواق الطاقة
كان أوباما قد وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية مكافحة الاحتباس الحراري -أول من أمس- في خطابه بجامعة جورج تاون، حيث قال: " التغيرات المتراكمة على مدى عقود أصابت كوكبنا بآثار سلبية عميقة تؤثر على البشرية كلها، وهناك 12 عامًا من بين الأعوام الأكثر ارتفاعًا في درجة حرارة الأرض عبر التاريخ تم تسجيلها خلال الأعوام الأخيرة، ووصلت درجات الحرارة لمستويات غير مسبوقة وتقلصت مساحة الجليد في القطب الشمالي بأسرع من تنبؤات العديد من العلماء" وتعتمد خطة أوباما بشكل أساسي على خفض تلوث الكربون، حيث يشكل غاز ثاني أكسيد الكربون نحو 80% من انبعاثات الغازات الدفينة، ولذا يحاول أوباما الحد من استخدام الوقود الأحفوري في وسائل النقل الثقيلة ومحطات تشغيل الكهرباء، من أجل تحقيق مقترحه الذي يقضي بخفض الانبعاثات الحرارية بنسبة 17% عن مستوياتها في عام 2005 من خلال نظام صارم لمعايير استخدام الطاقة سوف تضعه وكالة حماية الطاقة الأمريكية. وتقوم الخطة على مجموعة من الخطوات أبرزها: الاستثمار في المصادر النظيفة للطاقة، وفرض قيود اتحادية على محطات الطاقة لوضع حد للإغراق اللامحدود من انبعاثات الغازات الدفينة، وتوجيه وكالة حماية البيئة إلى وضع معايير جديدة منظمة وصارمة لاستخدام الطاقة وحجم التلوث الناتج عنها بحلول يونيو من العام المقبل، على أن يبدأ التنفيذ في عام 2016، وهو الأمر الذي أقرته المحكمة العليا في عام 2007 حينما قررت ضرورة تنظيم الوكالة لإجراءات تعيد تنظيم الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لكن خطة أوباما المقترحة، والتي كان وعد بها منذ عام 2009، تلقى معارضة شديدة من خصومه الجمهوريين ومن الشركات الكبرى العاملة في مجال الطاقة والشركات الصناعية الكبرى. وتتمثل إحدى أوجه النقد في أن أوباما يريد وضع قيود صارمة ويفرض المزيد من الرقابة والتحكم على شركات الطاقة، حيث يشير البعض إلى حقيقة مهمة وهي أنه وفقا للبيانات المتحدة في عام 2011، فقد انخفضت الانبعاثات الحرارية بالفعل في الولاياتالمتحدة بنسبة 8.5% منذ عام 2005، ولا يعود ذلك إلى خطط مثل التي يقترحها أوباما، لأن السبب يتمثل ببساطة في تغيير أنماط المستهلكين، فشركة مثل ديتروا بدأت منذ سنوات في تصنيع سيارات أكثر كفاءة في جانب استخدام الوقود، وثمة تحول إلى الاعتماد في الحافلات والسيارات على الغاز الطبيعي الأوفر والأرخص كبديل عن الفحم الذي يعد أكثر تكلفة في النقل والشحن والاستهلاك. ويعتقد العديد من الجمهوريين أن استمرار التوجهات الحالية، -وهذا هو الأرجح- يعني أن حركة السوق التلقائية كفيلة وحدها دون التدخل والإنفاق الحكومي الضخم في الحد من الانبعاثات الحرارية بشكل يفوق خطط أوباما لعام 2020؛ فلو تركت السوق حرة، فإنه من المتوقع أن يستمر التلقيص من استخدام الفحم والوقود غير النظيف في وسط وغرب الولاياتالمتحدة التي بدأت تدريجيًا التوجه لبدائل إستراتيجية أكفأ وأرخص مثل الغاز الطبيعي والطاقة النووية والطاقة الهيدروكهربائية، من غير أن يمس ذلك وضع الشركات العاملة في مجالات الطاقة التقليدية. أما خطة أوباما تقلل من حجم المرونة الموجودة بأسواق الطاقة لأنها تفرض قيودًا صارمة على كل محطة لتوليد الكهرباء، فضلًا عن المعايير الاقتصادية الخاصة باستهلاك الوقود في السيارات ومستخدمي الشاحنات الخفيفية التي تعني زيادة غير ضرورية وغير منظمة في الاستخدام المفرط وغير المتوقع للغاز الطبيعي، بما يؤثر على أسعار الكهرباء للمصنعين والشركات التجارية وأصحاب المنازل. وتفرض هذه الإجراءات الصارمة كذلك قيودًا على المصانع الأمريكية والمؤسسات التجارية العملاقة التي ربما تلجأ إلى أسواق أكثر تنافسية مثل الصين، بل إن ضخ هذا الكم من الاستثمارات لا يضمن الوصول لغرض أوباما باستخدام الطاقة المتجددة في أنحاء متفرقة من الولاياتالمتحدة في عام 2020. وبالمثل يعارض مقترحات أوباما الشركات الكبرى العاملة في مجال الطاقة، لأنه سوف يقلل من الإعفاءات الضريبية التي تمتعت بها منذ عهد الرئيس السابق، جورج دبليو بوش، ما يعني دفعها لضرائب أكثر توجها إدارة أوباما إلى قطاعات وشكرت محددة للاستثمار في الطاقة النظيفة، وهو الأمر الذي يعده البعض تدخلًا حكوميًا يهدف إلى السيطرة على طريقة عمل وتنظيم قطاع الطاقة الأمريكي. ويقول المعارضون -أيضًا- إن إدارة أوباما تتجاهل أن اقتصاد الصين، الذي يمثل نصف حجم الاقتصاد الأمريكي يولد انبعاثات حرارية تزيد بمقدر ضعفين عن أمريكا وأوربا، وأن ثمة دول نامية أخرى مثل الهند تزيد أعباء وضخامة هذه المشكلة المناخية، ويجب التفاوض معها أولًا لخفض انبعاثاتها الحرارية بدلًا من أن تنفق الولاياتالمتحدة مليارات في مشروعات للطاقة النظيفة لن تسهم كثيرًا في حل مشكلة المناخ من دون قيام العديد من الاقتصاديات الصاعدة بنفس الأمر من هنا يمكن القول: إن خطة أوباما حول مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري تمثل قضية خلافية كبرى بين الديمقراطيين والجمهوريين مثلما كان الوضع مع قانون الرعاية الصحية وغيره، وهو خلاف أعمق بين رؤى تريد استمرار الرأسمالية الأمريكية تعمل دون قيود وتحفظات، وبين توجهات جديدة يمارسها أوباما تعمل على تعزيز رقابة الدولة على بعض الأنشطة الاقتصادية المركزية في ظل استمرار الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت الولاياتالمتحدة في عام 2008.