أكدت صحيفة «هافينجتون بوست» أنه لم يعد هناك مبرر لانشغال المصريين بمشكلة «سد النهضة»؛ لأن هناك مشكلة أكبر في الطريق، وهي الجفاف الذي يضرب إثيوبيا، ويهدد بانخفاض موارد المياه خلال الأعوام المقبلة بنسبة 70% تتحمل مصر معظمها. وأوضحت الصحيفة في تقريرها أنه بلغة الأرقام لا تعتمد إثيوبيا على مياه النيل بأكثر من 3%، فيما تبلغ حصة السودان الرسمية من مياه النيل وفق اتفاق 1959 أقل من ثلث حصة مصر، التي تبلغ 12.5 مليار متر مكعب سنويًا، ومع ذلك فالسودان لا تعاني بالضرورة من الأزمة المائية ذاتها التي تواجهها مصر صاحبة الحصة الأكبر من مياه النيل التي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويًا. وتابع التقرير أن الهضبة الإثيوبية دخلت الآن على خط المعاناة، ومعها ستزداد معاناة مصر، فمن هذه الهضبة ينبع النيل الأزرق الذي يساهم وحده بكمية تصل إلى 65 مليار متر مكعب سنويًا من المياه تصب في النيل تحصل مصر على معظمها، ولكن موسم الأمطار على تلك الهضبة سجل مؤشرات مقلقة منذ منتصف العام الماضي 2015، حيث سجل انخفاضًا حادًا ينذر بجفاف لم ترَ إثيوبيا مثله منذ عام 1984. وأرجعت مراكز الأبحاث الجفاف الذي تواجهه إثيوبيا إلى ظاهرة عالمية تدعى «النينو» تؤدي بشكل دوري إلى ازدياد الحرارة عالميًا وجفاف ومجاعات في مناطق مختلفة، وأفريقيا إحدى أكبر المناطق المهددة بتلك الظاهرة في 2016. وبحسب الصحيفة فإن آثار الجفاف بدأت في الظهور بالفعل في الشهور المتعاقبة خلال نهاية 2015 وبداية عام 2016، حيث انخفضت معدلات الأمطار الإثيوبية بنسب تتراوح بين 50% و75%. وفي السياق نفسه صرح أسرات بيرهانوا، خبير الطاقة الهيدروليكية الإثيوبي لصحيفة «هافينجتون بوست» إن «التأثيرات الخطيرة لمشكلة الجفاف في دفق المياه في النيل الأزرق بدأت تظهر بالفعل، فبعض سدود إثيوبيا على هذا النهر تم تخفيض إنتاجها الكهربائي إلى 10% من طاقتها الإجمالية». وأضاف أن ثاني أكبر السدود الإثيوبية، وهو سد جيبا 3، يولد الآن 500 ميجا وات فقط بدلًا من 1870 ميجا وات، بسبب انخفاض المياه في بحيرة التخزين. وتابع أن أي نقص في تدفقات الهضبة الإثيوبية سيؤثر بشدة في مخزون بحيرة السد العالي المصرية؛ حيث إن النيل الأزرق الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية يمثل أكبر رافد من روافد نهر النيل، ويسهم وحده بنحو 68% مما يأتي من الهضبة الإثيوبية ونحو 60% من إيراد نهر النيل.