تاريخ الكنيسة يحفل بالعشرات من القصص الخالدة عن الرهبان الذين كانوا يهربون إلى الصحارى البعيدة حتى لاتتم رسامتهم بطاركة، لدرجة أن الشعب كان يقيدهم بالسلاسل والأغلال لإتمام الصلوات .. هذه السير المباركة تغيرت تماما ، وأصبح الترشح للبطريركية يحتاج إلى صحفيين وحملات إعلانية وقنوات فضائية لذلك أصبح أولئك الهاربون من المجد هم الأعظم فى تاريخ الأقباط.. وإليكم القصة وما فيها: البابا مرقس الثانى مات هذا البطريرك فى 17 أبريل سنة 819م وهو يحمل رقم 49من باباوات الكرازة المرقسية، جاء فى السنكسار- (كتاب سير القديسين) مرتبا حسب تاريخ وفاتهم – عنه ان هذا البابا كان من أهل الإسكندرية ، بكرا طاهرا عالما فاضلا ، وقد رسمه البابا يوحنا شماسا ثم قساً، فكان كل من يسمعه يطرب بصوته وبحسن نغماته في الصلاة وسلم إليه البابا البطريرك تدبير البطريركية ولم يكن يفعل شيئا إلا بعد أخذ رأيه ، وعندما البسه الاسكيم المقدس في الهيكل ، صاح أحد الشيوخ قائلا : هذا الشماس الذي اسمه مرقس سيستحق أن يجلس علي كرسي أبيه مرقس. لما تنيح البابا يوحنا أجمع الأساقفة علي اختياره بطريركا فهرب إلى البرية ولكنهم لحقوا به وأحضروه ورسموه بطريركا في يوم 2 أمشير سنة 515 ش (26 يناير 799م) ويقول عنه السنكسار إنه أهتم بشئون الكنائس وعمر ما خرب منها ورد أرباب البدع إلى الرأي القويم، وأبرأ مرضي كثيرين، وأخرج من بعضهم الشياطين، وقال لبعضهم إن ما أصابكم حدث نتيجة تجاسركم علي التناول من الأسرار المقدسة بجهل ، فاحفظوا نفوسكم منذ الآن من الكلام الرديء الذي يخرج من أفواهكم ، وفي أيامه استولي العرب علي جزائر الروم، وسبوا كثيرين من نسائهم وأولادهم، واتوا بهم إلى الإسكندرية وشرعوا في بيعهم، فجمع من المؤمنين مالا علاوة علي ما كان عنده من أموال الأديرة ،ودفع في سبيل إنقاذهم وإطلاق حريتهم مبلغ ثلاثة آلاف دينار، وكتب لهم أوراق عتقهم، وزود من رجع إلى بلاده بالمال اللازم له، وزوج من بقي منهم وصار يعتني بهم، وأهتم هذا الأب بكنيسة المخلص بالإسكندرية وجددها فأحرقها بعض الأشرار فعاد وجددها ثانية ..ولما أراد الرب نياحته مرض قليلا فقام بخدمة القداس وتناول الأسرار الإلهية ثم ودع الأساقفة الذين كانوا عنده وتنيح بسلام بعد أن أقام علي الكرسي عشرين سنة وشهرين واحد وعشرين يوما صلاته تكون معنا. آمين البابا يوحنا الخامس مات فى 29 أبريل سنة 505 م ويذكر السنكسار عنه انه من مواليد الاسكندرية، ومال منذ حداثته إلى حياة الرهبنة، فترهب ببرية القديس مقاريوس، واختير للبطريركية بعد سلفه البابا أثناسيوس فتمنع، ولكن الأساقفة والكهنة والأراخنة أخذوه قهرا ورسموه في أول بابه سنة 213 ش (29 سبتمبر سنة 496 م) فلما جلس علي الكرسي اهتم اهتماما زائدا بالتعليم والوعظ وتثبيت المؤمنين علي الإيمان المستقيم وهو أول بطريرك أخذ من الرهبان. وكان وقتئذ الملك زينون البار ملكا علي القسطنطينية، ولهذا اشتد ساعد البابا البطريرك في نشر الإيمان المستقيم في أنحاء البلاد المصرية، وقد أمر هذا الملك البار بإرسال طلبات (برية شيهيت) من القمح والزيت والخمر والمال لتجديد مباني قلاليهم وترميمها، وكانت أيام هذا البابا أيام هدوء وسلام ،ولما أكمل سعيه الصالح مرض قليلا ثم تنيح بسلام بعد أن قضي علي الكرسي المرقسي ثماني سنوات وسبعة أشهر . البابا قسما الأول توفى البابا قسما الأول فى (24 يونيو عام 730م وأصله من أبي صير، وترهب بدير أبي مقار، ورسم بطريركا رغما عنه (مارس 729م) ولم يبرح منذ توليه الكرسي عن السؤال كي ينيح الله نفسه اى كان يصلى بإلحاح لكى يموت ويهرب من المسئولية، سريعا فأجاب الله طلبه بعد أن تولي علي الكرسي مدة سنة واحدة وثلاثة شهور. البابا مقاريوس ال «69» يحكى السنكسار عن الأنبا مقاريوس التاسع والستين من باباوات المدينة العظمى الإسكندرية بأنه كان منذ صغره عابدا ناسكا، وارتاح إلي سيرة الرهبنة فذهب إلي برية الاسقيط وترهب بدير القديس مقاريوس . وتفرغ للعبادة والجهاد، وكان يروض نفسه بقراءة الكتب المقدسة وتفاسيرها والتأمل في معانيها. وارتقى في الفضيلة فرسم قسا، ولما تنيح الأنبا ميخائيل البابا الثامن والستون خلا الكرسي البابوي فذهب جماعة من الكهنة والأساقفة العلماء إلي برية الاسقيط، واجتمعوا في الكنيسة مع شيوخ البرية ومكثوا زمانا يبحثون ويستكشفون أخبار من يصلح لهذه الرتبة، إلي أن استقر رأى الجميع على تقدمة هذا الأب لما عرف عنه من الخصال الحميدة والخلال السديدة، فآخذوه جبرا وقيدوه قسرا، وهو ينتحل الأعذار ويقدم أسبابا ويصيح بأن يعفوه قائلا: إني لا أصلح للبطريركية. وكان يهرب منهم، فأحضروه إلي الإسكندرية ورسموه بطريركا ،وقرأ التقليدة بكنيسة المعلقة بمصر،وكان في رئاسته متزايدا في نسكه وتعبده. وكان مداوما على التعليم والوعظ كل يوم،وكان يواصل الصدقات والرحمة إلي ذوى الفاقة وأرباب الحاجات، ولم يطالب في أيام رئاسته بشيء من أموال الكنائس، بل ما كان يفضل عنه مما يقدم له، كان يصرفه في أوجه البر، وكمل في الرياسة سبعا وعشرين سنة. البابا سيمون الثاني كان هذا القديس من أهالي الإسكندرية ابنا لأبوين مسيحيين أرثوذكسيين من أكابر المدينة. وقد رضع لبن الإيمان منذ صغره، وتأدب بعلوم الكنيسة واختار لنفسه سيرة الرهبنة، فقصد جبل (شيهيت)وترهب في قلاية سلفه الأنبا يعقوب البطريرك،ومكث عنده عدة سنوات، أرهق فيها جسمه بالنسك الطويل، والتعبد الكثير ولما قدم الأنبا مرقس الثاني بطريركا، طلبه من أبيه الروحي الأنبا يعقوب، لما علم عنه من السيرة الصالحة، والتدبير الحسن فمكث عنده إلى أن تنيح. ولما قدم الأنبا يعقوب أبوه الروحي بطريركا، جعله أيضا عنده. وكان ينتفع به كثيرا. ولما تنيح الأنبا يعقوب أجمع رأى الأساقفة والكهنة والمشايخ بالاتحاد الروحاني على تقدمة هذا الأب، لما رأوه في مدة إقامته عند الأبوين المذكورين من التقوى والإيمان الصحيح. فمسكوه وقيدوه ورسموه بطريركا. فسار السيرة الملائكية المرضية للرب. وشاء الله أن ينحيه فلم يقم على الكرسي سوى خمسة أشهر ونصف. البابا مقاريوس ال59 الأب القديس الأنبا مقاريوس الأول التاسع والخمسون من باباوات الكرازة المرقسية، ولد في بلدة شبرا، وزهد العالم منذ صغره، واشتاق إلى السيرة الرهبانية، فقصد جبل (شيهيت) بدير القديس مقاريوس، وسار في سيرة صالحة أهلته لانتخابه بطريركا خلفا للبابا قزما (قزمان). فاعتلى الكرسي المرقسى في (27 مارس سنة 932 م).وحدث لما خرج من الإسكندرية قاصدا زيارة الأديرة ببرية شيهيت كعادة أسلافه، أن مر على بلدته لافتقاد والدته، وكانت امرأة بارة صالحة، فلما سمعت بقدومه لم تخرج إليه، ولما دخل البيت وجدها جالسة تغزل فلم تلتفت إليه، ولا سلمت عليه. فظن أنها لم تعرفه، فقال لها: (ألا تعلمين أنى أنا ابنك مقاريوس الذي رقى درجة سامية، ونال سلطة رفيعة، وأصبح سيداً لأمة كبيرة ؟) فأجابته وهى دامعة العين: " أنى لا أجهلك وأعرف ما صرت إليه، ولكني كنت أفضل يا أبني أن يؤتى بك إلى محمولا على نعش، خير من أن أسمع عنك أو أراك بطريركا،ألا تعلم أنك قبلا كنت مطالبا بنفسك وحدها، أما الآن فقد صرت مطالبا بأنفس رعيتك. فاذكر انك أمسيت في خطر، وهيهات أن تنجو منه ".. قالت له هذا وأخذت تشتغل كما كانت،أما الأب البطريرك فخرج من عندها حزينا، وباشر شئون وظيفته، منبها الشعب بالوعظ والإرشاد، ولم يتعرض لشيء من أموال الكنائس ، ولا وضع يده.على أحد إلا بتزكية. وكان مداوما على توصية الأساقفة والكهنة برعاية الشعب وحراسته بالوعظ والتعليم، وأقام على الكرسي الرسولي تسع عشرة سنة وأحد عشر شهراً وثلاثة وعشرين يوما في هدوء وطمأنينة . دموع البابا كيرلس السادس دموع البابا كيرلس السادس كانت تنهمر بغزارة شديدة يوم سيامته .الامر الذى تعجب له كل الحضور ، فهل يقرأ من يحلم بهذا المنصب هذه السير ويتأمل فى الهروب والقيود والجبر والدموع .ويحاول أن يقلد هؤلاء العظماء أم انه الآن لاتوجد صحارى ولا دموع .