عن مؤسسة حورس الدولية للنشر، صدرت رواية "موجيتوس" للكاتب، منير عتيبة، مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية. ومن أجواء الرواية: موجيتوس لابد أنها روح الحنين إلى الشرق التي تمثل (دورة حياة الحلم) لأولئك المشارقة الذين انطلقوا من الأندلس في رحلتهم نحو صقلية. تلك الرحلة المخطط لها أن تكون سريعة استغرقت قرابة المائة عام. بدأت بعاصفة هوجاء.. قادتهم ليرسوا على أطلال قلعة رومانية عند مفترق الطرق بين الجبال جنوبفرنسا.. هؤلاء المغامرون المفعمون بروح الاقتحام وفتح عوالم جديدة استلهموا سمة تميز بها ذلك العصر؛ الغزو والفوز بالغنائم. هل كانت تشي بال (الغروب شرقا) استنادا إلى أن صقلية تقع شرق الأندلس والحملة آلت إلى أفول الحلم العربي، هؤلاء الرجال لابد أنهم تركوا ظلالا لم تزل بصماتها رغم السنين قابعة هناك. موجيتوس، عمل أكثر من رائع، مبهر حقا لابد أنه احتاج الكثير من الجهد (استغرقت كتابته قرابة الخمسة أعوام) يعبر عن الشخصية العربية الحالمة المغامرة التخيلية التي قد تتبع مسار "قوس قزح" هربا من الحصار المطبق حولها. عشرون رجلا يلهث خلفهم القاريء ملاحقا تفاصيل مغامراتهم المثيرة. الرواية تحفل بالعديد من المواقف التي تخطف لب القاريء وتستحوذ على وجدانه يتنقل بينها الكاتب بتقنيات سردية متفردة. كما تحفل بمواصفات متميزة من الثراء المعرفي والإثارة الشعورية تسعى لتشويق وإمتاع المتلقي. يبلور الكاتب من خلال فتح صقلية بعض الأفكار قد تمثل ثيمة نموذجية تتبناها الرواية مثل سمات الشخصية العربية أو العلاقة بين الشرق والغرب. رغم أن البنية السردية قد تبدو محايدة إلا أنها تطرح وجهة نظر خاصة بالمؤلف التي افتتنت دون إرادتها بنموذجين (متطرفين) في مشاعرهما: عبد الرحمن بن سالم وإبراهيم بن عامر مقابل نموذجين (معتدلين) في المشاعر الإنسانية: مجاهد وعبد الله البلوطي. يُعَبِّر النموذجان المعتدلان عن الحصاد السلبي للعلاقة بين الشرق والغرب (رغم التأقلم) وهما خير من يمثل الإسلام، فكما تتجلى في عبد الله البلوطي الشخصية ذات النزعة الصوفية التي تدعو إلى المساواة وعدم التمييز (بعد أن عانى من التعصب العرقي لأبو أسماء يتعامل إيجابيا مع قوم روكسانا الذين تقبلوه لكنهم رفضوا الوقوف إلى جانبه في مواجهة خصومه) يبرز مجاهد كشخصية معرفية توثيقية، يرتبط بامرأة ذات هوس ديني ورغم التأقلم بينهما (تمنحه طفلا مشوها) كرمز لمصير العلاقة بين الشرق والغرب.