سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الأوقاف بمجلس ملك البحرين: النبي أول من رسخ لدولة المواطنة في أعلى درجاتها الإنسانية.. الإخلال بأمن الوطن خيانة.. مواجهة الجماعات المتطرفة واجب ديني ووطني.. والإسلام دين رحمة وتسامح بين البشر
أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن أول من رسخ فقه المواطنة ودولة المواطنة المتكافئة في أعلى درجاتها الإنسانية هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في أعظم وثيقة إنسانية في تاريخ البشرية، وهي صحيفة المدينة، إذ أكد (صلى الله عليه وسلم) أن يهود بني عوف وبني النجار وبني الحارث وبني ساعدة وبني جشم وبني الأوس وبني ثعلبة، مع المؤمنين أمة. وأضاف جمعة خلال كلمته بمجلس ملك البحرين حمد بن خليفة، أن أعلى درجات الإنصاف الإنساني، قبل أن يقر للمسلمين دينهم أقر لليهود حرية اختيار دينهم، فقال: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، دون إكراه، {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، فسُنّة الله في كونه قائم على التنوع والاختلاف: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}. المواطنة المتكافئة وأوضح أن المواطنة المتكافئة تقتضي عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس في ضوء الحقوق المتبادلة بين الوطن والمواطن، إذ يجب على المواطن أن يكون وفيًا لحق الوطن. ولفت إلى أن كل من يعيش على أرض البحرين أو مصر أو الكويت أو المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، أو أي دولة من الدول، يجب أن يكون ولاؤه لوطنه، ووفاؤه له خالصا لا تشوبه شائبة وولاءات أو انتماءات أخرى، فالمواطنة عقد بين الوطن والمواطن، فمن أخلّ بأمن وطنه لصالح دولة أخرى حُوسِبَ على خيانته الوطنية لا على دينه ولا على مذهبه. وأشار إلى، أن تكريم الله عز وجل للإنسان جاء على إطلاق إنسانيته، إذ يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}، ولم يقل كرمنا المسلمين أو المؤمنين أو الموحدين، وعندما أرسل الحق سبحانه وتعالى خاتم أنبيائه ورسله محمدًا (صلى الله عليه وسلم) أرسله رحمة للعالمين وليس للمسلمين وحدهم، فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس كل الناس وليس لنفسها ولا أبنائها فقط، وعندما حرم قتل النفس حرم قتل النفس أي نفس وكل نفس دون تفرقة بين نفس وأخرى، فقال سبحانه: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}. وشدد على أنه لا يوجد في الإسلام قتل على المعتقد قط، فحينما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) امرأة كافرة مسنة مقتولة في ساحة القتال قال (صلى الله عليه وسلم): "من قتلها؟ ما كانت هذه لتقاتل!"، وعندما مرت عليه (صلى الله عليه وسلم) جنازة يهودي انتصب (صلى الله عليه وسلم) واقفا، فقيل له (صلى الله عليه وسلم): إنها جنازة يهودي، فقال (صلى الله عليه وسلم): "أليست نفسًا". الإسلام دين الرحمة وأكد وزير الأوقاف، أن الإسلام دين الرحمة والتسامح والتيسير والتعايش السلمي بين البشر، فالفقه عند أهل العلم به هو التيسير بدليل، ولم يقل أحد ممن يعتد بقوله من أهل العلم إن الفقه هو التشدد، لأن الله (عز وجل) يقول: " يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، وما خُيّر نبينا (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ولا قطيعة رحم، فإن كان إثمًا أو قطيعة رحم كان (صلى الله عليه وسلم) أبعد الناس عنه. وأكد أن الإسلام دين الرحمة حتى بالحيوان، فعندما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلا يشق على جمل له، قال له: يا صاحب الجمل اتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله (عز وجل) إياها، فإن جملك هذا قد اشتكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه، أي تتعبه وتشق عليه. صحيح الإسلام وأشار إلى أن كل ما يأخذ أو يؤدي إلى الرحمة والتسامح والبناء والتعمير وعمارة الكون وحب الخير للناس والحفاظ على أمن الأوطان واستقرارها يأخذك إلى صحيح الإسلام، وما يأخذ الإنسان في اتجاه العنف والتشدد والتطرف والفساد أو الإفساد يأخذه إلى ما يناقض الإسلام، بل ما يناقض الأديان والفطرة الإنسانية السوية، حتى لو تزيّا بألف ثوب من أثواب التدين الكاذب أو التدين السياسي أو الشكلى، أو تستر بمعسول القول وفصيح الكلام وبليغه، إذ يقول الحق سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}. الجماعات الضالة ونوه وزير الأوقاف، إلى أن أكثر ما أصاب منطقتنا من ويلات ومآس ناتج عن متاجرة الجماعات الضالة بدين الله، وتوظيفه لمصالح لا علاقة لها بالدين، مع تأكيدنا أن أي ربط للإرهاب بالإسلام نتيجة ما تقوم به هذه الجماعات والعناصر الضالة المتطرفة والمخربة المحسوبة ظلما على الإسلام هو ظلم بيّن للإسلام والمسلمين، فنحن ضحية ولسنا جلادين. وأكد وزير الأوقاف، أن مواجهة جميع الجماعات والعناصر الإرهابية والمتطرفة تعد واجبا دينيا ووطنيا وإنسانيا، حتى نسترد خطابنا الإسلامي الحضاري الوسطي السمح من هذه الجماعات والعناصر المتطرفة والمتشددة التي تحاول اختطافه، ونحفظ لأوطاننا أمنها واستقرارها، وللإنسانية جمعاء أمنها وسلامها، ونجتث معا الإرهاب الأسود بكل صوره وأشكاله، ونقتلعه من جذوره، ونخلص الإنسانية جمعاء من شروره وآثامه. ودعا وزير الأوقاف، أن يحفظ البحرين وأهلها ومصر وأهلها وسائر بلاد العالمين من كل سوء ومكروه، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق، إنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.