إلى أين تسير نقابة المعلمين؟.. وهل تحتاج أكبر نقابة مهنية على مستوى الشرق الأوسط ل«ثورة تصحيح» من أجل العودة لمسارها الطبيعى، الخروج من فخ «إهدار المال العام» الذي وقعت فيه خلال السنوات القليلة الماضية؟ الأحداث الحالية ومجريات الأمور داخل نقابة المعلمين، تشير إلى أن الأمور بدأت تأخذ خطوات جادة ل«تصحيح المسار»، وتمثلت تلك الخطوات القليلة في «الاعتراف» الذي من المتوقع أن تتبعه خطوات أكثر سرعة وجدية ل«محاولة إصلاح ما أتلفه الزمن» وأهدره غالبية من جلسوا على مقعد «نقيب المعلمين». يروى خلف الزناتى، نقيب المعلمين، أنه «في تسعينيات القرن الماضي، اصطحب رجل الأعمال الهارب حسين سالم، أحد المحاسبين القانونيين والتقى بالدكتور مصطفى كمال حلمى بمكتب « نقيب المعلمين» بالجزيرة، وعرض عليه أن يشترى من النقابة الأرض المنشأ عليها النقابة العامة ونادي المعلمين الملاصق لها والأرض المقام عليها حاليا مبنى مستشفى المعلمين، على أن تحصل النقابة بالإضافة إلى ثمن الأرض، على قطعة مماثلة وعليها إنشاءات لمبنى النقابة في مدينة نصر، هذا العرض المغرى رآه نقيب المعلمين في ذلك التوقيت الدكتور مصطفى كمال حلمي، أنه ثمن بخس لممتلكات النقابة، معتبرًا أن حسين سالم في ذلك التوقيت هو الرابح وليس نقابة المعلمين، ولذلك رفض العرض المقدم له، مؤكدًا أنه لن يفرط في سنتيمتر واحدآً من ممتلكات النقابة في عهده. نقيب المعلمين، الذي صدر قرار تكليفه بإدارة النقابة من المهندس إبراهيم محلب منذ عدة أشهر، أكد أيضا أن لجنة تسيير أعمال النقابة الحالية تواجه العديد من الأزمات؛ بسبب عمليات السطو الممنهجة التي تمت على أموال النقابة في المجلسين السابق والأسبق، لافتا النظر إلى أن النقابة أحالت العديد من ملفات الفساد المالى إلى النيابة العامة. في السياق ذاته قال الدكتور على فهمى الحارس القضائى لنقابة المهن التعليمية: اللجنة تولت مهمتها في 26 يونيو عام 2014، وتسلمت النقابة «خرابة» هيكل مفرغ من جوفه، وكانت أولى المشاكل التي واجهتها صندوق المعاشات، وقد كانت أرصدة صندوق معاشات النقابة عبارة عن ودائع بنكية فكها وتصرف فيها الأمين العام الأسبق للنقابة كمال سليمان. وتابع فهمى بقوله: كل ودائع صندوق المعاشات تم فكها من أجل إنفاقها على تطوير نادي الشاطئ بالإسكندرية، حيث تكلف تطوير النادي وفقًا للمستندات الرسمية بالنقابة أكثر من 185 مليون جنيه، ما يعنى أن كل حجر ألقى في البحر لتطوير النادي تكلف وزنه ذهبًا، وكان ذلك في الفترة من 2000 إلى 2012، والسبب في ذلك يعود إلى خطأ إدارى وقع فيه كمال سليمان كلف النقابة عشرات الملايين، حيث يقع نادي المعلمين بالإسكندرية بين ناديى الشرطة والجيش، وأراد كمال سليمان تطوير النادي فاستعان بشركة «المقاولون العرب» التي طورت النادي على ثلاث مراحل رغم أنه كان يمكن تطوير النادي على مرحلة واحدة لو تم التنسيق منذ البداية مع ناديى الجيش والشرطة، لكن ما تم عكس ذلك وانتهى بإهدار عشرات الملايين. وأوضح أيضا أنه « عندما تسلمت اللجنة مقاليد الأمور عقب رحيل المجلس الإخوانى وجدت نفسها مطالبة مع أول يوليو بتسديد نحو 76 مليون جنيه معاشات للمعلمين، وكل ما كان موجودًا في صندوق المعاشات لا يتجاوز 25 مليونا، ما يعنى أنهم كانوا في حاجة ل 51مليون جنيه، وبالفعل تم تدبير المبلغ عن طريق النقابة الفرعية، وعن طريق الاستدانة بقيمة 5 ملايين جنيه من صندوق الزمالة، واستطاعت اللجنة تقديم المعاشات لمستحقيها». وبعيدًا عن صندوق المعاشات، قال الحارس القضائي: « لدى 160 بلاغًا بسرقات تمت داخل النقابة والفرعيات، وهذه البلاغات تمت إحالتها للنيابة والتحقيقات جارية فيها، ومنها بلاغ حول مشروع التكافل العلاجى الذي دشنته عناصر جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، في المجلس السابق، وهذا البلاغ حول سرقة مليون جنيه عن طريق التكافل العلاجي، بالإضافة إلى أن المجلس الأسبق بقيادة كمال سليمان أهدر العديد من مقدرات النقابة ومن ذلك فندق النقابة المؤجر إلى إحدى الشركات السعودية بقيمة 750 ألف جنيه فقط في العام، وينتهى العقد في عام 2027، وحاليًا تطالب الشركة المشغلة بمد التعاقد ثلاثة أعوام وهو ما رفضته اللجنة». وكشف «فهمى» أن «أخطر محاولة لسرقة أموال المعلمين، كان بطلها مجلس نقابة المعلمين الإخوانى بقيادة الدكتور أحمد الحلواني، حيث قام المجلس الإخوانى في عام 2013 بعمل حساب اكتوارى للمعلمين، وانتهى إلى أن عدد المعلمين المشتركين في صندوق الزمالة 119 ألف معلم، وهذه سرقة علنية؛ لأن آخر حساب اكتوارى للمعلمين في صندوق الزمالة كان يقول إن عدد المعلمين المشاركين في الصندوق مليون و250 ألف معلم، وعندما جاءت لجنة تسيير أعمال النقابة أجهضت هذا المخطط، وحاليًا النقابة تعد حسابًا اكتواريا حقيقيًا لصندوق الزمالة عن طريق خبراء في المحاسبة، ومن المتوقع أن يكون عدد المعلمين وفقًا للحساب الاكتوارى نحو مليون و800 ألف معلم، والحساب الجديد سيمكن النقابة من الحصول على قاعدة بيانات حقيقية عن المعلمين. وأكمل «حارس المعلمين القضائي» قائلا: اكتشفت أثناء صرف إحدى دفعات المعاش إهدار 200 ألف جنيه في لجنة نقابية واحدة، وذلك بسبب عدم تنقيح الكشوف المستحقة للمعاش، كذلك فإن النيابة تحقق في واقعة إهدار 143 ألف جنيه من أموال المعاشات في نقابة مصر الجديدة، وفى الإسكندرية هناك تحقيقات تجرى حول إهدار نحو 200 ألف جنيه أيضًا، وكذلك هناك تحقيقات تجرى حول واقعة إهدار 200 ألف جنيه في إحدى اللجان النقابية لقيام هذه اللجنة بصرف حافز المعاش ثلاث مرات بالمخالفة للقانون». «فهمى» أنهى حديثه بالإشارة إلى أن «اللجنة تعد مشروع قانون جديد للنقابة، وفيه نص قانونى لحصانة المعلم، بحيث لا يمكن لأى شخص أن يتعدى على المعلم داخل مدرسته وهى حصانة أشبه بحصانة القاضى على المنصة وحصانة عضو مجلس النواب داخل البرلمان، كما أن تلك الحصانة تمنع الشرطة من إلقاء القبض على أي معلم من داخل مدرسته، واستدعاءه للتحقيق يكون عن طريق الإدارة التعليمية التابع لها، ولا يتم التحقيق إلا في حضور عضو من اللجنة النقابية التابع لها». في سياق متصل، أشار محمد عبد الله الأمين العام لنقابة المهن التعليمية إلى أن لجنة تسيير أعمال النقابة تمكنت خلال العام، الذي تولت فيه المسئولية من إجهاض العديد من المخططات لنهب أموال المعلمين، موضحًا أن اللجنة قدمت للمعلمين هذا العام أوفر عمرة حدثت في النقابة منذ سنوات، حيث تم وضع برنامج عمرة رجب وشعبان للمعلمين في ثلاثة مستويات الأول للإقامة في فنادق 5 نجوم والقيمة التي يدفعها العضو 6 آلاف جنيه رغم أن نفس هذه الفنادق ونفس برنامج الرحلة كان قد تم في عهد كمال سليمان عام 2010 بمقابل 6400 جنيه للفرد، والمستوى الثانى هذا العام بقيمة 4550 جنيها، في حين كان في عام 2010 يحسب ب 4950 جنيها، والمستوى الثالث هذا العام يحسب بقيمة ب3750 جنيها، وكان عام 2010 يحسب بقيمة 3900 جنيه. وقال عبد الله: لجنة تسيير أعمال النقابة انتهت من إعداد مشروع قانون جديد للنقابة بدلًا من القانون رقم 79 لسنة 1969، من أجل توفير خدمات أفضل للمعلمين، لافتًا إلى أن النقابة تقف بجوار أي معلم في حال تعرضه لأى مشكلة، ومن القضايا الرئيسية التي تهتم بها اللجنة قضية كرامة المعلم، ومواجهة الاعتداءات المتكررة على المعلمين.