"لماذ ينجر مسلمو أوروبا للتطرف؟".. سؤال طرحته الكثير من وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة، بعد تصاعد تنفيذ الأوروبيين أنفسهم لهجمات إرهابية داخل بلادهم لصالح جماعات متطرفة تتخذ من الإسلام شعارا لها بالكذب وتلصق له أعمالها الدموية. أسلمة التطرف نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تفسيرين مختلفين لانجذاب الأوروبيين للتطرف، رصدهما الباحثان "جيليس كيبيل" و"أوليفر روي" يوضح الفهم الغربي للتطرف الإسلامي العنيف. قال "روي" إنه ينبغي على أوروبا التوقف عن الحديث عن التطرف الإسلامي، والبدء في مناقشة ما أسماه ب"أسلمة التطرف"، حيث إنه لا يرى أن التطرف كما يدعي البعض هو نتاج فشل أوروبا في دمج الجاليات المهاجرة، بل أن الأمر أبعد من ذلك إذ قلل من دور الدين في الإرهاب والتطرف.
تفسيرات دينية ورأى الباحث الأمريكي ضرورة التوقف عن البحث عن التفسيرات الدينية أو الثقافية للإرهاب في أوروبا، خاصة وأن قليلًا من الأوروبيين المسلمين انجرفوا لمنزلق التطرف والإرهاب، مستبعدا فكرة تسبب العنصرية والتمييز في تطرف المسلمين في المجتمعات الأوروبية. وتساءل الكاتب عن سبب كون العديد ممن انجرفوا للجماعات المتطرفة كداعش من الأوروبيين البيض المتحولين حديثًا للإسلام، ولماذا يُلقى باللوم على الإسلام والثقافة الإسلامية في تطرفهم، إذا كان هؤلاء تربوا ونشأوا في مجتمعات بعيدة عن المجتمع الإسلامي ولم تكن لهم علاقة بالثقافة الإسلامية. تمرد الاجيال فسر "روي" ما يحدث بتورط هؤلاء الشباب فيما أسماه ب "تمرد الأجيال"، كما حدث في أوروبا عام 1970، حيث انضمت مجموعات من الشباب الأوروبي الغاضب للجماعات اليسارية الإرهابية مثل "الألوية الحمراء" و"الجيش الأحمر". وأوضح أن البعض استغل النموذج المشوه عن الإسلام، وصدروه على أنه أفضل وسيلة للتمرد ضد المجتمع، كما استخدموا الوعود بالجنة في تبرير أفعالهم والتلاعب بمن ينضم لتلك التنظيمات، مؤكدا أن الكثير من الأوروبيين المنضمين للجماعات الإرهابية ليسوا على درجة عالية من التدين بل تشير سيرتهم الذاتية إلى ارتيادهم الملاهي الليلية وليس المساجد، وتورطهم في جرائم وهم صغار السن. عوامل نفسية وأوضح الباحث أن للدين في بعض الأحيان دورا في التطرف، ولكن العوامل النفسية تفوقه أهمية، حيث يرى أن منفذي هجمات باريس ربما لا يختلفون كثيرًا عن المراهقين الذين يطلقون النار عشوائيًّا في المدارس في الولاياتالمتحدةالأمريكية. اضطهاد المسلمين على النقيض، رأى الباحث "كيبيل" أن التهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمسلمين الذين ولدوا في فرنسا ساعد في خلق ما يطلق عليه الجيل الثالث من الجهادية، والمقصود بهم الجهاديين الذين ظهروا في الفترة بين أعوام 2005 و2015. وذكر "كيبيل" أن تهميشهم دفعهم باتجاه الأشكال المتطرفة للإسلام، بما فيهم السلفية، التي عرفها على أنها النسخة المحافظة جدًّا من الإسلام المستوردة من الشرق الأوسط، والتي انتشرت بتمويل من عائدات النفط في المملكة العربية السعودية، موضحا أنه لا يمكن فصل الجهادية العنيفة عن أشكال السلفية غير العنيفة، مشددا على أهمية المعتقدات الدينية في خلق الظروف التي تسمح بالانجرار للإرهاب.