[email protected] (أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَلَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً وَمَا خَيْرُ خَيْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ وَيُسْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ وَإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ). علي بن أبي طالب. لماذا يبيع بعض الأفراد أو الجماعات إرادتهم وكرامتهم للغير تسهيلا لوصولهم أو لبقائهم في السلطة ولماذا لا تُقدم هذه التضحيات والتنازلات للشعوب صاحبة الحق بدلا من تقديمها في جنح الظلام ممن لا يملك لمن لا يستحق من أباطرة الاستكبار العالمي، سراقِ ثروات الشعوب والمهيمنين على مصائرها. سؤال جوهري لا نرى كبير اهتمام بتقديم إجابة شافية وافية عليه. أيهما جاء أولا: هل قُهرت النظم التي حكمت العالم الإسلامي أولا فلم تر بدا من الإذعان، وتقديم فروض الطاعة والولاء لسدنة الاستكبار العالمي أي أنها خضعت دون رغبتها، أم أنها اختارت هذا الطريق بكامل إرادتها ربما كنوع من التذاكي ثم وجدت نفسها في شبكة صياد ماهر خبيث لا يمكن التفلت من قبضته فتكيفت مع واقع سارت إليه باختيارها ثم أصبح الذل والأسر قدرا (محتوما).. والنظام الدولي لا يحمي المغفلين!!. القارئ المتفحص لتاريخ العالم الإسلامي يوقن أن الفرض الثاني هو الصحيح، وأن الذل والتبعية لم يكن قهرا ولا إجبارا ولا نتيجة لاجتياح الغرب، بل هو اختيار حكام مرضى ابتلاهم الله بداء الذل والخنوع، وأنها حالة من الشذوذ الأخلاقي نبعت من نفوس مريضة منحطة تعشق الذل، لا بسبب ضغوط الواقع ومستلزمات السياسة الدولية، وأن هؤلاء المنحطين هم من دخلوا بملء إرادتهم في قفص الحيوانات المملوك لسيرك النظام الدولي. الناتج الأسوأ لهذه التبعية والذل الاختياري هو التجبر على أبناء الأمة المستضعفين، ولو لم يشكلوا تهديدا جديا لطبقة العبيد الحاكمين المتنمرين، بعد أن اصبح قمعهم مصلحة مشتركة بين تجار الرقيق الكبار وقادة العبيد الصغار ولاة الأقاليم والأمصار. إنها الحقيقة القذرة التي ينضح بها تاريخنا الملوث بالدماء، مذ هتف بها زيد بن أرقم (أمّرَ عبدُ عبدا، فاتخذهم تُلدا يا معشر العرب أنتم العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل، فبعدا لمن رضى بالذل). ترى من أدخل جماعة الإخوان في القفص الأمريكي، هل أجبروا على ذلك أم أنهم سعوا إليه بملء إرادتهم؟!. هل يمكن لمن اختار العبودية بملء إرادته وقدم نفسه عبدا طامعا في وثاق الذل إلى أبد الآبدين، أن يناضل من أجل تحرير أمته؟!.