الجيش الإسرائيلي يوجه نداء عاجلا لسكان شمال غزة    بسبب كريستيانو رونالدو.. بنر جماهير الهلال بدوري الأبطال يسبب أزمة في النصر    إبراهيموفيتش يختار مدرب ميلان الجديد    افتتاح المرحلة الأولى من تطوير القطاع السكني الفندقي بالمدينة الشبابية بالعريش    الدفع ب 4 سيارات إطفاء.. حريق يلتهم مخزن أدوية في جاردن سيتي    أحمد زاهر يكشف سبب خسارة وزنه    مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة يحتفي بالسينما الفلسطينية    حماة الوطن: التحالف الوطني نموذج فريد في تقديم الدعم الإنساني للأشقاء بفلسطين    ندوة تثقيفية بجامعة الأزهر عن مبادئ القانون الدولي الإنساني.. صور    وزير الزراعة: أسعار الأعلاف حاليًا عادت إلى ما قبل الأزمة الأخيرة    بيان عاجل وزارة البيئة بشأن تأثير العوامل الجوية على جودة الهواء خلال الفترة المقبلة    فانتازي يلا كورة.. سون رهان رابح.. وأفضل لاعبي توتنهام في آخر 6 جولات    جمال علام: أزمة «صلاح» و«العميد» «فرقعة» إعلامية.. و«مو» سيتواجد في معسكر المنتخب القادم| حوار    9 صور ترصد زيارة السيسي للنصب التذكارى للجندي المجهول    ولادنا عايزين يذاكروا| الأهالي يطالبون بعدم قطع الكهرباء عن المنازل أسوة بالمدارس    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    الإسماعيلية تتزين استعدادا للاحتفال بأعياد الربيع (صور)    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    وزير الدفاع الروسي: القوات الأوكرانية خسرت نصف مليون عسكري منذ بداية الحرب    هشام خرما يتعاون مع جوانا مرقص في كليب نروح لبعيد (فيديو)    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى "أهل مصر" بمطروح    قبل الامتحانات.. أطعمة تزيد التركيز وتقوي الذاكرة للأطفال    شباك التذاكر.. «شقو» يتصدر و«فاصل من اللحظات اللذيذة» الوصيف    أحمد بلال البرلسي يطالب بضوابط واضحة لتغطية الجنازات والعزاءات (تفاصيل)    لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة .. "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد    «الرعاية الصحية»: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل تبدأ في دمياط ومطروح    ترامب يهاجم جلسات محاكمته: وصمة عار وفوضى    وزير النقل وسفير فرنسا يتفقدان القطار الكهربائي الخفيف والخط الثالث لمترو الأنفاق    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    فتح أبواب متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    التصريح بدفن جثة طفلة سقطت من أعلى بأكتوبر    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    مجلس النواب يحيل 23 تقريرًا برلمانيًّا للحكومة -تعرف عليها    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء.. ين ياباني ب 31.16 جنيه    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام الشافعي «ناصر السنة»
نشر في فيتو يوم 25 - 04 - 2015

لم تكن فكرة التجديد في الخطاب الدينى وليدة اليوم ولكنها إرث عهده الأئمة القدامى في مناهجهم الفقهية تماشيا مع ما يناسب العصر الذي يعيشون به مقارنة بما كان يسبقهم، ولكن ما يحدث حاليًا من محاولات تخريب لأساسات الدين الإسلامى لا يمكن إدراجها تحت مسمى التجديد بأى حال من الأحوال.
تثير كلمة «التجديد» في الدين حاليا جدلا واسعا نظرا لسوء استخدامها واتخاذها ستارا للتلاعب بالدين، ويبقى مصطلح التجديد في الدين محاطا بخلافات ويتباين مفهومه من مفكر لآخر، وهو ما ينتج عنه استمرار الصراع والخلاف بين حاملى ذلك الشعار الذي لا توجد له ضوابط متعارف عليها.
المؤكد أن التجديد ليس المقصود منه هو تغيير المعالم الأساسية للدين والقواعد الثابتة ولكنه يعنى المزيد من الاجتهاد من قبل علماء الدين لتناسب فتاواهم ومذاهبهم الفقهية لاحتياجات العصر الموجودين به، حيث كان المصطلح دائما ذا صلة بطبيعة التحديات التاريخية التي واجهت المسلمين كأمة ووجود مع انفراد كل عصر بخصوصياته عن باقى العصور الأخرى.
الإمام الشافعى كان من أبرز الأئمة الذين اعتنقوا فكر التجديد الدينى وذلك بعد انتقاله من العراق إلى مصر، حيث أراد لمذهبه الاستمرارية فجدد اجتهاده خلال انتقاله بين القطرين بعد أن وضع الأسس الأولى لعلم أصول الدين.
هاجر الإمام الشافعى من العراق إلى مصر عام 198 هجريا وتوفى في مصر عام 204 أي أنه مكث في مصر 6 أعوام جدد فيها مذهبه بما يتماشى مع الظروف المحيطة به دون الإخلال بالأصل الديني.
جدد الإمام الشافعي، رحمه الله، 22 مسألة فقهية في مذهبه بعد انتقاله لمصر منها تعجيل صلاة العشاء وعدم مضى صلاة المغرب بمضى 5 ركعات، وكراهية قلم أظافر الميت وتحريم أكل جلد الميتة بعد الدباغ وغرامة شهود المال إذا رجعوا وعدم انتقاض الوضوء بمس المحارم وعدم اشتراط النصاب في الركاز وغيرها.
وكان السبب وراء تغيير تلك المسائل هو تغيير الطبيعة الجغرافية بين مصر والعراق كطهارة الماء الجارى ما لم يتغير، حيث تختلف طبيعة نهر النيل عن أنهار العراق واختلاف طبيعة الأحجار في العراق عن مصر فيما يخص الاستنجاء، كما أن كثرة كنوز الفراعنة في مصر واعتماد الكثير من الناس عليها كدخل جعله يغير ما رآه بالعراق بشأن اشتراط النصاب، حيث إن اشتراطه في تلك الكنوز المصرية ربما يعطل الزكاة فيها.
وفيما يخص تحديدًا المغرب بخمس ركعات فقد كان الوقت بين المغرب والعشاء في العراق قريبًا جدا بينما طال أكثر من 5 ركعات في مصر مما دفعه لترك تحديد الصلاة ولكنه في ذات الوقت أفتى بالتعجيل في صلاة العشاء بمصر لأن الفارق بينها وبين صلاة المغرب في أحد الفصول طويل جدا مما يجعل تأخيرها مشقة على المصريين والذين كانوا حينها يعيشون على الزراعة ويستيقظون مبكرا، على الرغم من أن السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام هي تأخير صلاة العشاء.
أما رجوع الشافعى عن فتوى تقليم أظافر الميت غير مستحبة فكان نتيجة كونه عند المصريين ذات صلة بفكرة الاعتناء بالجسد لتحنيطه أو كونها من طقوس وعادات القدماء المصريين، كما أن فتواه بشأن غرامة شهود المال كان على صلة بأمراض المجتمع.
لا يعتبر ما رجع عنه الشافعى أو ما أضافه لمذهبه تغييرا فيه، بل إن قوله الجديد هو امتداد للقول القديم وتطوير له وليس تبديلًا، حيث كان الإمام رحمه الله يحرص على فحص آرائه بين الحين والآخر كما كان يفحص آراء غيره.
وكانت هناك مجموعة أسباب وقفت وراء تجديد الشافعى في مذهبه أبرزها مراجعته لأصوله في استنباط مذهبه ومراجعته لاجتهاده في فروع الدين والنظر فيها بالإضافة للاجتهاد على قياس أرجح ودليل أقوى باعتبار رأيه صوابًا يحتمل الخطأ، إلى جانب تغير البيئة والأعراف والعادات بين مصر والعراق واطلاعه على فقه الليث بن سعد في مصر من خلال تلاميذه.
وعُرف الشافعى بمجموعة من الفتاوى المتشددة التي أصدرها بعد هجرته لمصر لم تكن بذات الشدة في العراق أبرزها: كراهية استعمال أوانى الذهب والفضة كراهية تحريم في مصر، بالإضافة لعدم جواز المسح على الخف في الوضوء إذا ظهر من القدم شيء وبطلان الوضوء في حالة ترك الترتيب ونقض النوم للوضوء، بالإضافة لفتوى بعدم جواز زواج المرأة التي فقدت زوجها إلا بعد أن يأتيها خبر يقين بوفاته على عكس ما فتى به في العراق بأن تتربص أربع سنين من وقت انقطاع خبره، ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام.
حسب د. عمار علوان مؤلف كتاب «عبقرية الإمام الشافعى في الاستدلال والتأصيل والتجديد»، فإن المجتهد والمفتى كالطبيب لمجتمعه، إذا رأى وباءً ينتشر في المجتمع فينحو منحى الشدة في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشاره في المجتمع وكذلك المفتي، فإذا رأى مرضا اجتماعيا ينتشر في أفراد المجتمع الإسلامى فيتجه لاتخاذ الاجتهاد الأنسب، مما دفع الإمام الشافعى على سبيل المثال لوضع غرامة على الراجعين في شهادة المال لما رآه في المجتمع من كثرة شهادات الزور، حيث رأى أن الرادع في شهود الزور بالمعاملات المالية أن يغرموا لتردعهم الغرامة المالية إذا لم يكن يردعهم الخوف من الله.
وبالمقارنة بين تجديد الشافعى وما يسمونه اليوم تجديدا، نجد أن النوع الأول إنما يهدف لبعث وإحياء الدين وإعادته إلى واقع الحياة وهو ما يتناسب مع ما قاله رسولنا الكريم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، رواه أبو داوود، ولكن الاختلاف يأتى في تطبيق ذلك حيث ينفذه البعض عبر إحياء ما انطمس من معالم السنة النبوية ونشرها بين الناس ومنهم من يستخدمه في إنتاج البدع والمحدثات مما ينتج عنه نشر خلل في أصول وثوابت الدين عند ضعاف النفس ومن هم على غير دراية كاملة وهو ما يطلقون عليه في يومنا هذا تجديدا فيستبيحون من خلاله ما احل الله ويحرمون ما حلله دون الرجوع لأى إسناد موثوقة ويعتبرونه اجتهادا.
ويعتبر الاجتهاد في تجديد الدين فرض كفاية على العلماء لكونه قائمًا على الاجتهاد، وهو ما عهده القدماء وتوارثوه عن بعضهم البعض منذ أن دون الإمام الشافعى في كتابه «الرسالة» لأصول الفقه والتي شهدت بعد ذلك حالة من التجديد المستمر المتسم بالترتيب والتنظيم بالإضافة للدقة وقوة الاستدلال والمتابعة النقدية والتصحيحية حسب ظروف المكان والزمان ودواعى حاجة البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.