كشفت دراسة علمية حديثة أجراها الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، عن أسرار بناء جامع الوادى المقدس "طوى" داخل أشهر أديرة العالم وهو دير سانت كاترين، الذى اعتبره علماء الغرب ظاهرة غريبة أبهرت الجميع ونظر إليها مؤرخى الغرب بشيء من الاستغراب والروعة التى سجلوها فى كتاباتهم لوجود جامع داخل دير مسيحى وهو الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين. وأكد "ريحان" - فى تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء أن مؤرخى الغرب من المسيحيين أثناء رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر دير سانت كاترين شاهدوا الجامع وأبدوا عظيم إعجابهم بالتسامح بين الأديان فى مصر، ومنهم ليوناردو فرسكويالدى الذى زار الدير عام 1384 ميلاديا. وأوضح أن شدة الانبهار بهذه الظاهرة دعت بعضهم لنسج حكايات خرافية حول بناء الجامع كلها مغالاطات تاريخية ليقللوا من شأن هذا التسامح، وهى ربط بناء الجامع بحادثة تعدى على الدير ليس لها أى أساس تاريخى أو أثري، لدرجة أن كل من ذكر هذه القصة بدأها بكلمة طبقا للحديث المتواتر بين شخص وآخر بمبدأ (بيقولوا). وقال: المؤرخ جالى نشر فى كتاب له عام 1985 عنوانه (سيناء ودير سانت كاترين) ناقلا عن الكاتب نعوم شقير، صاحب موسوعة تاريخ سيناء، الذى كتبها عام 1916 قصة ليس لها سند أثري، وهى أن الحاكم بأمر الله أراد أن يهدم الدير ولكن الرهبان أخبروه أن به جامع وقاموا ببناء الجامع بسرعة داخل الدير لحماية الدير. وأضاف: الكاتب شقير نقل هذا الكلام من أحاديث متواترة دون أن يتحقق من الأصل، وقيل له أنها موجودة بكتاب بمكتبة الدير يسمى (تاريخ السنين فى أخبار الرهبان والقديسين) وهذا الكتاب ليس له وجود لا فى مكتبة الدير ولا فى أى مكان آخر، أى الأصل الذى نقل عنه الجميع غير موجود ونقل عن هذا المؤرخ الكثير من مؤرخى الغرب والشرق بمبدأ "بيقولوا". وأشار الدكتور "ريحان" إلى أن الأدلة الأثرية الدامغة تكذب كل هذه الافتراءات وتؤكد أن الجامع لم يبنِ أصلا فى عهد الحاكم بأمر الله بل بنى فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله عام 500 هجرى و1106 ميلادى. وأوضح أن الدليل الأثرى الأول هو وجود كرسى شمعدان من الخشب داخل الجامع عليه نص كتابى من عهد الإنشاء فيه اسم منشئ الجامع وهو أبى المنصور أنوشتكين الأمرى نسبة إلى الخليفة الآمر بأحكام الله الذى بنى هذا الجامع وثلاثة جوامع أخرى أحدهم فوق جبل موسى موجود حتى الآن على ارتفاع 2242 مترا فوق مستوى سطح البحر، والآخران بوادى فيران أحدهما فوق جبل الطاحونة بوادى فيران على ارتفاع 886م فوق مستوى سطح البحر. وأشار "ريحان" إلى أن الدليل الأثرى الثانى هو نص كتابى محفور على واجهة منبر الجامع بالخط الكوفى، يؤكد أن بناء الجامع كان فى عهد الآمر بأحكام الله الموجود اسمه بهذا النص وتاريخ الإنشاء واسم منشى هذا المنبر المخصص للجامع وهو الأفضل بن بدر الجمالى عام 500 هجريا. وأكد أن بناء الجامع داخل الدير كان ثمرة العلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين التى بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى ليصلى فيه قبائل سيناء ومنهم قبيلة الجبالية نسبة لجبل موسى، والمختصين بأمور الدير، وكذلك القبائل خارج الدير كما أن حب الفاطميين لإنشاء المساجد فى الأماكن المباركة دفعهم لإنشاء هذا الجامع بالوادى المقدس طوى. ولفت إلى المنزلة الكبيرة التى يحتلها هذا الجامع لدى الحجاج المسلمين فى طريقهم لمكة المكرمة عبر سيناء، حيث تركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب الجامع إلى الآن ويقع الجامع فى الجزء الشمالى الغربى داخل الدير ويواجه الكنيسة الرئيسية حيث تتعانق مئذنته مع برج الكنيسة.