«كتيبة الموت».. قبضة جمال وعزمى والشريف لتصفية الخصوم الأنظمة الاستبدادية دائما لا تسمح للشعوب التي تحكمها بالمشاركة في التعبير عن رأيها في الحياة السياسية أو الاجتماعية،وتعمل هذه الأنظمة على إثارة الخوف في نفوس الشعوب وإحاطتها بالمخاطر الجسيمة وتجعلها تعيش في وهم اللحظات الطارئة لإبقائها دائما في حالة طاعة واستكانة،لأن ترسيخ فكرة المخاطر والعدو الخارجي في أذهان الشعب تساعد فى إحباط محاولات الاعتراض والنقد كما أنها تهدر الطاقة الاحتجاجية في البحث عن طرف وهمي . ما سبق هو رؤية الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية عن فكرة اللهو الخفى و»الطرف الثالث « الذى تخرجه السلطات من جرابها كلما عجزت عن تحمل مسئولياتها....فيتو حاورته فى هذه القضية فإلى نص الحوار.. متى بدأ استخدام أو ظهور «اللهو الخفي» في السياسة المصرية؟ تعبير اللهو الخفي تعبير جديد على مسامع المصريين ولكن كان موجودا في العهود السابقة بأشكال أخرى مثل الرجعية والاستعمار وغيرها من المصطلحات والفزاعات التي استخدمت في الماضي حيث انتهى عمرها الافتراضي الآن ولم تعد لها مصداقية بين الناس وخرج اللهو الخفي ليحل محل التخويفات التي أصبحت مستهلكة ولم تأت ثمارها ومن روج لهذا التعبير لا يقدر على تعريفه ووصفه لأنه غير موجود مثل البعبع. وكيف تستخدم الأنظمة الاستبدادية " الطرف الثالث" في أوقات الأزمات؟ يستخدم اللهو الخفي في أشياء كثيرة منها كفزاعة للشعب أو لامتصاص غضبه بتحويل نظره إلى عدو وهمي ليس له وجود وظهر ذلك في كثير من المناسبات كظهور السحابة السوداء وانفلونزا الطيور و بعض الأزمات التي لم يكن لها وجود في الأصل ،وفكرة البعبع موجودة في فلكلور التراث الشعبي المصري الذي كانوا يخيفوا به الأطفال "اسكت يا حبيبي..البعبع بره"،ولكن هذا البعبع أو اللهو الخفي يتحول في كل مرحلة عمرية من شيء إلى آخر فيتعدد أشكاله فمن الممكن أن يكون إسرائيل،الاستعمار، الرجعية،والإقطاع أو الرأسمالية ولكن كل هذه المصطلحات استخدمت في الماضي كبعبع أو لهو خفي فالمهم هنا أن يجد النظام السلطوي شماعة يتوكأ عليها . هل الفزاعة موجودة لدى النظم الديمقراطية؟ بالطبع لا..حيث يتوقف استخدامها في النظم الاستبدادية فقط وذلك لأن النظم الديمقراطية تعتمد في أساسها على تبادل وتداول حرية المعلومات بكل شفافية أمام شعوبها وبالتالي من يدعى بوجود طرف ثالث فعليه أن يأتي بالدليل الذى يثبت صحة أقواله ومعروف في القانون "البينة على من أدعى" وهذا مبدأ حقوقي ومنطقي. كيف كان يتمثل اللهو الخفي في عهد نظام مبارك؟ كان ذلك على شاكلة الحرس الحديدي فهم كانوا فرقة ضمن الحرس الملكي وكانت مهمتهم إيذاء واعتقال كل من يتجرأ على الملك وإقامة الحد عليه بالتعبير الإسلامي وكانوا أقرب إلى مصطلح الطرف الثالث،أما أيام الرئيس السابق مبارك فكان يقال إن هناك كتيبة تدعى "كتيبة الموت" ضمن القصر الجمهوري وكانت تقصى كل من يتعرض للرئيس بالنقد أو الإهانة وكانت تأخذ أوامرها من ثلاثة هم جمال مبارك وزكريا عزمي وصفوت الشريف، وهذه الكتيبة هي من قامت بالاعتداء على المعارض عادل حسين في حزب الشعب،ومجدي أحمد حسين رئيس تحرير صحيفة الشعب،وأيضا معي أنا شخصيا وهذه الاعتداءات إما أن تكون بالخطف والاعتداء جسديا والرمي في الصحراء أو التجريد من الملابس وترك المخطوف في مكان ما أو التخلص منه في حادث سيارة ،وهذا ما حدث معي فى التسعينيات. ما هى الأساليب التي يستخدمها اللهو الخفى لإرهاب ضحاياه؟ هناك أساليب عديدة كالفضائح،الشائعات،الاعتداء المباشر،وتلفيق التهم للشخص نفسه أو لأحد أقاربه..وأتذكر موقفا طريفا حيث كانت تتواجد أمام مركز ابن خلدون عربية "بوكس" خاصة بالمباحث تقوم بتسجيل كل ما يحدث داخل المركز وخصوصا فى أوقات المؤتمرات،وحين كان يشعر أفراد الأمن بالجوع كانوا يلجأوا إلى "سيدة"وهى أحد العاملات فى البوفيه ويطلبوا منها ساندويتشات وشاي. وما هى الفزاعة بعد الثورة؟ تستخدم " الست" فايزة أبو النجا كلمة "الخارج" وأنهم يريدوا التدخل فى شئون مصر الداخلية وبذلك فأمريكا هى الفزاعة ولكن بشكل مؤقت..لكن عندما تنجح الثورة ونتحول إلى مجتمع ديمقراطى مفتوح فمن يتحدث عن فزاعة لابد أن يأتى بدليل قاطع عنها.