سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«التعليم الطبي في الإنعاش».. خريجو كليات القمة ينضمون إلى طوابير البطالة وجود صيدلية لكل 1200 مواطن ينذر بإفلاس الصيدليات وغلقها.. الوكيل: 13 ألف خريج سنويا من كليات الصيدلة ونحتاج ل 5 آلاف فقط
مع اقتراب كل عام دراسي، تتزايد دقات أجراس الخطر داخل كليات المهن الطبية، في ظل ضعف المستوى التعليمي وزيادة أعداد الخريجين؛ ما يؤدى في النهاية إلى زيادة نسبة البطالة من خريجى كليات ما تسمى «القمة»، سواء للطب أو الصيدلة. أما «بيزنس» الجامعات الخاصة فلم يترك كليات الطب والصيدلة في حالها؛ بل أدى إلى ضعف مستوى الخريجين نتيجة الرغبة في تحقيق أرباح على حساب جودة التعليم وأعداد الخريجين، خصوصًا أن مهنتي الصيدلة والطب يعتبران من المهن المرموقة في المجتمع ويسعى الأهالي إلى إلحاق أبنائهم بتلك الكليات. «الدكتور خالد سمير - أستاذ جراحة القلب بكلية طب جامعة عين شمس عضو مجلس نقابة الأطباء» قال إن التعليم الطبى في مصر يعانى من مشكلات متعددة، ولا توجد دراسات لتحديد القدرة الاستيعابية لكليات الطب، مشيرًا إلى أن متوسط عدد الطلاب في كليات الطب بالدول المتقدمة يبلغ 250 طالبًا، بينما في مصر يوجد 900 طالب في الدفعة الواحدة. وأوضح أن تكاليف الإنفاق على تعليم طالب الطب في مصر «منعدمة» مقارنة بالخارج؛ حيث يبلغ متوسطها في بريطانيا 20 ألف دولار، بينما في مصر 7 آلاف جنيه، وفقًا لدراسة غير رسمية أجريت مؤخرًا، مشيرًا إلى أن نقص التمويل وضعف الإمكانيات والتجهيزات عائق أمام طلاب كليات الطب، فضلا عن ضعف رواتب أعضاء هيئة التدريس؛ مما يؤدى إلى عدم تفرغهم. الدكتور سمير تحدث عن عدم القدرة على تخريج طالب طب بمستوى علمى جيد دون إنفاق 130 ألف جنيه عليه سنويًا، مؤكدًا أن هناك 12 ألف خريج سنويًا من كليات الطب المصرية، إذ توجد 23 كلية طب منها ثلاث كليات خاصة. ولفت إلى أن الكليات الخاصة ليس بها مستشفيات جامعية لتعليم الطلاب ويتم انتدابهم للمستشفيات الجامعية التابعة للدولة للتعليم والتدريب بها، وكذلك أعضاء هيئة التدريس بها منتدبون من الجامعات الحكومية، أي إنها ليست كليات قائمة بذاتها، محذرًا من كارثة غياب مستوى موحد لقياس مستوى الخريجين لضمان وجود مستوى تعليم موحد للأطباء، مثلما هو معمول به في الخارج. ونبه عضو مجلس نقابة الأطباء إلى أن كليات الطب الخاصة بها تضارب مصالح، ومن مصلحتها حصول الطلاب على تقديرات مرتفعة ومناهج بسيطة غير معقدة، وتوفير فرص الالتحاق بالعمل حتى يلتحق بها الطلاب بعد الثانوية العامة بغض النظر عن مستوى الطالب في ظل عدم وجود رقابة حقيقية على المناهج المقدمة بها وجودة مستوى الخريجين. وأكد وجود تباين في مستوى الخريجين بين هذه الكليات، ومنهم دون المستوى والهيكل التدريسى بالكلية أقل من المطلوب، ولا تؤهل الطلاب بالمستوى المطلوب، مشيرًا إلى أن نقابة الأطباء ترفض إجراء امتحان موحد للخريجين، وهو ما يجب تنفيذه قبل الحصول على ترخيص مزاولة المهنة أو أثناء امتحان البكالوريوس، على أن يكون هذا الامتحان شاملا للأجزاء التدريبية والعلمية. وأشار إلى وجود أزمة في التخصصات العلمية، أبرزها عدم الإقبال على التخصصات غير المربحة منها كتخصص طب الأسرة، والذي يمثل 1% فقط من أعداد الطلاب بكليات الطب، مشددًا على ضرورة أن يكون 30% من نسبة الخريجين، ودراسة احتياجات مصر من التخصصات الطبية المختلفة. وأوضح أن مصر دولة طاردة للأطباء ونصف عدد الخريجين يسافر للخارج لوجود امتيازات متعددة تتوفر لهم في الدول العربية، وهو ما يعد إهدارًا للمال العام المصرى بعد تعليم الأطباء في مصر تأتى الدول العربية وتستقطبهم لها دون أن ينفقوا ملايين الجنيهات على تعليم طلاب وتستفيد من الخبرات المصرية. «الدكتور مصطفى الوكيل - وكيل النقابة العامة للصيادلة» أكد بدوره أن هناك فجوة حقيقية بين ما يدرس في كليات الصيدلة والواقع العملي، ولذلك فكرت نقابة الصيادلة في خلق مجالات للعمل، منها التوسع في الصيدلة الإكلينيكية بالمستشفيات لتكون إضافة للفريق الطبي. وأشار إلى أن إمكانيات الجامعات الحكومية غير قادرة على استيعاب كل هؤلاء الطلاب المتقدمين لها، وبالتالي لا يمكن التطوير وتحسين جودة مستوى التعليم لطلاب كليات الصيادلة، بخلاف مشكلة الجامعات الخاصة التي أصبحت في ازدياد، موضحًا أن تخريج آلاف الصيادلة سنويًا دون وجود فرص عمل حقيقية لهم ينذر بكارثة تهدد مهنة الصيدلة في مصر. وأوضح أن نقابة الصيادلة تقدمت بمقترح إلى المجلس الأعلى للجامعات ورئاسة الوزراء لتقليص أعداد المقبولين بالجامعات سنويًا، بعد إجراء دراسات مقارنة بين وضع مصر ودول العالم، وألا يتم الموافقة على إنشاء كلية صيدلة؛ خاصة إلا لأسباب وأغراض قوية بعيدًا عن بيزنس الجامعات الخاصة وتحقيق مكاسب من وراء زيادة أعداد المقبولين بالكليات، إلا أنه لم يتم الاستجابة لمطالب نقابة الصيادلة ومازالت الأعداد في ازدياد. وذكر الوكيل أنه وفقًا للمعدلات العالمية يجب أن تخدم كل صيدلية 6 آلاف مواطن، بينما في مصر كل صيدلية تخدم أقل من 1200 مواطن، واصفًا إياها بالكارثة وأصبحت المهنة تنهار والصيدليات تغلق نتيجة تعرضها للإفلاس. وأكد أنه سنويًا يتم الإعلان عن رغبة وزارة الصحة في وقف تكليف الصيادلة بسبب زيادة الأعداد مما ينذر ببطالة آلاف الصيادلة، مشيرًا إلى ضرورة خلق مجالات عمل جديدة للصيادلة، منها مجال اليقظة الدوائية الذي شهد تطورًا في الدول المحيطة بمصر لحماية المواطنين والمرضى من الآثار الجانبية للأدوية والتداخل بين الأدوية. وأشار إلى وجود 13 ألف صيدلى يتخرجون سنويا، مؤكدًا أن الحل الأمثل هو تقليص الأعداد وفتح فرص في مجالات عمل جديدة، منها التصنيع الدوائى وبناء مصانع لإنتاج المواد الخام، خاصة أن احتياجات سوق العمل لا تتخطى 5 آلاف صيدلي، موضحًا أن عدد الصيادلة في مصر بلغ 184 ألفًا و923 صيدلانيًا مقابل 67 ألفا و511 صيدلية، بنسبة 1271 مواطنا لكل صيدلية، و7.9 صيدليات لكل 10 آلاف مواطن. واختتم حديثه بالتأكيد على أن بعض الجامعات الخاصة على مستوى جيد ولكن هدفها الأول «البيزنس» وتحقيق المكاسب، وتحولت مهنة الصيدلة إلى تجارة، مشددًا على عدم رغبة النقابة في فتح كليات خاصة للصيدلة، خصوصًا مع وضع النقابة شروط عدم قيد الخريجين من الجامعات الخاصة الحاصلين على مجموع في الثانوية العامة أقل من 92%، وفقًا لقرار أصدرته وزارة التعليم العالي.