حذر الدكتور أيمن شبانة، نائب مدير مركز الدراسات السودانية بجامعة القاهرة، من تداعيات توقيع دولة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبى ووصفها بالكارثة. وأكد "شبانة"، في تصريحات خاصة ل"فيتو"، أنه في حال انضمام جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبى، سيصبح عدد الدول المنضمة إلى الاتفاق ثمان دول، الأمر الذي يهيئ الأوضاع لإنفاذه، بما يعنى ضمنيًا وقف العمل بمبادرة حوض النيل، وإيجاد نمط جديد لتقاسم المياه بين دول الحوض، ومن ثم عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية المكتسبة لمصر في مياه النيل. وكشف "شبانة" عن أن اتفاق نيفاشًا للسلام في السودان، والذي تم توقيعه في 9 يناير2005 لم يتعرض لمسألة تقاسم المياه بين السودان ودولة الجنوب السودانى. وفى حال عدم التزام دولة الجنوب بقواعد الاستخلاف الدولى، فقد يدفعها ذلك إلى رفض الاعتراف باتفاقيتى 1929 و1959، والمطالبة بحصة محددة في مياه النيل، وهو ما يعنى إضافة دولة جديدة إلى قائمة الدول التي ترفض التقسيم الحالى للمياه في حوض النيل. وأشار "شبانة" إلى أن قرار إقامة مشروعات لاستقطاب الفواقد المائية في جنوب السودان أصبح قرارا جنوبيًا صرفًا، بعد أن أصبح الجنوب دولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما يزيد من المخاوف المصرية، في ظل ما هو معروف عن رفض معظم قيادات الجنوب والجماعات الرعوية فيه إقامة هذه المشروعات، مثلما حدث من قبل بالنسبة لقناة جونجلى. وذلك فضلًا عن أن نجاح مصر في الوصول إلى اتفاقيات مع دول المنابع الاستوائية لإقامة مشروعات لزيادة إيراد النيل يستلزم أيضًا عقد اتفاقيات موازية مع جنوب السودان، خاصة أن كميات المياه الإضافية التي سوف توفرها هذه المشروعات سوف تمر بالطبع عبر أراضي الجنوب. ويخشى نائب مدير مركز الدراسات السودانية بجامعة القاهرة من ارتباط جنوب السودان بقوى خارجية تتعارض سياساتها مع المصالح المصرية والعربية، وهو ما يعنى إعادة صياغة التوازنات الإقليمية، بالخصم من القدرات المصرية لصالح قوى أجنبية. وهنا يبرز دور إسرائيل. وهو ما برز جليًا من خلال دعم إسرائيل القوى لانفصال جنوب السودان، ومبادرتها بالاعتراف بدولة الجنوب بعد قيامها، وتبادل التمثيل الدبلوماسى الكامل معها على مستوى السفارة، وحضورها القوى في الجنوب في مجالات التدريب العسكري والتسليح والاستثمار، -كما يرى شبانة- خاصة في قطاعات البنية الأساسية والزراعة والبناء والتشييد. كما تعددت الزيارات المتبادلة بين الجانبين. وعلى ضوء ذلك يبين "شبانة" أن إسرائيل تستثمر الآن ما اتبعته من سياسات استباقية في مواصلة الضغط على جنوب السودان، عبر استخدام سلاح المساعدات المالية وتنمية البنية الأساسية، من أجل التشدد في الموقف التفاوضى مع مصر، بحيث يتم تنفيذ بعض المشروعات المائية في جنوب السودان، بما يزيد من كمية المياه المتدفقة إلى مصر، التي سوف يتعين عليها في المقابل الموافقة على تزويد إسرائيل بحصة من مياه نهر النيل، وذلك بالتنسيق مع باقى دول المنابع الأخرى، خاصة إثيوبيا وأوغندا، التي تملك علاقات قوية ومتنامية مع إسرائيل.