هل سنصل إلى الشدة المستنصرية يوما ما؟! هل سنجوع؟! هل سنأكل الكلاب والقطط؟! هل سنفتقد رغيف العيش؟! شعور ينبض بداخل، شعور أتمنى أن أقتله، وأقوال كثيرة تدور حول ذلك الخوف المستمر بداخلي، أفعال أكثر تتقلب في داخلى، هل سنصل إلى هذا الرعب المميت؟! كل ذلك يربط بعضه البعض، الوضع الذي وصلنا إليه الآن من غلاء الأسعار ونقصان دخل الفرد، ووجود الكثير من الفقراء والباحثين عن لقمة العيش وكل ذلك بسبب حفنة من الفاسدين!! يذكرني ذلك بالشدة المستنصرية، وهى مجاعة كانت في بلاد المسلمين، حدثت بمصر نتيجة انقطاع مياه النيل بمصر ل7 سنين متواصلة عرفت بالعجاف نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر 1036-1094م. ويذكر أن الخليفة المستنصر امتدت فترة حكمه ل60 عاما، ويلاحظ أن هناك علاقة بين طول مدة الحكام في مصر ونزول الشدائد بها. الموضوع لا يتعلق بفيضان النيل فقط، ما علينا، فنعود للشدة المستنصرية وما جاء بكتاب "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء " تأييدا لما سبق. "ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفساد وأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دون تليس دقيق وعم مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات برًا وبحرًا إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج ! خراج ! فبلغ أربعة عشر درهما وبيع إردب قمح بثمانين دينارًا، ثم عدم ذلك كله، وأكل الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير".