العتبة وباب البحر والسيدة تحتكر منتجات الشهر الكريم رغم أنه شهر الزهد والصيام، إلا أن استهلاك المصريين للطعام والشراب فى رمضان يتجاوز 72 مليار جنيه على الأقل، ليصل فى تقديرات أخرى لضعف هذا الرقم، لحوم ودجاج وطواجن وألبان وياميش وحلويات هى المعالم المميزة لموائد رمضان، يستوى فى ذلك الفقراء والأغنياء، حتى مرتادى موائد الرحمن. أسر مصرية تقوم بعمل «جمعية» تخصص أموالها للانفاق على الطعام والشراب فى رمضان، وبالطبع يتبعه العيد بملابسه وكعكه وبيتى فوره وبسكوته والعيديات والولائم، وإذا افترضنا أن إفطار الصائم وسحوره وياميش وحلوياته يتراوح بين 01 إلى 02 جنيهاً، لسبعين مليون مواطن، خلال الأيام الثلاثين، فتصل الفاتورة إلى 72 مليار جنيه وقد تتضاعف، لكن اللافت هو الاستهلاك الترفى أو «السفهي» على الولائم والعزومات، فى القصور والفيلات، لتصل تكلفة الافطار لعشرات آلاف الجنيهات، وبالطبع لا يتم استهلاك الكمية الضخمة من الديوك الرومى واللحوم والبط والأوز والحمام المحشى والحلويات والعصائر، فيتم التخلص من معظم هذه الكميات فى القمامة! وفى الوقت الذى مرت فيها مصر بفترة «انتقامية» تقلصت فيها موارد الدولة، إلا أن عمليات استيراد الياميش لم تتوقف قبل حلول رمضان بأربعة أشهر، وكأن الصيام لن يقبله الله إلا بالياميش والمسلسلات والفوازير، الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء يؤكد - فى تقريره - أنه تم استيراد ياميش فى عام 8002 بمبلغ 812 مليون جنيه، وفى عام 9002 وصل إلى 993 مليون جنيه، أما فى 0102 مبلغ 075 مليون جنيه، وفى عام الثورة «1102» تراجع الاستيراد إلى 68 مليون جنيه، لكن هذا العام عاد استيراد الياميش إلى معدلات 0102، وتقوم عدة شركات باستيراد الياميش من دول مختلفة كسوريا وتركيا وباكستان والأردن. فى الأسواق كانت خفة ظل الشعب تعلن عن نفسها بقوة، فتم إطلاق اسماء على أنواع البلح، فأرخصها «بلح مبارك» واغلاها نانسى عجرم وهيفاء وهبى وأليسا ورولا سعد، وبالتأكيد فهذه التمور أكثر ليونة وحلاوة، وبها يبدأ الصائم افطاره الشهي! أسعار البلح تبدأ من أربعة جنيهات للكيلو وتتصاعد لتصل إلى 02 جنيهاً، أما تمور المدينةالمنورة فيصل سعر الكيلو إلى مائة وخمسين جنيهاً، وبالتأكيد فهذه يتم استيرادها بكميات بسيطة للأثرياء، أما قمر الدين فاللفة تزن نصف كيلو جرام، الصناعة المحلية ب8 جنيهات، والمستورد من سوريا ب02 جنيهاً، لكن الزبيب يتم استيراده من تركيا وسوريا وإيران. خالد العطار - صاحب محل عطارة بشارع الأزهر - يرى أن طلبات الشراء تختلف من أسرة إلى أخرى، فهناك أسرة تشترى «ياميش» ب031 جنيهاً، عبارة عن كيلو بلح ولفة قمر الدين وربع كيلو جوز هند وزبيب وفستق، وهناك أسر متوسطة تشترى ب003 جنيه، وبالطبع تزيد الكميات لأكثر من الضعف، بينما تقوم أسرة بشراء ياميش بمبلغ يتعدى 5 آلاف جنيه، فتطلب كميات وأنواعا مميزة، خالد مضيفاً: وتشهد العصائر المجففة اقبالاً من الجميع، لحلول شهر رمضان فى ذروة الصيف، ونبيع كميات ضخمة من التمر هندى والعرقسوس والكركدية وغيرها، وتستقر أسعار الياميش بحلول شهر رمضان، لتبدأ فى الانخفاض بعد الأيام العشرة الأولى من الشهر الكريم. الألبان والزبادى والجبن تشهد مبيعات ضخمة فى شهر رمضان، لدرجة تخصيص شركات الألبان ربع انتاجها لشهر رمضان، بهذا يؤكد محمد الشرنوبى - مسئول مبيعات بإحدى شركات منتجات الألبان- مضيفاً أن الشركة تنتج 0043 طن زبادي، بما يعادل 086 ألف كرتونة، بكل منها 84 علبة، تباع الواحدة ب051 قرشاً، فضلاً عن انتاج محلات الألبان للزبادى «البلدي» لتلبية احتياجات المستهلكين، الشرنوبى مضيفاً: وتخصص الشركة 069 طناً من الألبان لصناعة الجبن، وتباع العلبة «ربع كيلو» فى الأسواق بأربعة جنيهات، أما النصف كيلو فيتراوح سعرها بين 8 إلى 11 جنيهاً حسب نوع الجبن، ونقوم بضخ 08٪ من الإنتاج بالأسواق و02٪ للفنادق التى تقدم وجبات السحور لروادها، أما الحليب فيتم انتاج 001 طن «61 ألف كرتونة» وثمن العلبة 8 جنيهات وتزن كيلو جراما واحدا. ولعشق المصريين للحلويات التقليدية فيرتفع استهلاك الدقيق والسكر والزيت والسمن لصناعة الكنافة والقطايف، وعلى مسئولية احصائية صادرة من مركز البحوث الاجتماعية فنسبة زيادة استهلاك هذه السلع يتجاوز 06٪ عن الشهور الأخرى، وتشير الاحصائية لزيادة استهلاك الشاى بنسبة 52٪ لعشق الشعب للشاى فى جلسات ما بعد صلاة العشاء ولتقديمه للضيوف فى صعيد مصر ودلتاها، وتؤكد الدراسة أن زيت الطعام أولى السلع التى تنفذ من البيوت لكثرة استخدامه بوضعه على الفول والجبن وقلى البطاطس فى وجبة السحور، ولقلى القطايف وعمل البقلاوة وأصابع زينب وغيرها، من الحلويات بالنسبة للأسر المتوسطة. المخللات أيضاً لها عشاقها، فمن الناس من يقف فى طابور طويل أمام محل «المخللات» بعد صلاة العصر ليحظى بطلبه من ليمون معصفر أو مخلل مشكل ويطلب نوعاً محدداً من ماء المخلل الحار أو الوسط، لتتزين جميع الموائد المصرية بهذا الطبق الشهي، خيار وليمون وزيتون وبصل ولفت وجزر، الكيلو من هذا النوع «المشكل» فى الأحياء الشعبية ب51 جنيهاً، أما فى المناطق الراقية فيباع كل صنف على حدة، وقد يصل الكيلو إلى 07 جنيهاً، أما مناطق تصنيعه ففى العتبة وباب البحر والحسينية والسيدة زينب وسوق حلوان. يصرف المصريون على بطونهم أكثر من 72 مليار جنيه فى شهر رمضان، ما بين ياميش وعصائر، ولحوم ودواجن وألبان ومخللات. الجزء الأكبر من هذا المبلغ تلتهمه العزومات والولائم الرمضانية حتى إن إفطار بعض الأسر يتجاوز عشرات الآلاف من الجنيهات من سكانى القصور والفيلات.