رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    ممر شرفي من طلاب الإعلام التربوي ب نوعية بنها لرئيس القسم    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    بعد طرحها فى مصر، "فيتو" ترصد مواصفات سيارات ميتسوبيشى أوتلاندر سبورت (فيديو وصور)    زيادة جديدة في أسعار كوكاكولا وشويبس وهذا موعد التطبيق    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    بعد إدانة نجل بايدن.. ما القوانين التي تنظم حيازة الأسلحة بالولايات المتحدة؟    نقابة الموسيقيين تنعي فاروق صبري رئيس غرفة صناعة السينما    جنود احتياط جيش الاحتلال: حكومة نتنياهو طعنتنا في الظهر بإقرار قانون إعفاء الحريديم    الجابون تفوز على جامبيا 3-2 في تصفيات كأس العالم    الدرندلي: العلاقة ممتازة بين محمد صلاح وحسام حسن    رمضان السيد: ناصر ماهر موهبة كان يستحق البقاء في الأهلي.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    ميدو: على حسام حسن الابتعاد عن الأزمات.. الجميع يساند المنتخب    تريزيجيه: لم يحدث مفاوضات مع الأهلي.. ولا يوجد ما يمنع عودتي للبريميرليج    الكاميرون تتعادل مع أنجولا بهدف لكل فريق في تصفيات كأس العالم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي موقوف إيقاف إجباري لحين الانتهاء من جلسات الاستماع    مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    اليوم طلاب الثانوية العامة 2024 يؤدون امتحاني الاقتصاد والإحصاء    تفاصيل اصابة 8 اشخاص في حادث علي طريق بالدقهلية    ضبط الخادمة المتهمة بسرقة شقة الفنان تامر عبد المنعم فى الدقى    حالة الطقس اليوم الأربعاء 12- 6 - 2024 فى مصر    بسبب بيع حمار، مقتل عامل وإصابة شقيقه في سوهاج    صاحب أجمل كلاسيكيات الفن المصري، معلومات عن الراحل فاروق صبري رئيس غرفة صناعة السينما    كنا مسحورين ومشايخ أنقذونا، تصريحات مثيرة ل عريس وعروس الشرقية بعد واقعة السحل أمام المعازيم (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    أورتيجا يطرح أحدث أغانيه بعنوان "مفاجأة"    الحق في الدواء: انخفاض أسعار بعض الأدوية الفترة المقبلة    مطار الأقصر يُجري تجربة طوارئ واسعة النطاق    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    أثناء اللهو والهروب من الحر.. مصرع شخص غرقًا بمياه النيل في المنيا    «القاهرة الإخبارية»: السلطات السعودية تقر خططا ومسارات لإنجاح تفويج الحجاج    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال فى الضفة الغربية.. البيت الأبيض: علمنا برد حماس لمصر وقطر على مقترح وقف إطلاق النار.. وإدانة نجل بايدن بتهم تتعلق بحيازة أسلحة    بيولى يرفض عرضا من نوتينجهام فورست وينتظر المزيد من الدورى الإنجليزى    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل قرار حجب المنصات غير المرخصة خلال 3 أشهر    جمعية رجال الأعمال: تغيير وزير الصناعة ليس من شأنه أن يغير الوضع نحو الأفضل في القطاع    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا إختفت الإبتسامة !!    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الجوزاء    عيار 21 الآن «بيع وشراء».. أسعار الذهب اليوم الأربعاء بعد الانخفاض الأخيرة بالمصنعية (التفاصيل)    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    محافظ جنوب سيناء يفتتح ملعبًا بالممشى السياحي في شرم الشيخ    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل حجب جميع المنصات العاملة بدون ترخيص خلال 3 أشهر    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    قبل عيد الأضحى.. 7 أمور يستحب فعلها قبل التضحية    وزيرة التخطيط تناقش مع رئيس جهاز الإحصاء جهود وضع «الاستراتيجية الوطنية»    والد ضحية الثانوية العامة في المنيا يكشف تفاصيل صادمة (فيديو)    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



35 عامًا داخل عربات الغلابة..حكايات من دفتر كمسري «خط الصعيد» (صور)
نشر في فيتو يوم 24 - 05 - 2018

إذاعة السكة الحديد بمحطة مصر – رمسيس - تعلن عن قرب انطلاق قطار 979 المتجه إلى وجه قبلي - محافظة أسيوط - يبدأ المسافرون الرابضون على الرصيف في جمع أمتعتهم للحاق بالقطار لحضور أولى أيام رمضان مع ذويهم وأسرهم.
نساء وشباب وأطفال وكُهل، الكل يهرول ناحية القطار ويبدأ في البحث عن العربة التي سيستقلها، جلبة تحدث داخل عربات القطار ومناوشات على أرقام الكراسي والعربات، داخل العربة يستند أصحاب الحظ التعس على الكراسي في الممر الفاصل بين الكراسي، فيما يجلس آخرون ويغطون في نعاس عميق تحت نسمات هواء المكيف، فيما ذهب الشباب إلى الفواصل بين العربات ليتمكنوا من التدخين دون أن يعترض عليهم أحد.
عربات القطار مزدحمة، الفواصل الرابطة بينهم تحولت لسُكنة يفترشها المسافرون، بعضهم يجلس فوق أمتعته، وآخرون لم يتمكنوا من أن يجدوا لأنفسهم سوى موطأ قدم للسفر وقوفًا، ويتبادلون الأحاديث مع بعضهم البعض، فيما اشتبك آخرون لخلافات هندسية على المساحة المتاحة لوضع أقدامهم.
رجل ستيني خط الشيب شعره، يرتدي بدلته الزرقاء، جسده المكتنز يجبره على أن يتحرك ببطء، ويتقلص حسب المساحة المتاحة له، وبصوت رخيم يصدح: «التذاكر يا أفندية».
«عم أمجد» رجل ستيني، هادئ الطباع، بشوش الوجه، كمسرى درجة أولى ويعاونه اثنان آخران، أمضى نحو 35 عامًا في هيئة سكة الحديد - كمسري – يرتحل يوميًّا بين عربات القطار: «أنا عشت في القطر عمر فوق العمر».
«أنا طول عمري بحب السفر والترحال، وظيفة كمسري ساعدتني إني أزور كل شهر على الأقل 7 محافظات وأبات فيهم ليلة على الأقل»، يقول عم أمجد.
طريقة عمل «عم أمجد» مرهقة إلى أبعد حد، يبدأ رحلته الصباحية مع بزوغ أول شعاع شمس - حسب جدول القطارات – يجلس في كابينة القيادة يتبادل مع قائد القطار أطراف الحديث حتى يؤذن له بالخروج من المحطة منطلقة إلى وجهته.
«مهمتي الإطلاع على تذاكر الركاب، وتغريم الذين لم يحجزوا مسبقًا، أبدأ من العربة الأولى ويرافقني فرد أمن شرطة في حال حدوث شغب من أحد المسافرين»، يقول عم أمجد.
يتحرك «عم أمجد» ببطء، يرافقه فرد الأمن أينما تحرك، يبدأ في السؤال عن التذاكر وفي حال لم يجد مع أحدهم تذكرة ركوب القطار يطالبه بالدفع أو يتحفظ على بطاقته الشخصية أمين الشرطة المصاحب له.
مع نهاية كل جولة يلتقي هو ومعاونوه في «كافيتريا» القطار، التي تعد مكتب التحقيقات الخاص بهم لكل من سولت له نفسه التهرب من دفع ثمن التذكرة: «أنا ماليش دعوة دة حق الحكومة، والحكومة مبتسيبش حقها».
القانون دائمًا يطبق على الجميع إلا أن جلسة الكافتيريا تمثل جلسة صلح عرفية، أطرافها 3 معروفون «عم أمجد الكمسري، وأمين الشرطة، والمتهربون»، ويقف جمهور عريض داخل الكافتريا يشاهد مرافعة المتهرب لدفع الظلم عنه، فيما يمثل عم أمجد دور وكيل النيابة والقاضي في ذات الوقت، أما أمين الشرطة فهو يلعب دوره المعتاد في تقريب وجهات النظر.
جلس «عم أمجد» خلف طاولة المشروبات داخل الكافتيريا، على يساره أمين الشرطة وفي مواجهته شباب لم يكمل بعد عامه العشرين، يسأله أمين الشرطة: «أنت مدفعتش ليه ثمن التذكرة»، فقال له: «أنا معييش فلوس»، فباغته أمين الشرطة بنظرة متفحصة قائلاً: «أومال راكب ليه طالما ممعاكش فلوس؟ ويطالبه بتقديم بطاقته له»، يجد في البطاقة مبلغ 20 جنيهًا، ينظر إلى «عم أمجد»، لينطق الأخير: «هات منهم 15 جنيه وخلي الباقي وينزل المحطة الجاية»، يتوجه المتهرب بالشكر إلى الكمسري الذي لعب دور «روح القانون».
بجانب الشاب العشريني، وقف رجل بجلباب مهترئ، بجانبه زوجته المتشحة بالسواد وتحمل طفلها الذي لم يتجاوز عامين على كتفيها محتضناه بكلتا يديها، ينظر إليهم «عم أمجد»: «انتوا مقطعتوش تذاكر ليه، مش حرام عليكم تبهدلوا العيل اللي معاكم دة»، يجيب الأب: «ملحقناش يا باشا ومفيش مشكلة نقطع تذاكر بس متحاسبنيش على إني راكب المكيف، أنا عايز تذكرة من بتاعت الشعب الغلابة اللي زينا»، يبتسم عم أمجد ويوافق سريعًا دون تدخل من أمين الشرطة.
يطلب «عم أمجد» من الكافتريا كوبًا من الشاي، وتباغته الذكريات التي حملها بعد العمل لما يزيد عن 35 عامًا في عربات القطارات المختلفة: «أنا فاكر في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات كنت بطلع على سطح القطر عشان ألم فلوس من المسطحين فوقه، أنا مر عليا كتير أوي يا جماعة فمحدش يفتكر إنه هيضحك عليا أو يستغفلني، اطلب مني بالذوق وأنا هقف جنبك»، تلك كانت رسالة مررها الكمسري درجة أولى في القطار، للمتهربين الواقفين أمامه، في أثناء احتسائه كوب الشاي.
يستكمل عم أمجد فرزه للمتهربين واحدًا تلو الآخر، يتعاطف مع أحدهم ويغضب على أحدهم، ويلجأ لتسليمه إلى أقرب مركز في حال فشل في الحصول معه إلى تسوية: «دة حق الحكومة أنا مقدرش أسيب حق الحكومة، أنا كل يوم بطلع عجز في الإيراد بدفعه من جيبي، هو أنا هصرف على هيئة السكة الحديد».
يفتح عم أمجد قلبه ويبدأ بالحديث عن صعوبات واجهته في أثناء عمله، لحظات الفرح والحزن التي واجهت عائلته وأسرته الصغيرة، لحظات تمنى أن يكون بجانب زوجته أو أطفالها عند حدوثها : «أنا عندي أول ولد ليا ملحقتش ولادته، كانت أياميها التليفونات المحمولة مظهرتش - حتى لو ظهرت مكنتش هبقى من الناس الأغنيا اللي اشتروها - المهم كنت بكلم بيتي من تليفون في البيت اللي جنبنا، كان زمان الجيران لبعضيها بجد، وعرفت من جارتي إني مراتي ولدت وجابت ولد».
ساعات تمر حتى وصل القطار إلى محطته الأخيرة، يهم الكمسرية الثلاثة إلى الخروج من القطار متجهين إلى مبنى الاستراحة: «بنقعد في الاستراحة لحد الساعة 11 بليل ونطلع مع القطر العائد إلى القاهرة وتستمر الحكاية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.