شارك الشعشاعي وإسماعيل طفلا فى التلاوة بالمسجد الزينبي.. فارتجت الجدران بصيحات التكبير قرأ بالحرمين الشريفين وبالمسجد الأقصى ومنحته دول العالم الأوسمة صاحب صوت ملائكى.. وحنجرة ذهبية.. كما أنه صاحب النصيب الأكبر من الشعبية والحب لدي جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها... صاحب الصوت الذى تربع على عرش التلاوة لاكثر من خمسين عاما نال خلالها الحب الذي جعل منه أسطورة لا تتأثر بمرور السنين بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها..هو مارلون بروندو الشرق الشيخ عبد الباسط عبد الصمد. ولد الشيخ عبد الباسط لأسرة بسيطة عام 1927,فوالده هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين للقرآن حفظا وتجويداً ويعمل فى وزارة المواصلات , و جده الشيخ عبد الصمد كان من الأتقياء والحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، نشأ بقرية المراغة التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا . حفظ القرأن الكريم عندما بلغ من العمر عشر سنوات كان القرآن يتدفق على لسانه كالنهر الجاري ,و عندما طلب من والده أن يتعلم القراءات أشار عليه أن يذهب إلى مدينة طنطا ليتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (محمد سليم) وقبل السفر بيوم واحد علم بوصول الشيخ محمد سليم إلى (أرمنت) ليستقر بها مدرساً للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت فتعلم القراءات السبع , وبعد أن وصل الثانية عشر من العمر ذاع صيته فى كل مدن و قرى محافظة قنا و ساعده فى ذلك الشيخ سليم . و فى عام 1950سافر الشيخ عبد الباسط مع أحد اقاربه الى القاهرة لحضور الاحتفال بمولد السيدة زينب والذي كان يحييه عمالقة القراء المشاهير كالشيخ عبد الفتاح الشعشاعي والشيخ مصطفى إسماعيل و بعد بداية الحفل استأذن ليقوم الشيخ الصغير بتلاوة بعض آيات القرأن الكريم فى عشردقائق فقط فأذن له وبدأ في التلاوة وسط جموع غفيرة وكانت التلاوة من سورة الأحزاب، فعم الصمت أرجاء المسجد واتجهت الأنظار إلى القارئ الصغير الذي تجرأ وجلس مكان كبار القراء ولكن ما هي إلا لحظات حتي انتقل السكون إلى صيحات رجت المسجد (الله أكبر)، وبدلاً من القراءة عشر دقائق امتدت إلى أكثر من ساعة ونصف الساعة. وتم اعتماد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد النجوم اللامعة بقوة في سماء التلاوة و ذلك بعد ان سجل الشيخ الضباع تلاوة الشيخ عبد الباسط بمولد السيدة زينب رضى الله عنها و ارضاها وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي المحكم الرائع وتم اعتماد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة. بدأ الشيخ عبد الباسط رحلته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952م فانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا,حتى ان بعض الدعوات كانت توجه إليه ليس للاحتفال بمناسبة معينة وإنما كانت الدعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألهم احد عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبد الباسط يكون ردهم (بأن المناسبة هي وجود الشيخ عبد الباسط) فكان الاحتفال به ومن أجله . استقبال شعوب العالم له كانت خير دليل على المكانة التى وصل اليها الشيخ حتى ان الرئيس الباكستاني استقبله بنفسه فى ارض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة.. وفي جاكرتا باندونيسيا قرأ القرآن الكريم فى أكبر مساجدها فامتلأ المسجد بالحاضرين و اصطف المواطنون خارج المسجد لمسافة كيلو متر مربع يستمعون إليه وقوفا على الأقدام حتى مطلع الفجر. و فى عام 1956 سافر الى سوريا و فوجئ باستقبال شعبى كبير حتى ان السوريين صنعوا دمى له و شبهوه بمعبود النساء فى ذلك الوقت (مارلون بروندو )و اطلقوا عليه لقب معبود نساء الشرق كما منحه الرئيس السورى وسام الاستحقاق وفى المملكة العربية السعودية سجل عدة تلاوات أشهرها التي سجلها بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف ولقب بعدها ب (صوت مكة). ومن اشهر المساجد التى قرأ بها القرأن الكريم المسجد الاقصى و المسجد الابراهيمى بالخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق كما زار العديد من دول العالم الغربى و لقى فيها الترحيب الشديد و حصل على العديد من الاوسمة من مختلف دول العالم . خلال سنوات حياته اصيب بمرض السكر و تمكن المرض منه كما اصيب بالكسل الكبدى و تدهورت حالته الصحية فى اواخر ايامه و اشار عليه الاطباء بالسفر الى لندن و لكن استمرت حالته الصحية فى التدهور فعاد بعد اسبوع واحد ليلفظ انفاسه الاخيرة يوم الأربعاء الموافق 30 نوفمبر 1988 لتفقد مصر و العالم كله واحدا من اهم المقرئين فى التاريخ .