«الجبرتى» زعم في «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» أن «الخرشي» الإمام الأول للأزهر الشريف..وباحثون يكشفون بالمستندات حقيقة معلومات المؤرخ المغلوطة في أوائل القرن الثامن عشر الميلادى كتب المؤرخ عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي، في مؤلفه الشهير: «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» والمعروف اختصارًا ب«تاريخ الجبرتي»: "تكاد الروايات تجمع على أن الشيخ أبوعبد الله محمد بن جمال الدين بن على الخرشى –رحمه الله– هو أول من تولى منصب شيخ الأزهر الشريف، وكان ذلك سنة 1090 هجرية الموافق 1679 ميلادية". وعلى مدى عشرات السنوات المنصرمة ظل ما أرَّخه "الجبرتي" حقيقة غير قابلة للتشكيك أو التبديل، وأصبح "تاريخه" هو الملهم لجميع المؤرخين والباحثين الذين جاءوا من بعده، وفى السنوات الست الأخيرة عكف باحثو مكتبة الأزهر الشريف على مراجعة كل ما كتب عن هذا الصرح العريق على مدى سنواته التي تزيد على ألف وستين عامًا، وأثبتوا بالوثائق الثابت صحتها تاريخيًا أن ما وصل إليه "الجبرتي" تاريخ مغلوط، والصحيح أن هناك 11 شيخًا سبقوا الشيخ محمد الخرشى – أو "الخراشي" كما ينطقه العامة – في الجلوس على مقعد الإمام الأكبر.. كواليس إعادة كتابة باحثى مكتبة الأزهر للتاريخ وكل تفاصيل هذا الأمر تنفرد "فيتو" وتنشرها في السطور التالية: 6 وثائق تثبت خطأ «الجبرتى» «عبدالمجيد»: المراجعة التاريخية الدقيقة كشفت الحقيقة عبد المجيد أحمد، مدير عام مكتبة الأزهر؛ أكد أن بداية البحث في هذه القضية التاريخية كانت عام 2011 ميلادية؛ عقب تدشين مشروع "ذاكرة الأزهر الشريف"، والذي يعد أحد ثمار التعاون بين المشيخة متمثلة في مكتبة الأزهر من جانب، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومركز توثيق التراث الطبيعى والحضارى التابع لمكتبة الإسكندرية من جانب آخر، ويعد هذا المشروع الأول من نوعه الذي يعمل على توثيق تراث الأزهر وتاريخه وجهود علمائه في الحفاظ على الهوية الإسلامية في شتى بقاع العالم وعلى مر العصور وتقديم مصدر معلوماتى موثق وغير قابل للتشكيك. مدير عام مكتبة الأزهر، أضاف: المشروع يتكون من 3 مخرجات رئيسية؛ أولها: موقع إلكترونى يحمل اسم "ذاكرة الأزهر الشريف"، ويهدف إلى عرض تراث وتاريخ هذا الصرح العريق من خلال توثيق مسيرة أعلامه وشيوخه وروائعه المعمارية وإتاحتها للعالم أجمع باللغة العربية، إضافة إلى ترجمتها إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية باستخدام أحدث التقنيات الإلكترونية، ويحتوى هذا العرض الإلكترونى على مجموعة كبيرة من الصور والفيديوهات والتسجيلات الصوتية النادرة لشيوخ الأزهر، كما يوضح تطوره المعمارى منذ نشأته عام 359 هجرية وحتى الآن، ويتضمن كذلك خطا زمنيا يستعرض الشخصيات والأماكن والأحداث، إضافة إلى جولة بانورامية داخل الجامع الأزهر وهى بمثابة رحلة تخيلية يقف من خلالها المشاهد على الحراك العلمى والثقافى وحياة الوافدين داخل أروقة الجامع. وأشار إلى أن المحور الثانى من المشروع هو "بانوراما الأزهر"، وهى عبارة عن 9 شاشات عرض مزودة ب"بروجيكتور" وتعمل على عرض تاريخ الأزهر الشريف منذ نشأته وحتى يومنا هذا، وتقوم على 6 محاور رئيسية؛ هي: "العمارة، والتعليم، والبعثات، والدور الوطني، والشيوخ، والشخصيات الخالدة". وأكمل: عكفنا على المراجعة التاريخية الدقيقة لمحاور "البانوراما" الستة حتى يكون كل ما نعرضه حقائق ثابتة بالوثائق والأدلة وغير قابلة للتشكيك، وعند مراجعتنا للمحور الخامس والخاص بأسماء العلماء الذين تولوا مشيخة الأزهر الشريف وجدنا أن ما أكده أكثرية المؤرخين من أن الشيخ محمد الخرشي، هو أول شيخ للجامع الأزهر معتمدين في ذلك على الثبت الذي أحصى فيه المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتى شيوخ الأزهر ممن وصل علمه إليهم، معلومة تاريخية مغلوطة؛ فقد عثرنا على 6 وثائق كانت محفوظة في مخازن المكتبة تثبت خطأ هذه المعلومة وتؤكد أن هناك 11 شيخًا سبقوا "الخرشي" في الجلوس على مقعد الإمام الأكبر، وهم (الشيخ برهان الدين إبراهيم العلقمى القاهرى الشافعي، والمتوفى سنة 994 هجرية، الموافق 1586 ميلادية، الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطى والمتوفى سنة 995 هجرية الموافق 1586 ميلادية، الشيخ أبو المحامد محيى الدين عبد القادر الغزى الحنفي، الشيخ شمس الدين محمد بن أبى السرور البكرى الصديقى الشافعي، المتوفى سنة 1007 هجرية، الموافق 1598 ميلادية، الشيخ شحاتة بن إبراهيم الحلبى الشافعي، والمتوفى سنة 1010 هجرية، الموافق 1601 ميلادية، الشيخ نور الدين أبو الحسن على البرلس المصرى الشافعي، الشيخ عبد الجواد بن نور الدين على البرلسى المصرى الشافعي، الشيخ محمد درويش البكرى الصديقى المحلى الشافعي، الشيخ عثمان بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحى الحنبلي، والمتوفى سنة 1064 هجرية، الموافق 1653 ميلادية، الشيخ أبوالعزائم سلطان بن أحمد بن سلامة المزاحى الشافعى الأزهري، والمتوفى سنة 1075 هجرية، الموافق 1665 ميلادية، والشيخ شعبان الفيومى الأزهرى الشافعي، والمتوفى سنة 1075 هجرية، الموافق 1665 ميلادية). وتابع: ما توصل إليه باحثو مكتبة الأزهر يعد بمثابة إعادة كتابة وتصحيح للتاريخ، كما أنه ينهى الجدال في قضية شغلت خواطر الكثيرين من المهتمين بهذا الشأن.