اعتبرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن المبادرة التى طرحتها الجامعة العربية بشأن عملية السلام المحتضرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إنما هى بمثابة محاولة لإعادتها إلى مقدمة المشهد السياسى بعد تراجعها أمام الأزمة السورية فى خضم ثورات الربيع العربى. وأشارت - فى تعليق عبر موقعها الإلكترونى أمس الخميس- إلى أن هذه المبادرة التى طرحها فى 29 أبريل المنصرم وفد يمثل 22 دولة عربية تضمنت تنقيح خطة كانت اقترحتها الجامعة عام 2002، وتجميع عدد أكبر من الوسطاء. ولفتت المجلة إلى أن المبادرة الأخيرة تسمح بتبادل ضئيل للأراضى، بخلاف مبادرة 2002 التى نصت على انسحاب إسرائيل الكامل إلى حدود الرابع من يونيو 1967، بحسب البيان الذى ألقاه رئيس وفد الجامعة ورئيس الوزراء القطرى، الشيخ حمد بن جاسم فى اجتماع مع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى. وقالت المجلة، إنه بموجب هذا البيان تظل بعض المستوطنات اليهودية القائمة على الأرض المحتلة بالضفة الغربية جزءا من إسرائيل. وأعادت المجلة إلى الأذهان أن مسألة تبادل الأراضى هذه تم طرحها من قبل- من حيث الفكرة- فى محادثات جرت بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إيهود أولمرت عام 2008 قبل توقف المفاوضات. لكن مبادرة الجامعة العربية الأخيرة، تقول "الإيكونوميست"، تمثل الخطوة الحقيقية الأولى على صعيد إحياء عملية السلام بعد زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لإسرائيل فى مارس الماضى وجولات وزير خارجيته كيرى بالمنطقة. ورأت المجلة، أن الأمريكيين والجامعة العربية يأملون فى أن تمثل هذه المبادرة سلما ينزل عليه الرئيس عباس من موقفه الرافض للعودة إلى طاولة المفاوضات طالما إسرائيل مستمرة فى التوسع الاستيطانى. وبينما أثنى الجانب الأمريكى على "الخطوة الكبرى" التى خطتها الجامعة العربية للأمام، رصدت المجلة الحذر الذى اتسمت به ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية، قائلة إنه ليس كافة الأطراف الأساسية ترغب فى المشاركة. ورصدت على الجانب الفلسطينى رفض حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التى تدير غزة، للمبادرة على نحو صريح، مشيرة إلى قولها "ليس من حق الجامعة العربية تقديم تنازلات على حساب الفلسطينيين"، فيما قال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، إن المبادرة جاءت متوافقة مع الموقف الرسمى الفلسطينى. وعلى الجانب الإسرائيلى، وصفت "الإيكونوميست" رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على المبادرة، بالمتحفظ، إن لم يكن رافضا، عازية ذلك إلى تخوفه من أن يضع قبول الأمريكيين للمبادرة حدود الرابع من يوليو 1967 كأساس للدولة الفلسطينية، داعيا الجامعة العربية إلى الاعتراف أولا بإسرائيل دولة يهودية، على غرار ما حدث إبان توقيع اتفاقيتى السلام مع مصر والأردن وانتهى برفض كلتيهما. ورصدت المجلة ترحيب عدد من أعضاء الائتلاف الحاكم فى إسرائيل للتنازلات التى نصت عليها المبادرة العربية، مطالبين بتبادل أكبر للأراضى، كما رصدت انتقاد الليبراليين فى إسرائيل لموقف نتنياهو الذى بدا رافضا للمبادرة. وعلى الصعيد العربى، رصدت المجلة عدم تحمس بعض الدول العربية الرافضة لمسعى قطر، صغيرة الحجم، كما أشارت إلى عدم صدور أى تعليق فورى عن الأردن، فيما قالت مصر إن شيئا لم يتغير جديا. ونوهت المجلة إلى قمة فلسطينية-إسرائيلية مرتقبة الشهر المقبل فى العاصمة الأردنية عمان أو الأمريكيةواشنطن، بمشاركة دول الجامعة العربية، قائلة إن هذه القمة قد تخرج عملية السلام من غيبوبتها وتعيدها للحياة. ورصدت "الإيكونوميست" فى هذا الصدد، رغبة بعض الإسرائيليين الداعمين لحل الدولتين تحويل نسق المحادثات من ثنائى إلى نسق متعدد الجنسيات، على أمل أن تحد القوى الإقليمية من قوة إسرائيل التساومية مع الفلسطينيين، مشيرة إلى احتمال مشاركة الصين فى تلك المحادثات.