«فيتو» من جانبها تقدم عرضاً لهذا الكتاب -الأزمة، في محاولة لفهم ما ورد فيه, وتؤكد أنها تقف علي مسافة واحدة بين حرية الفكر والابداع ورفض الإساءة للاديان. الكتاب يقع فى سبعة فصول، بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة، ويتناول عدة قضايا وهى على النحو الآتى حسب ترتيب فصول الكتاب.. جذور الإِشْكَال: الله والأنبياء فى التوراة، والحلُ المسيحي: من الثيولوجيا إلى الكريستولوجيا ،النٌبوءةُ والبُنوَةُ: فهم الديانة شرقا وغربا، جدل الهرطقة الأرثوذكسية : الاختلاف القديم بين عقليتين، الحل القرآنى : إعادة بناء التصورات، كلام الإسلام :الوصلةُ الشآمية العراقيةُ، اللاهوت والملكوت :أطر التدين ودوائره.. كما ناقشت خاتمة الكتاب جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة. وكان زيدان قد طرح مصطلح «اللاهوت العربى «لأول مرة من خلال بحثه المختصر» اللاهوت العربى قبل الإسلام، وامتداده فى علم الكلام», الذى يعد النواة الأولى للكتاب محل الجدل، فى مؤتمر (القبطيات) المنعقد بمقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة فى منتصف شهر ستمبر 2008،ليؤكد من خلال هذا المصطلح على نقاط مفصلية مفادها أن الديانات الثلاث :اليهودية، المسيحية والإسلام ديانة واحدة ذات تجليات ثلاث، وقد حدد زيدان هذه النقاط فى ثمانية أقوالٍ، وتأتى الأولى فى سماوية الدين بالضرورة. زيدان ذكر في كتابه أن علماء الإسلام الأوائل، لم يعتادوا على استخدام وصف (سماوى) للإشارة إلى أحد الأديان الثلاث، ولكن اتبعوا لفظ (الكتابية) نسبة إلى أهل الكتاب من التوراة والإنجيل مثلما قالها القرآن الكريم، ولكن جرت عادة الناس على أن يصفوا الديانات بالسماوية وهذا معناه أن أى دين أيا كان سماوياً لغة وإصطلاحا، وعلى سبيل المثال أن الكفار يتعالون بمعبوداتهم إلى سقف سماوى، لما يتوهمون فيهم من مرتبة الإلهية، ومن هنا نستنتج أن كل دين مهما كان هو سماوى بالضرورة فى نظر معتنقيه. وأشار زيدان إلى وصف الديانات الثلاثة ب«الرسالية أو الرسولية» لتميزها عن باقى الأديان الأخرى، والتى أتت برسالة من السماء، موضحا أنه يري فى القول الثانى أن الديانات الثلاث فى حقيقة أمرها وجوهرها واحدة، لكنها ظهرت بتجليات عديدة عبر الزمان، حيث تحتوى كل ديانة على صيغ اعتقادية مختلفة كالمذاهب والطوائف ولكن فى النهاية المعبود واحد، بدءاً من أبى الأنبياء سيدنا إبراهيم (أبرام)، جد يسوع لأمه فى المسيحية إلى النبى الكريم محمد بن عبد الله خاتم الانبياء، أيضا وبالنظر إلى موقف كل من المسيحية والإسلام لليهود إلا أن الديانتين اجتمعتا على الاعتراف بالديانة اليهودية، وأقرتا بنبوة أنبياء اليهود، ليؤكد القرآن على الطابع العائلى للنبوة والأنبياء فى قوله تعالى» ذرية بعضها من بعض» الآية 34 من سورة آل عمران. ويوضح زيدان فى قوله الثالث فحوى مقارنة الأديان، أن كتابه ليس مقارنة للأديان، فلا يرصد نقاط الاتفاق والاختلاف فى إحدي القضايا الدينية مقارنة بديانة أخرى، ويرى أن الأهم من المقارنة على هذا النحو، العمل على التقريب بين التجليات الثلاث لأن جوهرها الدينى واحد، مشيراً إلى فرضية المنهج فى قوله الرابع، والذى اعتمد فيه على التجرد من الميل ناحية الاعتقادات الدينية والمذهبية لتفسير الظواهر الدينية، فى محاولة منه للهروب المؤقت من أسر التدين والإدانة لرصد الارتباطات العميقة بين اليهودية والمسيحية والإسلام، والتى طمست جذورها التاريخية بين الدين والسياسة، وبين التدين والعنف، وبين التعصب والتخلف. ويطرح «الفرضيات الأساسية» فى قوله الخامس، والتى تنطوى على ثلاث فرضيات وهى أنه لا يمكن فهم التراث العربى الإسلامى دون النظر إلى التراث الإنسانى الذى سبقه، أيضا قد تتأثر الدوائر التراثية القديمة والمتداخلة بالتراث الحديث بشرط أن يتعاصرا، فقد عرفت الديانة اليهودية فكرة البعث أو القيامة من خلال الديانتين التاليتين المسيحية والإسلام، أما الفرضية الأخيرة وهى اختلاف اللغات المستخدمة للتعبير عن المفاهيم الدينية قد يوهم البعض بأن هذا المفهوم مختلف الدلالة بين الديانات وبعضها، ولكن المعنى واحد. كما ينطوى قوله السادس والسابع على» تداخل الدوائر «و»ضبط المفردات» والتى تناقش العلاقة المشتركة بين التراث المسيحى والعروبة والتراث الإسلامى، بالإضافة إلى التركيز على مفردات جرت العادة على استخدامها حتى بهت معناها، ومنها: (لاهوت، هرطقة، أرثوذكسية) وذلك لإزالة التشوش الدلالى الذى أحاط بتراث الإنسانية المشترك. ويأتى القول الثامن والأخير عن» فحوى اللاهوت العربى «والذى يرى فيه زيدان أن المسيحية لم تعرف» اللاهوت» إلا من خلال المحاولات التى أرادت أن تنتقل من الفكر الدينى لحقيقة المسيح إلى الانشغال بالذات الإلهية وصفاتها، حيث كانت تلك المحاولات الكنسية فى منطقة الهلال الخصيب والتى سادت فيها الثقافة العربية قبل ظهور الإسلام. واختتم زيدان مقدمته، بأن هذا الكتاب قد يصدم المتعمقين فى دراسة علم الكلام الإسلامي، والمتوغلين فيما يسمى اللاهوت المسيحى، مشيرا إلى أنه لم يقصد به الغرق فى المباحث الدينية، وإنما فهم ارتباط الدين بالسياسة وبالعنف، الذى لم يخل منه التاريخ اليهودى والمسيحى والإسلامى.