«الري»: متابعة تطوير «توزيع المياه» في مصر وتقدير التركيب المحصولي باستخدام الأقمار الصناعية    موعد إعلان نتيجة امتحانات نهاية العام بجامعة طيبة التكنولوجية    إقبال على التصالح في مخالفات البناء بالقليوبية.. وتوجيهات مهمة من المحافظ    صوامع الشرقية تستقبل 606 آلاف و521 طن قمح بموسم الحصاد حتى الآن    بالفيديو.. عضو اتحاد الصناعات يكشف أسباب تحرك أسعار مواد البناء بالأسواق    تحذير من عقوبات الحجاج المخالفين في السعودية.. سجن وترحيل وغرامة    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    مع إلغاء الإجازات.. فتح المجازر بالمجان أمام المواطنين لذبح الأضاحي في العيد بالجيزة    مدبولي: حكومة مصر اتخذت توجها منفتحا على كل دول العالم    ضربات روسية على مواقع مسلحين في حمص ودير الزور بسوريا    الرئيس الألماني يستقبل زيلينسكي في برلين    "الدولية للهجرة": مصرع وفقدان 189 شخصا خلال غرق مركب هجرة قرب اليمن    إعلام إسرائيلي: انطلاق نحو 40 صاروخا من جنوب لبنان وسقوط أحدها في الجليل الأعلى    تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 2026.. تغيير في التشكيل المتوقع للمغرب أمام الكونغو    مصطفى شوبير يترقب القرار النهائي للمشاركة مع الأهلي    النصر السعودي يقترب خطوةأخرى من ضم حارس يوفنتوس    طقس الإسكندرية اليوم.. ارتفاع طفيف في درجة الحرارة ونشاط نسبي لحركة الرياح    تنسيق مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية.. وشروط التقديم    حملات تموينية تفتيشية على محال الجزارة بالعاشر من رمضان    سأمنعها داخل شركتي.. إيلون ماسك يهدد آبل لهذا السبب (ما القصة؟)    حفظ التحقيقات حول إنهاء سائق حياته بكرداسة    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد صراع مع المرض    تكريم مبدعين من مصر والوطن العربي بافتتاح المعرض العام للفنون التشكيلية    محاولات البحث عن الخلود.. يتناولها عرض «شجرة الحياة» على مسرح السامر (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 11-6-2024في المنيا    «الصحة» تنظم ورشة عمل حول تطبيق نظام الترصد للأمراض المعدية بالمستشفيات الجامعية    قبل العيد.. خبير تغذية يقدم نصائح للحفاظ على لحوم الأضاحي    «يتيم ووحيد والدته».. أول تعليق من أسرة طالب الثانوية العامة المتوفى داخل اللجنة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    «الضرائب»: نتبنى فكرا جديدا لتكثيف التواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي    موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل دواعي السفر على منصة WATCH IT    محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    خبير تحكيمي يوضح هل استحق منتخب مصر ركلة جزاء أمام غينيا بيساو    منتخب هولندا يكشف بديل دي يونج في يورو 2024    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    محافظ الأقصر يبحث التعاون المشترك مع الهيئة العامة للرقابة الصحية    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    8 نصائح من «الإفتاء» لأداء طواف الوداع والإحرام بشكل صحيح    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    شهداء وجرحى غالبيتهم أطفال في قصف إسرائيلي لمنزل مأهول شمال غزة    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    أبو الدهب: ناصر ماهر مكسب كبير للمنتخب    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    آبل تطلق نظارات الكمبيوتر فيجن برو في السوق الألمانية    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درب المهابيل

لعلها الفجأة التى أصابت الجالسين بالخرس، ولعل الأمر كان مذهلا لدرجة أن الكل كان مشدوها ومشدودا، يجلسون وكأن على رءوسهم الطير، فعندما دخل
أبو يكح الجوسقى إلى الحانة بحارة درب المهابيل، فوجئ الجالسون به وهو يضع على رأسه قبعة شبيهة بقبعة الممثل «شارلى شابلن»، ويحمل فى يده حقيبة سوداء، طلب
أبو يكح من «النادل» قدحا من الجعة، وبعد أن نهلها فى فم واحد أخرج من حقيبته ربابة، نظر إليه البعض شذرا ، فآلة الربابة تكاد تكون قد انقرضت من القاهرة إلا أنها وعلى ما يبدو، قد عادت فى الحارة على يد الجوسقى، وبغتة بدأ أبو يكح يعزف على الربابة، فظن رواد المقهى أنه سيعزف مقطوعة ثم سيقوم مادا قبعته للجالسين ليجودوا عليه بما يسمح لهم كرمهم وأريحيتهم به، إلا أنه أخذ مع عزفه يغنى بصوت خشن مُدَرَب عليه، آثار حلاوة، فانتبه الجالسون إليه ثم إلى الكلمات الرتيبة التى بدأت تخرج من حنجرته:
الله الله يا بدوى جاب اليسرا
أنا الأديب الأدباتى
آكل وأربى شنباتى
فاهم طريقى فى حياتى
قاعد مبرطع فى فنونى
ما سك سيجارى وغليونى
غلب حمارى مع الإخوان
هايخلونى خروف خَرْفان
واستمر الجوسقى يتدفق فى الغناء والعزف على آلة الربابة حاكيا بألحانه تلك الحياة البائسة التى يعيشها أهل مصر فى ظل حكم الإخوان، وبجواره آلة بيانولا لها شاشة سحرية، وبعد أن ظن الجالسون أنه فرغ من الغناء قامت إليه الشاعرة فاطمة ناعوت وهى تقول له بلهجة مسرحية:
أأنت أتيتَ من ذا المقطم
تُعيد من الدهر ما قد تحطم
وهل حرفة الكذب ذى حرفتكْ
تعلمتها من غبا مرشدك
فعاد الجوسقى إلى العزف والغناء بلحن حزين، وكأنه يرد على الشاعرة :
وأنا صغيَّر ماكانش معايا غير أنور
وأنور يعنى كان صاحبى ومتهور
ولما يشوفنى يدَّور ويتمنظر
ويتشقلب ويتحنجل ويتمختر
يقوم هوبااا كده واقع ومتعور
تقوم مامتى تبهدلنى عشان أنور
بيسبقنى وبيعيط (عياط منظر)
ومات أنور يا أستاذة فى يوم أغبر
ردت عليه الشاعرة قائلة: ومين أنور؟ يابو يكح؟..
عاد الجوسقى للغناء : دا كان قردى يا أستاذتى
ومن يومها وأنا عاطل ومتكدر
وبعديها أنا بعزف حزين دايما وبتنأور
وهنا قام الروائى أحمد صبرى أبو الفتوح، وهو يشيح للجوسقى بيديه: يا عم يبدو أنك نصاب أو من كوادر الإخوان، واللجان الإلكترونية، أنتم مثل الدود اللى بيطلع على عيدان القطن فى السراسوة، لازم نقاومكم.
تحرك الشاعر فاروق شوشة الذى كان ملتزم الصمت، وقام واقفا لكى يعدل هيئته ثم جلس مرة أخرى وهو يقول:
وكأنك يا أستاذ اللغةِ مثل النيل
أنت الشيخ النيل
تمشى فى (الموسكى) و(العتبة)
تعبر نحو القلعةِ
تحكى بعضا من ألغاز
محنى أنت بلا عُكْاز
صاغ الإخوانون من الأدباء
فنون الكذبةِ فى إحكامْ
وستحكى بالبيانو لا حديثا غاب عن الأفهامْ
أنت ستحكى عن إخوان الشيطان
وبعد أن انتهى فاروق شوشة من شعره، أخذ الجوسقى يحكى قائلا: أول ما نبدى القول نصلى عالنبى المختار، نبى أمى بليغ القول ، يحكى الحق بالعربى ولم يكتب لنا نثرا ولم يقرأ من الأشعار، وبعد الحمد للبارى ومن يعلم خفايا النفس والأسرار، سنحكى عن بلاد المجد والتاريخ والأهرام والأنهار، قامت فى البلاد ثورة على ظالم من الأشرار، وراح الشر والباغى وناح الظالم الباكى وكان الفاضل الباقى يقوم الناس وينتخبوا رئيس عادل من الأخيار، وفجأة الناس فى يوم صحيوا على أنباء بتتردد ومتذاعة على الأخبار.
وعند هذا المقطع أدار الجوسقى منافلة البيانولا فتتابعت الصور تنقل للجالسين وقائع حية، وكان أول ما ظهر نشرة الأخبار فى القناة الأولى المصرية، وكان المذيع يتحدث بوقار وجدية وسمع الجالسون صوته وهو يقول:
سيداتى سادتى آنساتى، أسعد الله مساءكم، فى مفاجأة غير متوقعة أصبح الإخوانى محمد مرسى رئيسا للبلاد بمعاونة المجلس العسكرى والأمريكان.
سكت المذيع وسكتت ألحان البيانولا ووجمت الحانة، ولكن شاشة البيانولا انتقلت إلى مشهد لمجموعة من شباب الإخوان وهم يهجمون على المتظاهرين وهم يقولون:
فى سبيل الله قمنا .. نبتغى رفع اللواء
لا لحزب قد عملنا.. نحن للدين الفداء
أنشده الأدباء الذين كانوا يجلسون فى الحانة، ونظروا وبحلقوا فى شاشة البيانولا حيث رأوا فيها مشهدا للرئيس محمد مرسى وهو واقف يخطب فى الجماهير وخلفه لافتة مكتوب فيها
أنا الرئيس لا كذب ... بالأمريكانوالذهب
ومن يعوق مذهبى ... إلى الجحيم قد ذهب
أصيب الحاضرون بالإحباط، فقام الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى ثم صاح فى الحانة: «يا قاهرة، أيا قبابا متخمات قاعدة، يا مئذنات ملحدة، يا كافرة، مرسى رئيسا فى رئاسة عابرة».
ثم قال: من قلب هذه المدينة، سأغلق المساجد الحزينة، وأنسف الجماجم اللعينة، ولن تكون مصرنا رهينة، فخلف كل مسجدٍ مهدم ، أخ من الإخوان يحمل معولا، ونحن من غفلة العقول، عصرنا على آرائنا لمونة، فانتخبنا من حطم الزيتونة، زيتونة، زيتونة).
وفجأة ظهر لرواد المقهى من خلال البيانولا حجرة فسيحة بها مكتب يجلس خلفه مرشد الإخوان المسلمين الأخ محمد بديع ويجلس على كرسى بجانبه الأخ خيرت الشاطر ويجلس أمامهما الرئيس محمد مرسى، وكان الحوار يدور بينهما على النحو الآتى :
خيرت: هناك أهمية كبرى تدعونا أن تصدر إعلانا دستوريا يا أخ مرسى، وقد قرر الأخ المرشد أن تصدر الإعلان فورا، أليس كذلك يا أخ بديع؟.
بديع: نعم قررنا .
خيرت: وستصدر بعده قرارات أخرى حاسمة تعيد الانضباط للشارع حتى لا يعكنن علينا أحد، أليس كذلك يا أخ بديع؟.
بديع: نعم كذلك..
خيرت: ثم ستكون هناك مواجهة للإعلاميين والصحفيين الذى هم سحرة فرعون، هذا إعلام علمانى، أليس كذلك يا أخ بديع؟.
خيرت: نعم علمانى وسحرة فرعون.
المرشد: ما رأيك يا أخ مرسة
مرسى: لا رأى بعدك يا فضيلتك سمعا وطاعة، أليس كذلك يا أخ بديع؟.
بديع: نعم كذلك..
ثم خرج مرسى ليقول لوكالات الأنباء: أجرينا شورى موسعة على جميع مستويات المستشارين ورجال الحكم ورجال القانون وقررنا وضع مصر تحت الإقامة الجبرية، ثم نظر للأخ خيرت وقال: أليس كذلك يا أخ خيرت؟ ..
فقال خيرت: نعم كذلك..
وظهر على شاشة البيانولا أحد الصحفيين وهو يسأل الرئيس محمد مرسى قائلا: ما هو مشروع النهضة؟، وما هى الحلول التى تراها للقضاء على مشاكل مصر، وما هى خطة حكمك؟.
فتنحنح مرسى وقال بصوته الخشن وطريقته الأكثر خشونة: الحق أبلج والباطل لجلج...
عاد الصحفى يسأله: ماذا تقصد؟
الرئيس مرسى: القرد لو مات فماذا سيصنع القرداتى؟..
تعجب الصحفى وقال: لم أفهم!..
مرسى: يبدو أنك من الإعلام المضلل، لقد عرفتك من أول نظرة فأنا حاوى أدخل يدى فى الجراب أطلع حمامة، وأضع يدى ثانية أطلع ثعبان، وفى المرة الثالثة أطلع صحفى بل نقابة الصحفيين بأكملها.
وقام صحفى آخر قائلا: لم نفهم شيئا يا سيادة الرئيس؟! نريد أن نعرف خطتك بوضوح.
مرسى: بوضوح، الوضوح طريقى، خذ عندك، هذه هى خطتى..
تدفق فى البطحاء بعد تبهطلِ
وقعقع فى البيداء غير مزركلِ
وسار بأركان العقيش مقرنصاً
وهام بكل القارطات بشنكلِ
يقول وما بال البحاط مقرطماً
ويسعى دواماً بين هك وهنكلِ
إذا أقبل البعراط طاح بهمةٍ
وإن أقرط المحطوش ناء بكلكلِ
فيا أيها البغقوش لست بقاعدٍ
ولا أنت فى كل البحيص بطنبلِ
وهنا ساد صمت عجيب فى حانة درب المهابيل، فقد سقط القوم صرعى، وفقد أبو يكح الجوسقى عقله، وإنا لله وإنا إليه راجعون..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.