المشاهد متتالية، والحقائق تتكشف لحظة بلحظة..فتسقط الأقنعة عن كثيرين..وتتحطم أسوار «الخديعة» على أيدي الثوار الحقيقيين..تذهب «السرية» التي اعتادوا عليها..وتبقى في النهاية إرادة شعب اختار طريق الحرية. ارتكب الإخوان خطأً كبيراً عندما ظنوا أن الشعب سينشغل بقوت يومه الذي لا يجده، وسينسى ما يسجله التاريخ، وتدونه الأيام، فكانت النتيجة صدمة كبيرة لمؤيدي الجماعة الذين رسموا لها صورة وردية، وتصوروا أنها صاحبة مشروع حقيقي. المشهد الأول: مساء يوم الخميس، السادس من ديسمبر الجاري، وصل نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الدكتور عصام العريان، إلى مطار القاهرة الدولي، للسفر على متن طائرة الخطوط الإماراتية المتجهة إلي دبي, وذلك دون إعلان مسبق عن رحلة خارجية مزمعة. المشهد الثاني: في اليوم التالي لسفره للخارج، وتحديداً الجمعة الموافق السابع من ديسمبر، كتب «العريان» تغريدة على تويتر»بجسدى فى الأممالمتحدة، وبقلبى ومشاعرى بالقاهرة، أمثل البرلمان العربي، فعضوية مصر باقية حسب القواعد، لحين انتخاب برلمان جديد..فى جلسة استماع بالأممالمتحدة حول دورنا فى حل النزاعات وبناء السلام». الغريب أن الأممالمتحدة، أعلنت مسبقاً أجازة ثلاثة أيام، (الجمعة - السبت – الأحد), أما البرلمان المصري فقد تم حله، ولا يوجد قواعد لمن يقوم بتمثيله في الأممالمتحدة..إذن لماذا سافر العريان؟ المشهد الثالث: اتجه «العريان» إلي واشنطن في زيارة مفاجئة تستغرق عدة أيام، وذلك بعد ساعات من الإعلان عن وصول الفريق أحمد شفيق لأمريكا - حسبما ذكرت الجريدة الإليكترونية عرب تايمز التي تصدر من الولاياتالمتحدة - وهي زيارة قال المراقبون: إنها تثير الكثير من علامات الاستفهام حول توقيتها, خاصةً بعدما تردد أن «العريان» انضم إلى فريق من قيادات الإخوان ومستشاري مرسي وهما عصام الحداد وحسين القزاز، في محاولة لطمأنة الإدارة الأمريكية عما يحدث في مصر. كان الثنائي السابق، قد سافرا إلى واشنطن بداية ديسمبر الجاري، للترتيب لزيارة الرئيس مرسي يوم 17 من نفس الشهر، تبعها بأيام، وتحديداً في الخامس من ديسمبر، مذكرة قصيرة صادرة عن البيت الأبيض - حسبما أكد موقع الجهاد واتش- للتقليل من تزايد المخاوف بشأن تنامي نفوذ رجال الدين من الاسلاميين في مصر. بعدها، التقى عصام الحداد، بمستشار الأمن القومي الأمريكي، توم دونيلون، وناقشا عدداً من القضايا، منها التعاون الاقتصادي الثنائي، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي، بناء على الهدنة في قطاع غزة، وتحول مصر إلى الديمقراطية، والحاجة إلى المضي قدماً في انتقال سلمي وشامل يحترم حقوق جميع المصريين – وفقاً لبيان صحفي -. المشهد الرابع: الإدارة الأمريكية تتعرض لضغوط من قبل بعض الجمهوريين، خاصةً السيناتور ديك تشيني، الذي انتقد أوباما في التعامل مع الأزمة المصرية, بالإضافة لضغوط المصريين هناك، مما دفع واشنطن لتأجيل زيارة مرسي إلي ما بعد 20 يناير من العام المقبل. هنا عاد «الحداد» دون إحراز أي تقدم، مما أصاب الإخوان بالخوف والقلق الشديد، من إمكانية تخلي الإدارة الأمريكية عن دعمها لهم، لتأتي زيارة «العريان» والتي وصفها المحللون السياسيون ب «الغريبة» وأنها تعطي مشروعية لما تؤكده القوي الثورية والمدنية عن علاقات ولقاءات سرية تجمع بين الإخوان وشخصيات مقربة من الإدارة الأمريكية، امتدت من فترة ما قبل سقوط مبارك. المشهد الخامس: السفارة الأمريكيةبالقاهرة، تضغط على رموز من المعارضة المصرية، لوقف سيل الاحتجاجات، حيث ذكر بيان «ائتلاف أقباط مصر» أن مرسي استنجد بحليفته أمريكا، وأصدقائه في إسرائيل، وطالبهم برد الجميل بعدما ساعدهم في توقيع اتفاق الهدنة مع حركة حماس،بحسب صحيفة «عرب تايمز» أما التقارير الصادرة عن واشنطن فتحدثت عن تعهد الإخوان خلال لقائهم بمسئولين أمريكيين، بأن يوفروا عدداً من الضوابط، أولها المحافظة على معاهدة السلام، والالتزام بتفاصيلها،خاصة ما تعلق بحماية الحدود الإسرائيلية، ثانيها الضغط على حماس حتى تغيّر من طابعها, وتقترب من خيار السلام، وهو ما تم من خلال هدنة غزة. وتعهد الإخوان كذلك بفتح معركة قوية مع المجموعات المتشددة التي تعادي واشنطن، بالإضافة للتعاون مع الجانب الأمريكي للكشف عن التحقيقات مع الخلية التي تم القبض عليها بالقاهرة، والمتورطة في قتل السفير الأمريكي بليبيا. التقارير الأمريكية تؤكد أيضاً، أن الإخوان تعهدوا لواشنطن بأن يكونوا ضمن الحلف الإقليمي المناهض لإيران، وحزب الله، وسوريا، وهو ما تحقق إلى حد كبير، لكن أوساطا أمريكية متشككةً في نوايا الإخوان، ترى أنهم يناورون ليربحوا الوقت ثم يعلنوا عداءهم لأمريكا, لذا كانت زيارة العريان لواشنطن، لمنحها مزيداً من التطمينات الإخوانية، منها تأجيل الاستفتاء للمصريين بالخارج. المشهد السادس: الضغط الأمريكي، والمشهد المصري المشحون، دفعا الإخوان للإرتباك، وعقد اجتماعات شبه متواصلة لمكتب الإرشاد، أسفرت عن اتهام المعارضة بقيادة مؤامرة على الشرعية والثورة، آخرها المؤتمر الصحفي للمرشد العام، الدسكتور محمد بديع، مطلع الأسبوع الجاري. أستاذ السياسة بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفي كامل ، أكد أن لقاء «الحداد» ومستشار الأمن القومي الأمريكي, جاء لتوضيح مدي إستقرار الأوضاع في مصر، والترتيب لزيارة الرئيس مرسي لأمريكا, لكن الأحداث الأخيرة دفعت للتأجيل، دم رضا واشنطن، مشيرا إلي أن أمريكا تضع نصب أعين الرئيس المصري، أنها لن ترضي إلا من خلال قرارات معينة، أهمها التراجع عن الإعلان الدستوري، وهو ما أكدته ل»الحداد». وفيما يتعلق بسفر «العريان» هو الآخر، إلى واشنطن، أكد «كامل» أن سفر نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، جاء لإزالة سوء التفاهم الذي أدي لتأجيل الزيارة, وطمأنة الإدارة الأمريكية بشأن الحوار مع المعارضة، فضلاً عن ضمان عدم تأثر موقف صندوق النقد الدولي، بشأن منح مصر قرض ال 4.8 مليار دولار. « الأمريكان يهدفون إلى المصلحة فقط، لذا فعلاقتهم بالإخوان طبيعية، كما كان يحدث أيام مبارك..وجولات القيادات الإخوانية يهدفون منها لتبرئة أنفسهم مما يحدث»هكذا علقت أستاذ السياسة، والمتخصصة في الشأن الأمريكي، الدكتورة شيرين فهمي، مؤكدةً أن زيارة «العريان» لواشنطن، تهدف لضمان عدم تأثر المساعدات الأمريكية لمصر، ودعمها للرئيس الإخواني. المشهد السابع اسم مستعار ووظيفة مستعارة هى الحيلة التى لجأ إليها عصام العريان للهروب من مظاهرات المصريين بنيويورك، حيث انتظرته ثلاث مظاهرات، أمام مقر الاممالمتحدة، تنديدا بالدستور، واعتراضا على مذبحة الاتحادية وقمع المتظاهرين .. الفشل داخل مقر الاممالمتحدة كان جزءا من مسلسل الفشل الذى لاحق زيارة العريان فى معظم لقاءاته التى ادعى فيها أنه ذاهب ليشارك فى جلسات البرلمان الدولى، وهى معلومة روجها ولكن لقاءاته كذبتها حيث تزامنت مع لقاء الشاطر بالسفيرة الامريكية فى القاهرة خاصة بعد أن أبلغ العريان الشاطر أن الاممالمتحدة رفضت مسودة الدستور لأنه لايوافق المواثيق الدولية ،ما ترتب عليه تلويح البنك الدولى بعدم الموافقة على منح مصر القرض،بداعى غياب الاستقرار والتوافق المجتمعى. وجاء فى حيثيات الرفض: تجاهل مسودة الدستور لحقوق المرأة والأقليات وحرية الصحافة،وانتهاك السلطة القضائية، فضلا عما وصفوه بالمواد المبهمة غير الواضحة والمحددة ، و عدم التأكيد على مدنية الدولة بنص واضح وصريح. ورغم المحاولات المستميتة من العريان فى الدفاع عن دستور الاخوان، أمام الاممالمتحدة، بحجة أن الاغلبية موافقة عليه، إلا أن الردجاءه: الدستور ليس للاغلبية فقط، بل هو بمثابة عقد اجتماعى، يجب التوافق عليه. وقدم مسئولون عن الحريات وحقوق الانسان للعريان حافظة ضمت تقارير صحفية تدين بشدة قمع الاخوان لمعارضيهم . الناشطة الدولية نافى بيلارى -مفوضة الاممالمتحدة- قالت :«نريد فقط عدم تكرار انتهاكات عصر مبارك ومسودة الدستور مخالفة لمواثيق حقوق الانسان وأبلغنا الرئاسة المصرية فى مؤتمر صحفى رسمى مؤثق اعتراضنا عليه خاصة أن شعارات الثورة هى» الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية». المشهد الثامن فور علم النشطاء المصريين المقيمين فى الولاياتالمتحدة بأن العريان يعرض مسودة الدستور على مسئولين بالاممالمتحدة ، اطلقوا حملة الكترونية شملت رسائل عاجلة للمصريين للتظاهر، وهو ماحدث بالفعل فى وقت قياسى، وتجمع العشرات أمام المبنى مرددين شعارات غاضبة، من بينها: « إعلان دستورى باطل ...دستور إخوانى باطل ....يسقط يسقط حكم المرشد » وفى هذه الأثناء،استشعر العريان الحرج، مما دفعه للهروب من الباب الخلفى بمساعدة أحد كوادر الاخوان فى أمريكا ،» خالد لماضة»، الذى أعطاه قبعة ليخفى بها وجهه وهو نفس الشخص الذى حجز للعريان باسم مستعار فى فندق الفورسيزون بنيويورك. المشهد التاسع فى المساء ، كان كوادر الاخوان وأعضاء من الخارجية يعدون له ندوة للرد على مايدار حول الاعلان الدستورى، وهنا كان موعده مع الصدام الاكبر، حيث فوجئ بعدد من النشطاء يهتفون:«كدااااب قااااتل »، ورفعوا لافتات شبهوا فيها مرسى بهتلر، وفشلت محاولة السيطرة على الأمر، ما جعله يلجأ لطلب الشرطة متهما الناشطة الدكتورة سلمى أبو المجد -منسقة جبهة الانقاذ الوطنى فى شمال أمريكا بروكلين- بمحاولة قتله، وبالفعل قبض على الدكتورة سلمى لمدة أربع ساعات ، لكن أفرج عنها بعد أن ثبت أن الاتهام كيدى وكاذب. من جانبها،أكدت الدكتورة سلمى ل«فيتو»،عبر اتصال هاتفى من الولاياتالمتحدة أن الاتهام الكاذب لم يكن هو فقط الجرم الوحيد للعريان وأنصاره من الاخوان، بل إنهم اعتدوا عليها وضربوها على رأسها، كما أعتدوا على زوجها احمد لولا تدخل الشرطة، وأكدت أنها لن تترك حقها القانونى، واتهمت العريان واخوانه بالبلطجة والكذب والتضليل . الباحث المصرى المقيم فى أمريكا،الدكتور عصام عبد الله قال ل«فيتو»، عبر اتصال هاتفى: نحن كباحثين بواشنطن. ومتابعين للوضع فى مصر نشعر بالقلق الشديد، وزيارة العريان محاولة فاشلة لتجميل صورة الاخوان والحصول على شرعية لمسودة الدستور». الباحث مجدى خليل مدير منتدى الشرق الاوسط بواشنطن قال ل»فيتو»: الصحافة الامريكية أدركت خطورة نظام الاخوان المسلمين على الحريات،وبدأت فى اتخاذ مواقفة جادة تكشف من خلالها حقيقتهم.