تعديلات قانون الإيجار القديم «جرائم متتالية».. ونريد وزيرًا جريئًا ينقذ الوضع من الانهيار المهندس حسين صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للتنمية العقارية، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، من المؤكد أن حديثه دائما يكون تحت قاعدة «الوطن».. يتحدث الرجل عن المستقبل بخبرة الماضى ومعطيات الحاضر، يحذر عندما يرى أن الأمر يستحق التحذير، ويشيد عندما يكون لابد من الإشادة. في الحوار يتحدث «صبور» عن رؤيته لواقع الاقتصاد المصري، من وجهة نظره، ويقدم –في الوقت ذاته- ما يمكن وصفه ب«خارطة طريق» حال اتباع خطواتها من الممكن الوصول ب«اقتصاد المحروسة» إلى بر الأمان، فإلى تفاصيل الحوار: بداية.. حدثنا عن رؤيتك للوضع الاقتصادى المصرى في وقتنا الحالى؟ الاقتصاد المصرى ما زال يعانى ولا نتوقع عودته لما كان عليه قبل ثورة 25 يناير في عام أو اثنين، ونرجو أن يقل زمن عودته وتعافيه، ويجب التأكيد هنا أن هذا الأمر يحتاج جهدًا وعملًا حقيقيًا وتشغيل المصانع المتعطلة عن العمل، والرئيس السيسي يحاول بقدر ما يستطيع لتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكنه لن يستطيع تعديل الوضع بمفرده، وعلينا أن ندرك جيدا أن العالم الراقى لم يتقدم بالحظ لكنه ازدهر بالعمل والاجتهاد. كما أن الاقتصاد المصرى يمتلك فرصًا استثمارية جيدة، وهناك خطط جيدة للحكومة ومنها تنمية الساحل الشمالى الذي تحول خلال السنوات الماضية لوحدات مصيفية لا نستفيد منها إلا شهرين على مدى العام، ووضعت وزارة الإسكان مخططًا لتنمية الساحل، بحيث ستكون المنطقة المطلة على البحر للسياحة العالمية وخلفها مناطق خدمية وترفيهية وخلفها مناطق سكنية وبعدها منطقة للزراعة عن طريق تحلية مياه البحر، وبذلك نستفيد بالشكل الأمثل من أراضى الساحل الشمالي، وفى العموم فإن المشروعات التي أعلنتها الحكومة جيدة للغاية، شرط أخذها بالجدية المطلوبة. وكيف ترى السوق العقارية في مصر؟ مصر في حاجة لقرابة نصف مليون وحدة سكنية سنويا لتلبية الاحتياجات المتزايدة للشباب المقبلين على الزواج وبقية شرائح المجتمع، وسوف تستمر أزمة الإسكان في مصر نتيجة عدم بناء الوحدات المطلوبة بالسوق، حيث إن إجمالى الوحدات التي يتم إنشاؤها سنويًا لا يزيد على 250 ألف وحدة سكنية، بما يعنى زيادة العجز في المعروض ويؤدى لارتفاع أسعار الوحدات السكنية والعقارات، علاوة على أن تحكم الدولة في طرح الأراضى أثر بالسلب في السوق كما أدى لندرة الأراضى المرفقة، كما أن الفئات التي تحتاج لوحدات سكنية لا يستطيع شراءها الشباب ومحدودو الدخل، والأغنياء من أصحاب المهن الحرة والممثلون ولاعبو الكرة يشترون العقارات بغرض الادخار والاستثمار، ولذلك فإن حل المشكلة يحتاج إلى وقت وتحسين مستوى دخول المواطنين. من وجهة نظرك.. ما هي الآليات المقترحة لرفع مستوى دخل المواطنين؟ زيادة الإنتاجية.. السبيل الوحيد لزيادة دخول المواطنين، ولكن ذلك يتطلب رفع كفاءة وقدرات العامل المصرى وتهيئة مناخ الاستثمار لجذب استثمارات جديدة بالسوق والقضاء على معوقات الاستثمار التي تعرقل حركة السوق. ما هو تعليقك على تفاصيل اللائحة العقارية الجديدة؟ جرت حوارات ومناقشات طويلة استمرت لعدة أشهر، حتى خرجت اللائحة في صورتها النهائية وهى لا تلبى كل مطالب رجال الأعمال والمستثمرين مائة بالمائة، لكنها تلبى نسبة كبيرة من احتياجاتهم، كما أنها تحافظ على حقوق الدولة والمواطنين والمستثمرين لحد كبير، وشارك عن جمعية رجال الأعمال بمناقشة اللائحة المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء، ومناقشة اللائحة مع الوزارة خطوة جيدة جدا. ماذا عن خطوة إنشاء اتحاد للمطورين العقاريين.. هل توافق على هذا الأمر؟ خطوة مهمة جدا.. كما أن الاتحاد كان واحدًا من أبرز مطالب المستثمرين والعاملين بالقطاع العقاري، بهدف ترتيب العاملين بالقطاع وضمان عدم حصول المستثمرين على أراضٍ ومشروعات أكبر من قدراتهم والدخول في أزمات جديدة للشركة والسوق بشكل عام، على غرار اتحاد مقاولى التشييد والبناء ويصنف المقاولين وفقًا لدرجات معينة، والدولة والعاملون بالقطاع جادون لتنفيذ هذا الأمر، بحيث يتم مراجعة الشركة ومدى قدراتها المالية والفنية وسوابق أعمالها بالداخل والخارج. كيف ترى اتجاه وزارة الإسكان لمشاركة القطاع الخاص في بعض مشروعاتها؟ عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال أشاد بهذا النظام، بحيث يوفر لهم ثمن الأرض ويتم لهم سيولة جيدة لإقامة مشروعاتهم، ولكن هناك قلة متخوفة وأنا منهم، خاصة أن الدولة قد تتراجع في عقودها واعتدنا خلال الفترة الماضية أن الدولة لا تحترم عقودها، وذلك مع تغيير الحكومة أو الوزارة المعنية، خاصة أن مشروعات الإسكان والعقارات تحتاج إلى سنوات طويلة للتنفيذ، ويأتى وزير جديد بفكر مختلف ويتراجع عن هذه المشروعات. وما هي الضمانة لعدم تكرار ذلك؟ القانون يجب أن يكون الفيصل بين الدولة والمستثمر، ومن يتراجع يحاسب بالقانون ويعاقب بشدة، ولا يجب أن تكون الحكومة فوق القانون، بحيث لا تأتى الحكومة مستقبلا وتطالب بإعادة تسعير الأرض أو تدرج تفاصيل جديدة في التعاقدات غير المتفق عليها كما حدث بعد ثورة 25 يناير، عندما تراجعت الدولة عن الكثير من تعاقداتها. وما هو رأيك في أزمة تعديل قانون الإيجار القديم؟ ما حدث من تعديلات على قانون الإيجار القديم على مدى العقود الماضية جرائم متتالية، تسببت في الوضع الحالى وزيادة مشكلة الإسكان في مصر، منذ عهد ثورة يوليو 1952، ولم تكن هناك أزمة في العلاقة بين المالك والمستأجر، قبل الثورة وتدخلت الثورة آنذاك في العلاقة بين الطرفين وأصدرت أول قانون لتخفيض قيمة الإيجار بنسبة 15% بما أثر سلبًا في حركة البناء وتراجعت بشكل ملحوظ، وفى عام 1962 قررت الحكومة تخفيض قيمة الإيجارات مرة أخرى بنسبة 20%، وفى عام 1963 تم تخفيض قيمة الإيجارات للمرة الثالثة ل 35%، وفى عام 1965 صدر قانون جديد بعدم أحقية صاحب العقار بتحديد القيمة الإيجارية والدولة تحددها وفق لجنة يتم تشكيلها من الحكومة، وبالتالى أهدر حق المالك، وتوقفت حركة البناء والدولة فشلت في سد احتياجات السوق العقارية وظهرت مشكلات «خلو الرجل»، وغيرها، وما حدث من إفساد للعلاقة بين المالك والمستأجر جعلت قيمة الإيجارات القديمة بثمن بخس، وجاء ذلك على حساب صيانة العقارات وسلامتها، وتم حل العلاقة بين المالك والمستاجر للأراضى الزراعية على أيدى يوسف والي، وزير الزراعة السابق ووضع رقبته على المقصلة آنذاك، ونريد من وزير الإسكان نفس الجرأة وتعديل قانون الإيجار القديم، ولابد من مراعاة حقوق الملاك. تجربة المدن الجديدة هناك أصوات تشير إلى أنها «ولدت ميتة».. إلى أي مدى تتفق وهذا الرأى؟ من يردد هذه الكلام لا يعرف الهدف الرئيسى من إنشاء المدن الجديدة، لأنها أولا لم يتم إنشاؤها بغرض السكن، حيث أنشأها المهندس إسماعيل عثمان، وزير الإسكان الأسبق، بعد حرب 1973، وكان الغرض الرئيسى منها إيجاد مدن صناعية كاملة على الأراضى المصرية، حيث إن ثورة 1952 دشنت المصانع بداخل المدن القائمة بما أدى لإفسادها مثل حى حلوان والذي كان منطقة للاستشفاء والإسكندرية، وقرر إنشاء مدن صناعية في الصحراء والجيل الأول 4 مدن هي العاشر من رمضان شرق الدلتا، والسادات غرب الدلتا، وبرج العرب جنوب غرب الإسكندرية، وأماكنها كانت صحيحة في حين 6 أكتوبر مكانها غير صحيح بالمرة وتحولت لضاحية للقاهرة الكبرى، والجيل الثانى ضم الشروق وبدر والمنيا الجديدة وبنى سويف الجديدة وغيرها. كيف نعيد إحياء هذه المدن مرة أخرى وخاصة بالصعيد؟ بنى سويف الجديدة تضم المصانع والمدن الجامعية وهى ناجحة، لكن مدن الصعيد لن تنمو إلا بالصناعة، ومن الخطأ أن وضعت حد أدنى للأجر ب 1200 جنيه للعامل بالشهر، حيث انعكس ذلك سلبًا على التنمية في الصعيد، وكانت هناك إمكانية لتوفير فرص عمل عديدة للمواطنين بالصعيد برواتب أقل كثيرا، وسيقبلونها لأن مستوى المعيشة يختلف بالقاهرة عن الصعيد، وعلى الحكومة أن تدرس جيدًا الاستثمارات المطلوبة بالصعيد قبل عقد مؤتمر الاستثمار في الصعيد، ويجب التركيز على القطاعين الصناعى والتجاري.