جلس محمد بجوار والده يتناولان طعام الغداء.. لاحظ الشاب علامات الهم على وجه أبيه فمازحه قائلا: «لا تحزن يا أبا محمد.. قد يجعل الله من بعد ضيق فرجا.. وأعدك أن أكون سندك فى الحياة.. أعينك على تربية أشقائى الصغار، وأحمل عنك الهم والحزن».. انفرجت أسارير الأب وتعلقت عيناه بوجه ابنه وقال: «الآن فقط اطمئن قلبى».. انهى الشاب طعامه وانطلق بالتوك توك الخاص به سعيا وراء الرزق.. انتظر الأب عودته ولكنه لم يعد.. ثم فوجئ بأحد الجيران يخبره بأن ابنه قد مات.. وقعت الكلمات على مسامعه كالصاعقة.. عاد الجار ليؤكد له الخبر.. فسقط على الأرض فاقدا الوعى.. ترى ما حكاية محمد ومن قتله.. هذا ما يكشقه محقق «فيتو» فى السطور التالية. كانت البداية عندما علم المحقق بالعثور على جثة شاب عمره 18 سنة بجوار مزلقان القطار بالحوامدية.. انطلق المحقق إلى مكان الحادث والتقى بعدد من شهود العيان، وأكدوا أنهم عثروا على جثة المجنى عليه محمد نصر الدين وبها العديد من الطعنات، وتعرف عليه أحدهم من خلال صورته المعلقة على التوك توك. بعد عدة أيام علم المحقق أنه تم القبض على الجناة وهم أربعة عاطلين، فعاد إلى مركز الحوامدية وسأل رئيس المباحث عن التفاصيل، فقال: «من الأفضل أن تسمعها من المتهمين أنفسهم».. أمام محقق «فيتو».. جلس المتهمون يروون تفاصيل الحادث.. بدأ أكبرهم سنا ويدعى أبو الرجال رشاد «34 سنة» الحديث قائلا: «لم نخطط لقتل السائق، فقط كنا نريد سرقة التوك توك، ولكنه قاومنا.. لم نشعر بأنفسنا إلا ونحن ننهال عليه ضربا وطعنا حتى فارق الحياة..توقف أبو الرجال عن الكلام ليستكمل شريكه الثانى أحمد عبد الغنى «20 سنة» الاعترافات موضحا: «اعتدنا تعاطى المخدرات معا.. يوم الحادث شاهدنا القتيل يتجول فى شوارع الحوامدية بالتوك توك، ولأن ملامحه طفولية اعتقدنا أن سرقته ستكون سهلة.. استوقفناه وطلبنا منه توصيلنا إلى مكان معين مقابل 20 جنيها.. وعندما اقتربنا من منطقة مهجورة، شعر بالغدر فقرر العودة». قاطع المتهم الثالث محمود عبد التواب «19 سنة» شريكه قائلا: «عندما حاول السائق العودة بالتوك توك قمت بلف حبل على رقبته لإجباره على استكمال طريقه، ولكنه قاوم بشدة وأوقف التوك توك ونزع مفتاحه واحكم قبضته عليه.. انهال شركائى الثلاثة عليه ضربا وطعنا بالمطاوى، واستمر هو فى المقاومة.. تلاحقت الضربات على جسده إلى أن سقط جثة هامدة». أما المتهم الرابع عبد الله ممتاز «19 سنة» فأكد للمحقق أنه أصيب بالرعب من منظر الدماء، وسارع بالهروب مع أصدقائه إلى أن ألقى القبض عليه فى قضية سرقة بالإكراه، وأثناء التحقيق معه انهار واعترف بقتل سائق التوك توك وأرشد عن شركائه. فى منزل متواضع بالحوامدية.. التقى المحقق مع والد المجنى عليه ويدعى «نصر الدين» وبعد أن قدم واجب العزاء سأله عن تفاصيل الحادث.. انهمرت دموع الأب قبل أن ينطق وبصوت متهدج قال: «لا أعلم شيئا سوى أننى فقدت ابنى وسندى فى الحياة.. محمد كان شابا مكافحا يعود من مدرسته ليعمل على التوك توك.. الجميع كان يحبه ولا توجد عداوات بينه وبين أحد.. لم أتخيل أن نهايته ستكون بهذه الطريقة البشعة».. لم يستطع الرجل المواصلة وانفجر باكيا وهو يردد «حسبى الله ونعم الوكيل فى القتلة المجرمين».