زهقتم أنتم من أبو يكح الجوسقي وسنين أبو يكح واللي جابوا أبو يكح ، والحقيقة التي لا خفاء فيها إن أبو يكح زهق هو الآخر ، لذلك قررت أن أتحول إلى بهلوان ، لن أكون أبو يكح الجوسقي الذي يعيش في حارة درب المهابيل ، ولكنني سأرتدي بعد أن يعرف كل الناس أنني بهلوان قناعا وأقف على مسرح الحارة لأؤدي عدة أدوار تمثيلية ، بعضها هزلي وبعضها تراجيدي مأساوي ، وسأسمع تصفيقكم في نهاية المشهد. والحقيقة أنني لن أرتدي قناعا واحدا ولكنني سأرتدي عشرات الأقنعة ، ثم ستسقط هذه الأقنعة شيئا فشيئا ، إلى أن يغلق الستار ، والأمر ليس غريبا عليكم ، فكم من الأشخاص في حياتنا كانوا يرتدون أقنعة ثم اتضح أنها كانت « عدة الشغل».. المهم أنني ولأنني زهقت من شخصيتي الأصلية فقد دعوت أهل الحارة لحضور العرض على خشبة مسرح الحارة ، وهي فرصة ذهبية لارتداء الأقنعة ، وبدأت المسرحية ، وفتح الستار ، شاهدوها بأنفسكم : المسرح خالي من الأفراد والأثاث والأشياء ، يدخل شخص يرتدي قناعا ، يبدو من القناع أنه أديب أو مفكر أو كاتب صحفي ، يمسك هذا الشخص في يده كتابا ، ويرتدي «تي شيرت» مكتوب عليه عبارة « حرية الإبداع « تعزف الموسيقى ويأخذ هذا الشخص في الغناء بصوت خافت ، وفجأة يدخل عليه شخص ذو لحية طويلة ويرتدي جلبابا قصيرا . الشخص الملتح ثائرا : ما هذا الكفر الذي تفعله ، موسيقى وغناء ، هذه مزامير الشيطان ، من أنت أيها الفاسق؟ . صاحب القناع : أنا أديب وكاتب إسمي علاء الأسواني وأنا أدافع عن حرية الإبداع . الملتح : ها ، أنت الفاسق الذي كتب الرواية الفاسقة الماجنة « عمارة يعقوبيان « والرواية الأشد فجورا « شيكاجو» أنت الذي كتبت عن الشذوذ ودافعت عنه ، وكتبت عن تلك المرأة الأمريكية التي تمارس الجنس مع نفسها عن طريق آلة اخترعها الغرب الكافر . علاء الأسواني : والغرب الكافر أيضا اخترع السيارة والطيارة والدبابة والكمبيوتر ، بل صنع لنا سجادة الصلاة والبوصلة والمطبعة التي نطبع بها المصاحف ، الديمقراطية هي الحل . الملتح : ديمقراطية إيه يا بتاع الديمقراطية ، الشورى هي الحل يا كافر ، أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ثم ما هي علاقتك أساسا بالفكر أنت مجرد رجل تدعو للدعارة والفسوق؟ ، لو كان الإسلام مطبقا في البلاد لقطعنا رأسك . علاء الأسواني : وأين تذهبون من الحرية التي كفلها الله لنا ، أين حرية الإبداع ، ألا تعرفون أن الله قال « فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر « ثم يا أخي ألا تعلم أنني أنا الذي وقفت ضد مبارك وهاجمته في عز جبروته ، ألم تكن تقرأ مقالاتي في جريدة العربي الناصري ضد هذا الطاغية؟ . الملتح : الناصرية كفر ، فأنت إذن كافر ، وكذلك الليبرالية والعلمانية ، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ، ألم تقرأ الفتاوى الإخوانية الصادرة من الشيخ عبد القادر أحمد عبد القادر في هذا الشأن ، ألم تقرأ فتاوى مفتي الإخوان الشيخ الكبير عبد الرحمن البر ، ألم تقرأ كتب سيد قطب . علاء الأسواني مسترسلا وكأنه لم يسمع الرجل : ألم تقرأ من روايتي يعقوبيان وشيكاجو إلا الجنس ، ألم تقرأ فيهما معارضتي الحادة لمبارك ، أنا رجل وطني أحب بلادي . الملتح : لا يوجد شيء اسمه وطنية ، الدين هو الوطن هكذا يقول شيخنا حسن البنا وهكذا يقول أستاذنا سيد قطب . علاء الأسواني : إذن أنا في رأيك أأأ الملتح : كافر لأنك علماني . يغلق الستار دون أن يصفق الجمهور . يفتح الستار مرة أخرى ونشاهد عددا من الناس يدقون الدفوف احتفالا بفوز الإخوان في انتخابات الرئاسة ، يحملون أيضا لافتات تؤيد قرار الرئيس مرسي و التعدي على حكم المحكمة الدستورية الذي قضى بحل مجلس الشعب ، الملتح يقف بجوار علاء الأسواني . الملتح : يا أخ علاء أكرمك الله نحن نؤيد الدولة المدنية التي تحترم القانون والقضاء ، فهل تقف معنا في قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب . علاء الأسواني : ولكن قرار الرئيس ضد القانون وضد القضاء . الملتح : لا تسرف في هذا الكلام ، فالمحكمة الدستورية هي محكمة الفلول فقد كان فيها المستشار فاروق سلطان والمستشارة تهاني الجبالي وهما من الفلول ، ثم إن هناك رجال قانون يؤيدون قرار الرئيس . علاء الأسواني : أنا معكم ، عندك حق ، فقد عرفت أن المستشار مكي الإخواني يؤيد هذا القرار . يصيح الأسواني في الناس : أيها الناس قرار الرئيس مرسي بالاعتداء على أحكام القضاء الدستوري هو قرار صحيح فالمحكمة الدستورية فلول . يخرج واحد من الشعب من بين الناس ويقول : يا دكتور علاء ، كيف يكون الاعتداء على الأحكام هو احترام لهذه الأحكام !. الأسواني : المحكمة الدستورية فلول . المواطن : كيف هذا والمحكمة الدستورية أصدرت عشرات الأحكام ضد مبارك وضد قوانين وضعتها برلمانات مبارك كانت تعتدي على الحريات والكرامة والمساواة. الأسواني : ولكن رئيسها مشكوك فيه فهو فاروق سلطان. المواطن : ولكن سلطان مجرد واحد من تسعة عشر قاضيا بالمحكمة والكلمة ليست كلمته وحده، ثم إن سلطان هو الذي أعلن فوز مرسي ، كما أنه هو الذي رفض طعون شفيق التي كان من الممكن إن وافق عليها أن تغير النتيجة ، والأدهى من ذلك أن سلطان كرَّمه الرئيس مرسي وأعطاه النياشين ، وفوق هذا وذاك يا سيد أسواني فإن رئيس الدستورية الحالي ليس من الفلول بل هو من أبناء المحكمة الدستورية الأصليين . الأسواني : ولكن أيضا فيها تهاني الجبالي . المواطن : يا عزيزي تهاني الجبالي ناصرية قومية مثلك ، ثم لو فرض أنها فلول فهي مجرد فرد ، أبناء المحكمة الدستورية الأصليين هم الأغلبية الكاسحة في المحكمة ، وهم من وقفوا ضد قوانين مبارك الجائرة ، كما أنهم يسيرون وفقا لمواثيق المحكمة وأحكامها السابقة التي تعتبر مبادئ دستورية . الأسواني : الديمقراطية هي الحل . المواطن : الديمقراطية يا دكتور تعني احترام أحكام القضاء . الأسواني : طيب إذا كانت المحكمة الدستورية ليست من الفلول فما الداعي لأن يصطدم بها مرسي؟ . المواطن : الإجابة يا دكتور ، هل الإخوان هم الثورة ؟ الأسواني : لا طبعا ، بل كانوا يتمنون الجلوس مع مبارك وهم أول من باعوا الثورة . المواطن : ألا تعرف أنهم عقدوا صفقات في أوقات كثيرة مع العسكر . الأسواني : نعم أعرف . المواطن : هم يا دكتور يرفضون المحكمة الدستورية ويريدون الاصطدام بها والتعاون في ذلك مع القوى الثورية مثلك ، لأنهم يرفضون تطبيقات المحكمة فيما يتعلق بمعنى « مبادئ الشريعة الإسلامية « ولذلك يريدون هدم المحكمة وبناءها من جديد بقضاة يطبقون أفكارهم ويعتبرون روايتي عمارة يعقوبيان وشيكاجو رجس وفسوق وكفر ومعادة للإسلام . الأسواني : يا نهار أسود ومنيل ، هذا الأمر يدعوني لشيء خطير . المواطن : وما هو ؟ الأسواني : سأقف مع الإخوان بكل قوتي وسأطلق لحيتي وسأمزق رواياتي وسأكتب رواية « عمارة اخوانيان « العمر مش بعزقة ، الإخوانجية هي الحل . وهنا يسقط قناع علاء الأسواني ليظهر أمام الناس وجه البهلوان أبو يكح الجوسقي . وفي الأسبوع القادم سيرتدي البهلوان قناع الإعلامي حمدي قنديل .