سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"بديع" في رسالته الأسبوعية: تربينا على الدعوة إلى الإسلام والحكومة جزء منه.. والحرية سبيل لتحقيق العدالة المفقودة.. مصر تتعرض لحريق..مؤسسة الرئاسة المنتخبة ملك الشعب
أكد الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن الحرية هى ثمار الثورات الشعبية، موضحا أن هذه الحُريَّة جعلت الشعوب تدفع الغالى والنَّفيس فى سبيلها، بل وتقدم الكثير من شهدائها ثمنًا لها، وأصبحت الحرية هي همُّ كل الشعوب بمختلف أجناسهم ودياناتهم، وقامت المسيرات والثورات والحروب، وسالت الدماء في كل مكان، من أجل الحرية. وقال أصبحت كلمة الحرية تعني الحياة والأمل والسعادة، فالحرية هِبَةٌ من الله عز وجل وهي الحق الأول من حقوق الإنسان وهي تُولَدُ معه "وقد وَلَدَتْهم أمَّهاتُهم أحرارًا"، وهي من أهم قضايا الشعوب، ومن المبادئ التي يتحرك بها السياسيون، ويتناشد بها الشعراء، فالكل يطمح لاستقلال بلاده، وأن يكون شعبه حرًّا في اتخاذ القرارات لمصلحته ومجتمعه وأمته، فسعادته يوم أن يرى الحرية وقد تمتع بها الجميع، ويرى أحرارًا أينما حلَّ أو نزل، يعملون الخير ويُقدِّمون المعروف لكل إنسان يعيش على أرض الوطن، ويمتدُّ خيرهم لكل الشعوب التي تنزل بهم الشدائد، أو تحلُّ بهم الكوارث، ويتعارفون ويتعاونون في إعمار الأرض. ويؤكد بديع أن الله خلق الإنسان حرًّا، وجاءت الشريعة الإسلامية بوضع الآصار والأغلال، فهي شريعة تخفيف، ورفع للقيود الشاقة؛ ولذلك نجد فيها تخفيفًا في أحكام المكره، ولا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا كان عبدًا خالصًا لمعبود واحد وهو الله عز وجل، فالعبودية لله تعالى فقط، وعندما يصبح الإنسان عبدًا لله يتحرَّر من أسر المخلوقات، ويعيش سعيدًا لا تمزقه الأهواء، وعندما يصبح الإنسان عبدًا لله سبحانه فإنه يكون في غاية الحرية في نفسه. وأوضح أنه فى الفترة التى نمرُّ بها تحتاج إلى المؤمنين حقًّا الذين تحققوا بالإيمان بعد الإسلام، فالإسلام لم يمنع أو يضع قيودًا، وإنما من ضوابطه أنه لا يمنع إلا ما يضرّ الإنسان فقد كانت الجنة مباحة إلا شجرة واحدة، فالقيود تمنعك وتحرمك مما يضرك ويؤذيك، وهذا هو فهم الإخوان المسلمين، فقد عبَّر عن ذلك الإمام البنَّا بقوله: "إذا قيل لكم إلامَ تدعون؟ فقولوا: ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام". وقال بديع إن من الناس من يختار أنواعًا من العبودية غير العبودية للبشر الصريحة، ولما فطن الخصوم إلى الكيفية التي يستعبدون بها البشر أوقعوهم في أنواع من العبوديات المبتكرة، وذلك بطرقٍ جديدة في فتح أبواب العبودية، بأن يكون الناس عبيدًا لأفكارهم بما يهيمنون عليهم من مصالح وأهواء، وانتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات، فصار بعض الناس عبيدًا للشهوات، فالشهوة هي التي تُحرِّكُه وتقيمه وتقعده، وكل ذلك فروع على الأصل الشيطاني الإبليسي الذي يدخل للنفس البشرية من باب الشهوات وباب الشكوك والشبهات. وأكد أن العبودية لله تُحرِّر الناس من العبوديات لغيره، فإذا صِرْتَ عبدًا لله تحرَّرت من عبودية الشهوة، وتحررت من عبودية البشر، وإذا صرت عبدًا لله تحررت من عبودية المال، فصار المال يخدمك لا أنت الذي تخدمه، بل الدنيا كلها تخدمك ولا تستطيع أن تهزمك، كما أن الإنسانُ لا تلحقه التَّعاسة والشقاء والنَّكد إلا إذا عَبَّدَ نفسه لغير الله من شهوات الدنيا وملاذها. وأكد أن الحرية هي التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها، فليست الحرية فقط أي تصرف بمعزل عن أي ضغط خارجي مباشر، يُمْلَى على سلوكي، فهذا ليس إلا الوجه الخارجي للحرية، ولكن الحرية بمعناها العميق، هي أن أتصرف بحيث يأتي سلوكي تعبيرًا عن كياني كله، وليس عن جزء من شخصيتي يتحكم فيَّ، دون بقية الأجزاء. وأضاف بديع الحرية ليست هي الإيذاء والتعدِّي على حقوق الآخرين، والسَّبّ والشتم والتلفظ ببذيء القول؛ بل هذا نوع من أنواع عبادة الذات والشهوات، ومحاولة للتسلًّط وفرض الرأي على الآخرين؛ لأن الحرية هي الاعتراف بالآخر، وأنه موجود له قيمته الإنسانية وحقوقه المدنية، وتنتهي حريتي عند حدود وحريات الآخرين؛ حتى الجماد والنبات والحيوان لهم حقوق. وأوضح أن الحرية هي سبيل إلى تحقيق العدالة المفقودة، فالعدالة الحقَّة لا تتحقق في ظلِّ الاضطهاد وحرمان الحقوق والممارسات الإنسانية غير الشرعية، فالحرية مُقدِّمة أساسية لدفع الظلم وإزالته من المجتمع، مؤكدا أن الحرية تقودها سُلْطة لا فوضى، فلا يتخيل وجود مجتمع بدون سلطة سياسية. وأشار إلى أن الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يعرفون قيمتها وأثرها، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يثقون في الآخرين، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم يفتقدون القيم والمبادئ الرفيعة، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم أنانيون مُتكبِّرون جاهلون لمعنى الحرية، أو لأنهم عبيد لشهواتهم ولو ذاقوا حلاوة العبودية لله تعالى لهانت عليهم الدنيا بأسرها وليس شهواتها المحرَّمة فقط، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم يريدون أن يستغلوا الآخرين ليحققوا أهدافهم المتعارضة مع أهداف غيرهم. وأضاف أن الحرية تقوم على الهويَّة، فلا مجتمع بدون هوية، بدون قاعدة لا معنى لكونه مجتمعًا، أي مجتمع بشري لا بدَّ أن يكون له ميزان دقيق، هذا الميزان هو هويته المؤثرة في الضبط والاستقرار، لكن المحذور أن يتحول هذا الدور إلى نوع من التسلُّط، أو العدوان على حقوق الآخرين، كما انها تقوم على ما يمكن أن نُعبِّر عنه بالسلطة الذاتية، وهو أن لدى الإنسان مجموعة من: الطِّباع، والأخلاق، والقيم التي تؤثر في نظرته للأمور، وقراراته والتي تؤثِّر في إرادته وفي أحكامه، وحتى في اختياراته الشرعيَّة أحيانًا، وهي الضَّمير والميزان العادل بين الحقوق والواجبات. وطرح بديل لعدة خطوات وصفها بأنها أساسية نحو الحرية منها تحريك العقل وتعويده على التفكير بحرية بالتحرُّر من قيود الفكر المعلَّبة والأفكار الجاهزة، وإعطاء الفكر مرونة في الحوار الداخلي والنَّقد الذاتي بروح التمحيص والفهم، حيث تكون النتيجة رفع المعنويات والإحساس بالاستقلالية، وتغيير منهجية التربية بتعليم أبنائنا الحُريَّة منذ صغرهم وفسح المجال للحوار واستخدام عقولهم للتعبير عن آرائهم بحيث يتعلمون معنى كرامة الإنسان وعِزَّته وشهامته. وأضاف أن من أساسيات الحرية أيضا نشر المعرفة وتحطيم الجهل؛ فالمعرفة تُحرِّر الفرد؛ لأنها تقضي على الخوف الداخلي، وكذلك على النزوات والرغبات غير المشروعة، كما أن الحرية حركة وجهد لأنها فعل يعتمد على الوعي واكتساب التجارب، فهي بالمعنى الدقيق والعميق تحتاج إلى سعي مكثف وجهد مركَّز لاكتسابها والنموّ عبرها. وقال بديغ: نحن اليوم في عهد الحرية فادعم الحرية، وكن حرًّا مهما كان انتماؤك الحزبي أو ديانتك؛ لأن معنى حريتي "أن البلد غالية عليَّ جدًّا، ونحن في مصر اليوم وهي تتعرض إلى حريق، واجب الأحرار أولاً إطفاء الحريق، ثم نرى معًا الطريق، وإنني مطمئن تمامًا لوعد الله تعالى ثم عظمة هذا الشعب ووعيه، ورغبته الأكيدة في البناء والعمل الجاد، والحفاظ على مؤسسات الدولة العريقة من شعبها العريق، فمؤسسة الرئاسة المنتخبة ملك الشعب، والجيش مؤسسة ملك الشعب، والشرطة مؤسسة ملك الشعب، والبرلمان مؤسسة ملك الشعب، والأزهر مؤسسة ملك الشعب، والكنيسة مؤسسة ملك الشعب، ومؤسسات المجتمع المدني مؤسسات ملك الشعب المصري العريق". وطالب بتحصين أنفسنا بالثقة في الله عز وجل وفي أنفسنا وقدراتنا، والثقة في غيرنا، وعدم التخوين للآخرين، والتوجه نحو البناء لا الهدم، والتعمير لا التخريب، والاستمرار في العمل لا التوقف أو وقف الإنتاج، أو المواصلات وقطع الطرق، ولنتدرَّع بالصبر، فقد ورث الشعب المصري بلدًا عملت فيه معاول الهدم لعقودٍ طويلة، وورث المصريون نظامًا بثَّ الفساد في البلاد والعباد، وركام هدمه وأنقاضه بعد أن حطَّمناه يحتاج التخلص منه إلى وقتٍ طويل، فالعلاج لا يتم إلا بتشخيصٍ للمرض، ووصفٍ للدواء، وزمن للعلاج يتناسب مع نوع المرض وطبيعته، ومدى تغلغله في خلايا الجسم.