الفصل الأول: هروب من جحيم الأم قلت: فى البداية.. دعينا نتحدث عن ظروف نشأتك الأولى وكيف كانت سببا فى انحرافك ودخولك عالم الليل. زاغت عيناها وتنهدت فى ضيق واضح، قبل أن تقول: مات والدى وعمرى لا يزيد على الشهرين، وتركنى مع أمى و4 أشقاء ذكور نواجه أعباء الحياة بلا سند أو عون.. تزوجت والدتى من رجل آخر أحسن تربيتنا، واعتبرنى ابنته، بل كان يدللنى ويعاملنى أحسن من معاملته لأبنائه الذكور الأربعة الذين أنجبهم من امى.. عندما كبرت وبدأت علامات الأنوثة تظهر على جسدى، خضعت لرقابة صارمة من قبل والدتى وأشقائى.. لا أخرج إلا مع أحدهم، ولا اختلط بأي فتاة مهما كانت.. حتى المدرسة كان احدهم يوصلنى إليها صباحا، وينتظرنى آخر فى نهاية اليوم، ليعيدنى الى المنزل.. لم احتمل هذه الرقابة اللصيقة، وذات يوم ذهبت مع بعض الفتيات للتنزه، وعندما عدت إلى المنزل خضعت لجلسة حساب عسيرة انتهت بعلقة ساخنة، وفرمان بحرمانى من مواصلة الدراسة وكنت وقتها فى الصف الثالث الاعدادى». توقفت عن الكلام لدقيقة اخرجت خلالها علبة سجائر، وأشعلت منها واحدة ونفثت دخانها فى الهواء، وأضافت: « فوجئت بأمى تتحدث معى فى أمور الزواج والأسرة وتؤكد لى أن « البنت ملهاش غير جوزها وعيالها» وان زواج البنت وهى صغيرة فيه سترة لها واستقرار طوال العمر، وكل يوم كانت تحضر لى عريسا مختلفا وكأننى عبئا ثقيلا عليها تريد التخلص منه، وعلى النقيض من ذلك كان زوج أمى يرفض فكرة زواجى ونصحنى بعدم الانصياع لكلام أمى خصوصا ان عمرى لم يكن قد تجاوز ال16 سنة.. بعد تفكير قصير قررت أن اتخلص من حياة الذل هذه، والموافقة على اول عريس يتقدم لخطبتى، على امل ان اجد معه السعادة والهناء.. وما هى إلا أشهر قليلة حتي تمت خطبتى لابن عمتى، وانتقلت لأعيش معه فى منزل متواضع بمنطقة بولاق أبوالعلا.. مرت أشهر الزواج الأولى فى هدوء واستقرار، ثم حدثت الكارثة التى لم تخطر لى على بال، فقد ألقى القبض على عريسى فى قضية مخدرات، وكان متلبسا بحيازة كمية من الحشيش.. حاولت أن اعود الى منزل أسرتى، ولكن أمى رفضت وأكدت أن بيت زوجى هو مكانى الطبيعى، وعلىَّ ان انتظره وأقف بجواره فى محنته، وبالطبع خفت أن أقيم بمفردى فى منطقة لا أعرف أحدا فيها.. فوجئت بحماى يحضر إلىَّ ويطلب منى أن أذهب لأعيش مع أسرته فى منطقة شبرامنت.. استبشرت خيرا وقلت فى نفسى إن الحياة مع هذه الأسرة بالتأكيد ستكون احسن بكثير من العودة إلى أمى، وانتقلت بالفعل إلى منزل حماى». الفصل الثانى: اغتصاب ب «50» جنيها توقفت عن الكلام وأخذت نفسا عميقا من سيجارتها, ثم طأطأت رأسها الى الأرض, وكأنها تتذكر كابوسا مرعبا.. انتزعتها من شرودها وسألتها: «وهل وجدت الراحة فى هذا المنزل؟».. لاحت على شفتيها ابتسامة ساخرة وهى تقول: «طبعا طبعا.. وأى راحة.. يا سيدى بعد أسبوع واحد من دخولى لهذا المنزل، فوجئت بحماى يطلب منى ان أبيع مصوغاتى الذهبية حتى يتمكن من دفع اتعاب المحامى الذى وكله للدفاع عن زوجى.. أعطيته الذهب ليتصرف فيه وبعد أيام قال إن الأموال كلها نفدت وبدأ يبيع أثاث منزلى قطعة تلو الأخرى إلى ان أصبحت الشقة على البلاط، ورغم ذلك صدر حكم ضد زوجى بالسجن المشدد لمدة 15 عاما.. شعرت بالإحباط والضياع خصوصا أن أمى ترفض عودتى الى المنزل، وحماى بدأ يمل من وجودى مع اولاده وطالبنى بالخروج للعمل حتى أساعده فى توفير مصاريف البيت.. وافقت على فكرة العمل هذه وقلت فرصة أسلى نفسى وأهرب من تحكمات الآخرين فى حياتى.. ذات يوم فوجئت بوالد زوجى يخبرنى أنه وجد عملا مناسبا لى وبمقابل مغر، وهو تقديم المشروبات وإعداد المأكولات فى السهرات الخاصة التى يقيمها بعض الرجال والشباب فى الشقق المفروشة.. ترددت فى البداية, ولكنه شجعنى وأكد أنه عمل عادى، ولن يمسسنى أى شخص بسوء». اعتدلت فى جلستها وأطفأت سيجارتها واستطردت: « فى الليلة الاولى كانت مهمتى تقديم الخمور والبيرة والمزة للرجال والنساء الساهرين فى جلسات المزاج.. حاولت ان اهرب من هذا العمل ولكن حماى اجبرنى عليه.. فى اليوم التالى فوجئت بأصحاب المزاج يطلبون منى الرقص واضطررت للاستجابة لطلبهم.. سال لعاب أحدهم على خصوصا اننى اجيد الرقص وامتلك قواما ممشوقا وإن كنت لا احظى بقدر كبير من جمال الوجه.. حاول ان يغرينى بالأموال حتى أوافق على ممارسة الجنس معه.. رفضت وحاولت الهرب ولكنه منعنى واغتصبنى بالقوة، وكانت هذه أول مرة يلمس فيها جسدى رجل غير زوجى.. بعد ان انتهى من فعلته اعطانى 50 جنيها، وعندما عدت الى المنزل فوجئت بحماى يعطينى 50 جنيها أخرى، وضحك ضحكة ذات مغزى وهو يقول: «شفتى الشغل فى الدعارة سهل ازاى وبيجيب فلوس كتير».. أدركت انه قواد محترف مهنته تجارة الأعراض.. ذهبت الى زوجته واخبرتها بالأمر، فردت على بضحكة ساخرة واكدت أنها تعلم بنشاطه هذا منذ فترة طويلة، وأوضحت انه جند عشرات الفتيات والسيدات فى شبكة دعارة كبيرة يديرها فى شقة بمنطقة شبرامنت، والأكثر من ذلك انه يساعد فى سفر عدد منهن الى دول الخليج لممارسة هذه الاعمال مع الأثرياء هناك مقابل مبالغ كبيرة يتحصل عليها. الفصل الثالث: أرامل ومطلقات وطالبات فى سوق المتعة قلت: « وماذا حدث بعد ذلك؟».. قالت: « أشعر ببعض الصداع وارغب فى شرب حجر شيشة».. على احد المقاهى القريبة من منطقة وسط البلد جلست، وبين انفاس الشيشة واصلت حديثها: « المهم وجدت نفسى ساقطة فى شبكة الدعارة التى يديرها والد زوجى.. ورحت اتنقل بين احضان اكثر من رجل فى الليلة الواحدة واحصل من كل منهم على خمسين جنيها فقط، فى حين يحصل حماى على مبالغ تتراوح بين 100 و150 جنيها.. وفى هذه الشقة المشبوهة التقيت سيدات وبنات من مختلف الأعمار والفئات.. وجدت الأرملة والمطلقة والمتزوجة، ووجدت أيضا الهاربة من منزل أسرتها فى الريف، والمغرر بها من قبل حبيبها.. وكانت المفاجأة عندما تقابلت مع طالبة فى كلية الصيدلة، كانت ضحية حب فاشلة مع زميل لها هربت معه وأفقدها عذريتها ثم تخلى عنها، فخافت من الفضيحة وظلت هاربة من اهلها الى ان وقعت فى قبضة حماى وجندها فى شبكته.. وكانت معنا أيضا بنات «فرز اول» بحسب تعبيرات تجار الاعراض، وهؤلاء صارخات الجمال والقوام، وكان لهن زبائنهن من رجال الاعمال والاثرياء العرب، ويصل سعر الساعة مع الواحدة منهن الى 500 جنيه، وفى بعض الأحيان يكون الدفع بالدولار. قاطعتها متسائلا: «وماذا عن أسعار الأخريات».. أجابت: «السعر يتحدد حسب الزبون وحسب اعجابه بالفتاة وطريقتها فى ممارسة الحرام.. وبصفة عامة تتراوح الأسعار بين 50 و250 جنيها.. اما إذا رغب الزبون فى اصطحاب الفتاة معه فالسعر يرتفع الى 400 جنيه.. الغريب أننى تقابلت مع بعض الفتيات جئن لممارسة الجنس للمتعة الشخصية فقط, وليس من اجل المال.. وفى بعض الاحيان كان يوزعنا الزعيم على مناطق القاهرة والجيزة المختلفة لاصطياد الزبائن.. فمنا من تقف فى شارع الهرم، وأمام وزارة الثقافة ودور السينما المختلفة وغيرها، وإغراء الرجال بالملابس والحركات المثيرة.. ثم تصطحبه الى المستنقع أو الى اى مكان آخر يختاره هو. قلت: « لماذا لا تهربين من هذا المستنقع وتودعين عالم الدعارة؟».. ترقرقت دمعة فى عينيها قبل ان تجيب: « حاولت كثيرا.. تمردت على حياة المهانة هذه، ولكننى فوجئت بأن حماى يحتفظ بأفلام مخلة تجمعنى بعدد كبير من الرجال، واكتشفت انه صور كل عضوات الشبكة بكاميرات خفية حتى يضمن بقاءهن معه، بل أجبر بعضهن على توقيع ايصالات امانة على بياض او بمبالغ كبيرة.. كل ذلك اكتشفته بالصدفة عندما حاولت احدى عضوات الشبكة الانفصال عنه بعد علمها بأنه يحصل على مبالغ ضخمة من ورائها ولا يعطيها سوى الفتات، حيث هددها بالفضيحة والسجن.. صمتت قليلا واستطردت: «من اغرب الأشياء التى وجدتها فى عالم الدعارة ان بعض السيدات المتزوجات، كن يتصلن بالزعيم ويطلبن منه تدبير زبون لممارسة الجنس معهن مقابل مبلغ من المال بسبب وقوعهن فى ضائقة مالية، وبالطبع كانت هؤلاء السيدات تحضرن فى اوقات معينة وفى غياب جميع عضوات الشبكة». الفصل الرابع: ايصالات أمانة وأفلام مخلة استغربت من كل هذه المعلومات وسألتها عن تأثير الثورة ووصول الإخوان الى سدة الحكم على سوق الدعارة فى مصر.. اطلقت ضحكة مجلجلة ثم قالت: « الثورة أنعشت سوق الدعارة وبدلا من ان كانت تمارس فى الخفاء، أصبحت تمارس الآن فى العلن دون خوف من مطاردات مباحث الآداب، وفى ظل الانتشار الواضح للبلطجية ومحترفى الإجرام، الذين يحمون أوكار الدعارة والساقطات.. الأكثر من ذلك هو استمرار المظاهرات والاعتصامات فى ميدان التحرير وغيره من الميادين، فقد وجدت الساقطات فيها سوقا رائجة لاستقطاب الزبائن، وأيضا وجد فيها القوادون سوقا كبيرا لاصطياد الفتيات والسيدات المنحرفات والهاربات من أسرهن، وكذلك أطفال الشوارع الذين لا يجدون مأوى لهن. وعن سوق الدعارة فى عهد الإخوان قالت: « كما قلت زادت الدعارة بشكل ملحوظ جدا بعد الثورة وهى فى ازدياد مستمر حتى الآن.. والموضوع ليس له علاقة بارتداء الحجاب او غيره او التدين من عدمه.. الموضوع فى الأساس مرتبط باحتياجات الناس من الأموال وأساسيات الحياة، وهذه غير متوافرة حاليا والفقر فى ازدياد واضح، ومع الفقر يسهل الانحراف.. وللعلم فإن حماى زعيم الشبكة يظهر امام الجميع فى صورة الرجل التقى الورع، ويحرص على أداء العمرة كل سنة، ولا أحد يعلم حقيقة امره غير العاملات معه» كانت هذه نقطة النهاية ليوميات «سمر» فى عالم الدعارة.. وبعد ان دفعت حساب الشيشة والمشروبات تركتها وانصرفت.وقبل أن تنهي حديثها، وجهت سمر كلمة للرئيس محمد مرسي وقيادات الإخوان، والحكومة قالت فيها: إنها لم تتخيل نفسها يوماً عضوة في شبكة دعارة ولم تكن تطلب سوي الستر فقط، ولكن أحوال البلاد المتردية والغياب الأمني الواضح اسقها فى مستنقع الرذيلة، وطالبت كل المسئولين بالعمل لصالح مصر أولاً وإنقاذ بنات ونساء مصر قبل أن يقعع عدد منهم في بئر الزديلة كما وقعت هى.