أثار التقرير الأخير حول إيران والصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجموعة من التحذيرات. وقد تضمنت هذه التحذيرات الأخبار حول الزيادة الهائلة فى عدد أجهزة الطرد المركزى التى تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم، وكذلك استخدام نوع جديد من أجهزة الطرد المركزى التى يرجح أن تقوم بتخصيب اليورانيوم بمزيد من السرعة وبكميات أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، يجرى العمل على مفاعل للمياه الثقيلة قادر على إنتاج البلوتونيوم، وهى مادة نووية انفجارية بديلة. وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت التجربة الأخيرة لكوريا الشمالية قد شملت قنبلة يورانيوم عالى التخصيب أو قنبلة بلوتونيوم. لقد واصلت بيونج يانج علاقاتها الوثيقة مع طهران وهناك مخاوف من احتمالية مشاركة نتائج التجارب، وهو ما سيفيد الإيرانيين كثيراً، لا سيما إن تضمنت التجربة جهاز يورانيوم. ينبغى النظر إلى هذه المستجدات فى سياق تقدم إيران رغم مضى عشر سنوات على زيادة الإجراءات العقابية من قبل المجتمع الدولي. لقد كان البرنامج النووى الإيرانى بدائياً منذ عقد مضى، حيث كان يشتمل فقط على تجارب للتخصيب على نطاق ضيق (لم يتم إبلاغ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" عنها بشكل كامل) ومنشأة تخصيب واحدة مشيدة جزئياً. أما الآن فقد أصبح لديها محطة تخصيب عاملة فى نطنز ومحطة إضافية مدفونة تحت جبل فى فوردو. وإجمالاً، هناك أكثر من 16000 جهاز طرد مركزى تم تركيبها أو قيد التشغيل حالياً، وهذا عدد ضخم؛ كما يجرى تركيب جهاز طرد مركزى متقدم، فضلاً عن العمل على تصميمات محسّنة أخرى. وقد حولت كمية كبيرة من اليورانيوم إلى مادة تغذية لأجهزة الطرد المركزي، كما يجرى استعادة المزيد من مواد الخام من منجم يورانيوم فى إيران. ورغم أن إيران تواصل الاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة بكمية لا تكفى لتصنيع سلاح نووي، إلا أنه فى حالة تخصيب ذلك اليورانيوم إلى نسبة أعلى، تكفى لجهاز نووى واحد، فإن معاملات هذا التقدير سوف تتغير. إن استخدام أوباما لمصطلح "سلاح نووي" قد يشير إلى أن طهران تطور جهازاً نووياً أولياً متفجراً قابلاً للاختبار، لكنه كبير جداً بدرجة لا تسمح بأن يكون سلاحاً قابلاً للتوصيل إلى أماكن أخرى، بل ربما لا يتجاوز الخط الأحمر للولايات المتحدة. كما أن تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي، تزيد قدراتها من ثلاثة إلى خمسة أضعاف عن قدرة الأجهزة الحالية، يمثل مصدر قلق. كما أن تحويل إيران لبعض اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة إلى أكسيد أقل إثارة للجدل لا يمثل الكثير من الطمأنينة. فهذا النوع من اليورانيوم يمكن إعادة تحويله إلى مادة لتغذية أجهزة الطرد المركزى خلال أسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، يفترض أن إيران لديها معلومات من باكستان تمكنها من إدخال تغييرات على ترتيب أجهزة الطرد المركزي، تستغرق أسبوعاً واحداً أو أسبوعين على الأقل، سوف تعزز قدراتها التخصيبية. وفى ملاحظاته أشار كلابر إلى "منشآت إيران المعلنة". ولو أن هناك محطة جديدة لأجهزة الطرد المركزى لم يعلن عنها بعد، فسوف تتغير الحسابات مرة أخرى. إن التركيز فقط على تقنية التخصيب قد يصبح مضللاً بشكل كبير أيضاً. فضلاً عن أن تشغيل مفاعل المياه الثقيلة فى أراك سوف يعنى أن القلق من قدرات إيران على تصنيع سلاح نووى سوف يتحول من اليورانيوم عالى التخصيب إلى مادة البلوتونيوم النووية الانفجارية بنهاية عام 2014. إن اتخاذ إيران لبعض التدابير التى توافق عليها بسرعة يمكن أن يؤخر الإطار الزمنى ويمنح مساحة إضافية لإجراء مفاوضات أكثر تفصيلاً، وهذا يشمل وقف التخصيب حتى 3.5 بالمائة وإغلاق منشأة فوردو ونقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 3.5 بالمائة (اليورانيوم منخفض التخصيب) و20 بالمائة إلى الخارج؛ ووقف إنشاء مفاعل أراك وإنتاج الوقود له وتقديم تفسير أكثر اكتمالاً إلى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول أنشطة إيران البحثية فى إطار الطبيعة السلمية التى تدعيها لبرنامجها. * نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى