افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بافتتاح مُجمع البتروكيماويات الخاص بالشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته "إيثيدكو" بمنطقة العامرية بالإسكندرية، والمتخصص في إنتاج مادة البولي إيثيلين، التي تدخل في العديد من الصناعات التكميلية أهمها مواد البناء والتشييد والتعبئة، وصناعات متنوعة مثل عوامات الصيد والصوب الزراعية وإنتاج خطوط المواسير التي تستخدم في نقل المياه والغاز الطبيعي. ويساهم مجمع البتروكيماويات في دعم الاقتصاد القومي وتشجيع الاستثمار المحلي من خلال توفير النقد الأجنبي والحد من استيراد منتجات البتروكيماويات وتعظيم القيمة المضافة، فضلًا عن تصدير جزء من الإنتاج بما يقدر بنحو 660 مليون دولار سنويًا، إلى جانب توفير أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس ألقى كلمة بهذه المناسبة استهلها بتوجيه التحية والتقدير للعاملين بقطاع البترول على ما حققوه من إنجازات، ومن بينها إنشاء مجمع شركة "إيثيدكو". كما أشار الرئيس إلى أهمية تعريف المواطنين بالتحديات الاقتصادية الراهنة، منوهًا إلى أن قيمة ما يتم انفاقه على استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء يبلغ نحو 80 مليار جنيه سنويًا، وهو ما يبرز أهمية ترشيد الاستهلاك ومواصلة جهود تطوير قطاعي البترول والكهرباء في مصر. واستعرض الرئيس الوضع الاقتصادي الحالي لمصر، حيث أشار إلى الصعوبات التي تعرض لها الاقتصاد المصري على مدى العقود الماضية نتيجة الحروب التي خاضتها مصر وما أدت إليه من استنزاف الموارد الاقتصادية الوطنية، فضلًا عن تداعياتها السلبية على هيكل الاقتصاد المصري. وأكد الرئيس على أهمية تكاتف جهود الشعب المصري لمواجهة التحدي الاقتصادي، مشيرًا إلى أن جنى ثمار التنمية الاقتصادية يستلزم سنوات، وأن الإرهاب والفساد زادا من إضعاف القدرات الاقتصادية المصرية، لاسيما في ضوء استخدام الإرهاب على مدى السنوات الماضية للنيل من السياحة التي تمثل مصدرًا هامًا للنقد الأجنبي. كما أشار الرئيس إلى أن توقف الاكتشافات البترولية خلال سنوات الثورة ساهم أيضًا في إضعاف قدرة الاقتصاد المصري، فضلًا عن الإجراءات السلبية الأخرى التي صاحبت تلك الفترة مثل التوسع في تعيين العاملين بالجهاز الإداري للدولة، مشيرًا إلى زيادة بند المرتبات في موازنة الدولة بأكثر من 150 مليار جنيه سنويًا بما أدي إلى تعاظم الدين الداخلي بنحو 600 مليار جنيه ليبلغ 2.3 تريليون جنيه بما يمثل 97% من الناتج المحلى. وأكد الرئيس كذلك على المسئولية المشتركة للجميع في التعامل مع التحديات القائمة، مؤكدًا على أهمية ضبط الاقتصاد والحد من الانفاق والتوسع في الترشيد. وأوضح الرئيس أن زيادة فواتير الكهرباء جاءت في إطار التخفيف من فاتورة الدعم، مشيرًا إلى استثمار أكثر من 400 مليار جنيه في قطاع الكهرباء على خلال الفترة الماضية، وأن زيادة فواتير الكهرباء ستوفر نحو 20 مليار جنيه لمواصلة تطوير هذا القطاع الحيوي، موضحًا أنه تمت مراعاة الشرائح محدودة الدخل حيث بلغت الزيادة جنيهًا ونصف للشريحة التي يبلغ استهلاكها خمسين كيلو وات شهريًا في مقابل 28 جنيها تسددها الدولة كدعم لهذه الشريحة. وأكد الرئيس عدم إمكانية مواصلة نسبة الدين الداخلي الحالية، مشيرًا إلى أهمية التحلي بالمسئولية وعدم التردد في اتخاذ القرارات الصعبة من أجل مواصلة الإصلاح والتصدي لعجز الموازنة. وأشاد الرئيس بموقف الشعب المصري الداعم لدولته والمساند لكل الخطوات التي من شأنها تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة، مضيفًا أن مصر لن تنهض إلا بسواعد أبنائها. وتحدث الرئيس عن ضرورة مواصلة الاكتشافات من البترول والغاز لتعظيم موارد الدولة المصرية، مشيرًا إلى أن ذلك يتم بالتوازي مع ما يتم اتخاذه من خطوات لضمان وصول الدعم لمستحقيه من محدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية، حيث نوه إلى إطلاق عدد من برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامج "تكافل وكرامة" في مارس 2015 الذي استفاد منه نحو 500 ألف أسرة ومن المتوقع أن يصل عدد المستفيدين في ديسمبر 2016 إلى نحو 1.5 مليون أسرة بواقع نحو 7 ملايين مواطن، فضلًا عن برنامج المعاشات الضمانية الذي يقدم مساعدات غير مشروطة للأسر الأكثر احتياجًا ووصل عدد المستفيدين منه لأكثر من 2.6 مليون مواطن، إلى جانب زيادة المعاشات على مدى العامين السابقين أربع مرات بنسبة 35% وبما يبلغ قيمته نحو 30 مليار جنيه، حيث يستفيد من المعاش 9 ملايين مواطن. وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس أكد على أهمية تعريف المواطنين بالتحديات الاقتصادية وإيضاح الحقائق وتوضيح الخطوات التي سيتم اتخاذها، مؤكدًا على أنه سيتم الإعلان عن كل القرارات التي سيتم اتخاذها لضمان الشفافية وتجنب إرباك الأسواق. كما ذكر الرئيس أن ما سيتحقق قبل انتهاء العامين القادمين سيوازي أكثر مما تم تحقيقه خلال العشرين عامًا الماضية، موضحًا أنه بحلول عام 2018 سيتم الانتهاء من نحو سبعة آلاف كيلو متر من الطرق، بالإضافة إلى نحو 200 كوبرى، فضلًا عن إنشاء من 800 ألف إلى مليون وحدة سكنية في إطار مشروع الإسكان الاجتماعي سيستفيد منها 4 – 5 ملايين مواطن، حيث سيتم توفير وحدات سكنية إلى جميع المتقدمين الذين تنطبق عليهم الشروط. كما سيتم إنشاء أكثر من 150 ألف وحدة سكنية لتوفير مسكن ملاءم لنحو 850 ألف مواطن من قاطني المناطق الخطرة على مستوى الجمهورية، مشيرًا إلى أن استثمارات مشروعات الإسكان يصل إجمالي تكلفتها إلى 180 مليار جنيه، وأن مشروعات هذا القطاع يتم إنجازها بمعدلات غير مسبوقة. واستعرض الرئيس كذلك التطورات التي يشهدها مجال معالجة وتحلية المياه، مشيرًا إلى أنه بحلول منتصف عام 2018 سيكون هناك معالجة ثلاثية متطورة للمياه بقدرة تصل إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا بما يساوى 3.5 مليارات متر مكعب سنويًا، بالإضافة إلى إنتاج مليون متر مكعب يوميًا من خلال تحلية مياه البحر. كما تناول الرئيس ما يتم إنجازه في إطار تخطيط وتنفيذ الجيل الثاني من المدن الجديدة، ومنها أربع مدن بمحافظات الصعيد في كل من قنا وأسيوط وسوهاج والمنيا، بالإضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، والمدن الجديدة في العلمين وشرق التفريعة والإسماعيلية والسويس، وهو ما يمثل إضافة هامة لقيمة الأراضي بهدف تعظيم موارد الدولة. وأشار الرئيس كذلك إلى مواصلة العمل في مشروع المليون ونصف المليون فدان، بالإضافة إلى استصلاح نحو 250 ألف فدان في سيناء، والانتهاء من تشييد نفقين على الأقل أسفل قناةالسويس ومزرعتين سمكيتين، فضلًا عن إنشاء عدد من المزارع للصوب الزجاجية والإنتاج الحيواني. وأضاف الرئيس أن إنتاج الأسمنت سيزيد بنحو 30% من الإنتاج الحالي، مؤكدًا على الحاجة إلى تنفيذ مزيد من المشروعات حتى يمكن تعويض ما ضاع من وقت على مدى السنوات الماضية. وأشار المُتحدث الرسمي إلى أن الرئيس وجه في ختام كلمته رسالة طمأنه إلى الشعب المصري، حيث أعرب عن ثقته في قدرة الشعب المصري على تجاوز التحديات وتحمل المسئولية في الأوقات الصعبة. ودعا الرئيس كافة المواطنين إلى ترشيد الانفاق وتخفيض استهلاك الكهرباء والمياه لما يمثلانه من عبئ على كاهل الاقتصاد المصري. وفى هذا الإطار، أشاد الرئيس بمواقف المرأة المصرية وحرصها على الوقوف دائمًا إلى جانب بلدها، مؤكدًا على أن مصر ستأخذ مكانتها المستحقة بين الأمم بتضيحة أبنائها وصبرهم ومثابرتهم. وعقب انتهاء كلمته، قام الرئيس بحضور مراسم افتتاح مصنع الايثيلين بصحبة عدد من الشباب وطلبة الجامعات. كما قام سيادته بجولة تفقدية لمجمع البتروكيماويات شملت غرفة التحكم وعملية الإنتاج والتعبئة. وكان المهندس طارق الملا وزير البترول قد استعرض خلال الافتتاح ما يمثله المشروع من إنجاز لصناعة البتروكيماويات المصرية باعتباره أحد أهم وأضخم المصانع المتخصصة في هذا المجال بمصر والشرق الأوسط بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 1.925 مليار دولار، مشيرًا إلى أن إنشاء مجمع البتروكيماويات يأتي في إطار تنفيذ الأهداف الاستراتيجية لوزارة البترول بشأن التوسع في صناعة البتروكيماويات لتعظيم الاستفادة من الموارد الوطنية، وزيادة نسب المكون المحلي، وتوفير احتياجات البلاد من البتروكيماويات. كما تناول المهندس طارق الملا الجهود الجارية لتطوير قطاع البترول والغاز في مصر وما نتج عن هذه الجهود من اكتشافات خلال الفترة الأخيرة شملت حقل "نيدوكو" بشمال شرق الدلتا الذي تم الكشف عنه في يوليو 2015 بمخزون 2 تريليون قدم مكعب والمستهدف أن يصل إنتاجه خلال شهر سبتمبر القادم إلى 700 مليون قدم مكعب ويزيد إلى المليار قدم بحلول منتصف عام 2017، فضلًا عن حقل ُظهر العملاق الواقع بالمياه المصرية العميقة بالبحر المتوسط، مشيرًا إلى أن الوزارة تستهدف أن يصل الإنتاج من الغاز في العام المالي 2020/2021 إلى 7.5 مليار قدم مكعب في اليوم. كما أكد الوزير حرص الوزارة على تعزيز اكتشافات الغاز والبترول وإبرام مزيد من اتفاقات الاكتشافات مع الشركات العالمية بهدف سد حاجة السوق المحلي والحد من استيراد الغاز والمواد البترولية، منوهًا إلى أن فاتورة توفير الغاز لمحطات الكهرباء خلال شهر يوليو الماضي فقط وصلت إلى نحو 7.2 مليارات جنيه. كما استعرض الدكتور خالد فهمي وزير البيئة خلال الافتتاح جهود دمج البعد البيئي في جميع المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها، مؤكدًا حرص الدولة على تحقيق التنمية الاقتصادية وحماية البيئة بالتوازي.