عقارب الساعة تجاوزت التاسعة بدقائق قليلة صباح الأربعاء 27 فبراير الماضى، الحركة طبيعية داخل المحطة، قطارت تدخل الأرصفة وأخرى تغادر بشكل منتظم، المئات من المواطنين انتشروا في الصالة الكبرى وعلى امتداد الأرصفة، منهم من افترش الأرض في انتظار قطار قادم أو آخر مغادر، ومنهم من يهرول خارجا إلى ميدان رمسيس، في مشهد روتينى يتكرر يوميا لا يتغير فيه إلا وجوه البشر. على بعد 2 كيلو متر تقريبا، بدا المشهد مختلفا.. جرار قطار يتحرك ببطء في منطقة المناورات خارج المحطة، يصطدم به جرار آخر في واقعة نادرة الحدوث، ينزل سائق الجرار الأول ويدخل في مشادة كلامية مع زميله سائق الجرار الثانى، انشغل الجميع بالمشاجرة ولم يلتفت أحد إلى تحرك الجرار الأول من تلقاء نفسه في اتجاه المحطة، السرعة تتزايد تدريجيا وتتضاعف في دقائق معدودة، عقارب الساعة تقترب من التاسعة و25 دقيقة، الجرار الطائش يقتحم المحطة بسرعته القصوى، ويصطدم بالمصد الخرسانى لرصيف رقم 6، قبل أن ينفجر ويتحول إلى كرة لهب هائلة. توقفت الحياة في المحطة وتحول الوضع داخلها إلى مشهد مأساوى، رجال ونساء يهرولون والنار مشتعلة في كامل أجسادهم، جثث محترقة ملقاة على القضبان وأخرى على الأرصفة، حالة من الهرج والمرج الممزوجة بالهلع والذعر تسيطر على الجميع، شباب يحاولون إنقاذ الضحايا بسكب الماء على الأجساد المشتعلة، يمر الوقت بطيئا كئيبا، قبل أن تصل سيارات الإسعاف والإطفاء، ومع انتهاء عمليات الإنقاذ ونقل الضحايا والمصابين تخرج التقارير الرسمية لتكشف عن وفاة 22 شخصا وإصابة أكثر من 50 آخرين. الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء انتقل إلى المحطة ليقف بنفسه على ملابسات الحادث ويتأكد من تقديم كافة أوجه الرعاية للمصابين، وبعد أن يعود إلى مكتبه يستقبل الدكتور هشام عرفات الذي قدم استقالته من منصبه كوزير للنقل، في حين تم الإبقاء على مسئولى هيئة السكة الحديد، الأحداث تتسارع وتظهر لقطات مصورة من كاميرات المراقبة الموجودة في محطة مصر، توثق لحظة اصطدام الجرار المنكوب، وترصد لحظات الفزع والرعب والمحاولات المستميتة لإنقاذ الضحايا باستخدام "جراكن" المياه، ثم يظهر فيدو آخر يصور لحظة نزول السائق من الجرار ليتشاجر مع زميله، وهو الفيديو الذي أثار لغطا كبيرا بسبب فرق التوقيت الذي أشار إلى حدوث المشاجرة قبل حدوث التصادم. النيابة العامة فتحت تحقيقات موسعة في تلك الكارثة، وكلفت عددا من الأجهزة الأمنية بإجراء تحريات مكثفة لكشف ملابساته، خصوصا بعد تناثر شائعات عن وجود شبهة عمل تخريبى في الحادث، ومع الوقت بدأت الحقائق تتكشف الواحدة تلو الأخرى، غير أن هناك العديد من الأسئلة ما زالت بلا إجابات واضحة وقاطعة.. "فيتو" رصدت 10 أسئلة منها وفتشت عن إجاباتها لدى المسئولين سواء في وزارة النقل وهيئة السكة الحديد والجهات الأمنية وخبراء وأساتذة النقل، وتعرض ما توصلت إليه في الملف التالى. 1- كيف وصل الجرار إلى سرعة 100 كم في الساعة بدون سائق؟ 2- لماذا فشلت غرفة التحكم في رصد الجرار الطائش؟ 3- أين اختفت وسائل الأمان في محطة مصر؟ 4- هل يخضع وزير النقل المستقيل للمحاكمة؟ 5- لماذا بقي رئيس هيئة السكة الحديد في منصبه؟ 6- عمل متعمد أم مجرد إهمال سائق؟ 7- مَنْ تلاعب في كاميرات المراقبة بمحطة مصر؟ 8- ما علاقة الجرار بصفقة الجرارات الأمريكية المشبوهة؟ 9- لماذا لا يخضع سائقو القطارات لأي تأهيل نفسي؟ 10- هل تورط جلال السعيد في الحادث؟