يمثل كتاب "كنت سفيرًا لدى السلطان"، للسفير عبد الرحمن صلاح، الذي شغل منصب سفير مصر لدى تركيا من عام 2010 إلى عام 2013، وثيقة مهمة وشهادة خاصة على أحداث حقبة أريد فيها أن تصبح بلادنا تابعة ومنصاعة لأحفاد العثمانيين، الذين احتلوا في السابق مصر وأوقفوا تقدمها لفترة طويلة، وارتكبوا فيها أبشع المجازر.. وليس أدل على هذا من قول المؤرخ المصري "محمد بن إياس" في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" إن "ابن عثمان انتهك حرمة مصر وما خرج منها حتى غنم أموالها وقتل أبطالها ويتَّم أطفالها وأسر رجالها وبدد أحوالها...". وقد كان "ابن إياس" بليغا حين قال في خلاصة رصده التاريخي لما جرى بعد سقوط مصر في يد العثمانيين: "من العجائب أن مصر صارت بعد ذلك نيابة، بعد أن كان سلطان مصر من أعظم السلاطين في سائر البلاد قاطبة، لأنه خادم الحرمين الشريفين وحاوى ملك مصر....". ويحمل كتاب السفير "عبد الرحمن صلاح" ، الذي صدر حديثا وضم بين دفتيه 14 فصلا ، سردا لوقائع ومواقف وأحداث خفية كان شاهدا عليها وتكشف إلى أي مدى كانت العلاقات بين مصر وتركيا خلال تلك الحقبة، لا سيما خفايا علاقة الرئيس المعزول "محمد مرسي" بالرئيس التركى "رجب طيب أردوغان" ودور "عصام الحداد" مساعد "مرسي" في رسم السياسة الخارجية المصرية لتصب في القناة التركية، ولولا تدخل هذا السفير الوطني هو وأعضاء السفارة لحدثت كوارث.. ويرصد كتاب السفير "عبد الرحمن صلاح" حقيقة ما جرى من خلال الكشف عن معلومات مثيرة وتحليل سياسات البلدين، بلغة تجمع بين السهل والممتنع، حيث تناسب غير المتخصص وأيضا الباحثين والعاملين في الحقل الدبلوماسي. ويأتى هذا الكتاب في ظل تصاعد العداء التركي لمصر، ولهذا فإن الجلسة النقاشية الحوارية حول الكتاب التي ستعقد في أحد فنادق القاهرة مساء يوم الأحد المقبل، بحضور كل من أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وعمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة، والسفير عبدالرؤوف الريدي، سفير مصر السابق لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ينتظر أن يكشف فيها آخر سفير مصري في تركيا المزيد من التفاصيل حول هذه الفترة، وأسرار العلاقات بين الإخواني "محمد مرسي" و"أردوغان" من خلال مناقشة مستفيضة للوثائق الواردة في الكتاب ، حتى يعلم الجميع كيف كانت تدار مصر في تلك الفترة ، وكيف كان يراد لها أن تباع في سوق النخاسة لولا إرادة الله ووجود رجال يحبون هذا الوطن .
