تعد صناعة الغزل والنسيج من أهم وأعرق الصناعات المصرية، وكانت من أهم مصادر العملة الصعبة، ولكنها للأسف الشديد تمر بأزمة كبرى تكاد تقضى عليها نهائيا، وشهدت مصر في الفترة الماضية إغلاق ما يقرب من 900 مصنع و250 مصنعًا اقترب من الإغلاق. وأدت أساب كثيرة إلى تراجع هذه الصناعة منها ارتفاع أسعار الغزول بنسبة 150 %، والتي تشكل كبرى مشاكل صناعة النسيج فى مصر، وهو ما أدي لارتفاع سعر تكلفة الإنتاج، فضلًا عن انخفاض المِساحة المزروعة من محصول القطن من مليونى فدان إلى 284 ألف فدان فقط ، وأصبح القطن المصري المستخدم في هذه الصناعة يمثل 15%، فقط من صناعة النسيج ويتم استيراد باقى القطن من أمريكا بأسعار مرتفعة، بالإضافة إلي ظهور الهند والصين التي تصدر 30 %، من صناعة القطن وأصبحت منافسًا قويًا في ظل تردي الأوضاع في مصر. وتسببت هذه العوامل في خسائر تقدر ب16 مليار جنيه في العام الماضي بعدما كانت تحقق صادرات الغزل والنسيج المصرية أرباحًا تقدر ب7 مليارات جنيه سنويا، ووصلت ديون شركات الأعمال العاملة فى النسيج إلى 17 مليار جنيه. وفى هذا الصدد يؤكد "عبد الفتاح إبراهيم" نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر لشئون التثقيف والتدريب، ورئيس النقابة العامة للغزل والنسيج أنه إذا لم تتدخل الحكومة لحل أزمة هذا القطاع فعليها أن تطلق رصاصة الرحمة على هذا الصرح العظيم، الذي اشتهرت به مصر في العقود السابقة، مشيرًا إلى أن ما حدث كان مخططًا له وكنا نأمل أن تطول ثورة 25 يناير هذه الصناعة الكبيرة، إلا أنها اهتمت بالامور السياسية وأهملت النواحي الاقتصادية. وأكد أن أول خطوة فى النهوض بصناعة النسيج هى الاهتمام بالمادة الخام "زراعة القطن" مرة أخري، وتشجيع الفلاح على ذلك، بالغضافة إلي ضبط السوق ومنع التهريب، ودعم الصناعة بالمعدات والحفاظ على حقوق العمالة الكثيفة في هذا المجال. وكشف إبراهيم أن قطاع الغزل والنسيج كان يحقق من 30 %، إلي 40 %، من أجور العاملين به، أصبح الآن لا يحقق سوي حوالي 10 %، من قيمة هذه الأجور، وهذا يؤكد استمرار انهيار تلك الصناعة. علي الجانب الآخر يري"حمدي حسين" عضو مجلس إدارة النقابة العامة للغزل والنسيج سابقًا وسكرتير اللجنة التنسيقية لحقوق العمال أن هناك العديد من العوامل التي أدت إلى تراجع صناعة الغزل والنسيج في مصر والتي كانت رائدة لهذه الصناعة في العالم، وفي مقدمة هذه الأسباب إهمال زراعة المواد الخام من القطن والكتان. وأضاف أن اتجاه المصانع إلى استخدام القطن الهالك "الكناسة" جعلت المنتجات رديئة، ومن ثم الإحجام عن شرائها وتسويقها، هذا بالإضافة إلى عدم وجود قطع غيار للماكينات، فضلا عما وصل إليه القطاع العام من تدهور بسبب هروب العمالة إلى الخارج بعد تدنى الأجور. وأكد حسين أن الإدارة الفاشلة كانت سببًا رئيسيًا في تدهور صناعة الغزل والنسيج، والتي ضيعت حقوق العمالة من خلال المعاش المبكر والفصل وغيره، مشيرًا إلى أنه على الرغم مما تعانيه هذه الصناعة من أزمات إلا أنه من الممكن ان تقوم مرة أخري وخاصة أننا نمتلك العمالة الماهرة في هذا المجال. ومن جانبه أكد "عادل زكريا" عضو دار الخدمات النقابية والعمالية أن سوء الإدارة كان السبب الأساسي في تراجع صناعة مهمة مثل صناعة الغزل والنسيج، مشيرًا إلى أن الفساد في الأنظمة وعدم الاهتمام بزراعة المواد الخام وعلى رأسها القطن أدي إلى تدهورها. وقال: حقوق العمالة التي كانت مهضومة في هذا القطاع أدت لهجرتهم إلى الصناعات الأخري في القطاع الخاص من أجل تحسين أجورهم، موضحا أن هذه الصناعة قد تعود مرة أخري ولكن الأمر يحتاج إلى دراسة وافية ومستفيضة وإعادة زراعة القطن مرة أخري من خلال تشجيع الفلاح ومده بكل المقومات وكذلك الصناعة القائمة في هذا المجال.