أسرار كثيرة لا تزال تحيط بتنحي الرئيس السابق محمد حسنى مبارك, فلا نعلم حتى الآن سر عدم إلقاء مبارك خطاب التنحي بنفسه و لماذا كلف نائبه بهذه المهمة؟ لذا التقت «فيتو» ابراهيم الصياد- رئيس قطاع الاخبار الحالي فى الذكرى الثانية لتنحى مبارك وكان هذا الحوار : ماذا كان حال القطاع قبل تنحى مبارك وبعدها وهل كنتم فى انتظار هذه اللحظة ؟ - كان حال الجميع داخل القطاع غاية في السوء, فعلي مدي اربعة ايام قبل التنحي لم ينم احد في ماسبيرو , كنا وكل البرامجيين نبيت داخل القطاع ليلا ونهارا, وكنا نذهب لبيوتنا لتغيير ملابسنا فقط ونعود, وكنا نخشى على زميلاتنا الاعلاميات اثناء ذهابهن الى منازلهن من اخطار الطريق والانفلات الامني, كنا نستشعر جميعا ان لدينا واجبا علينا تقديمه فى أخطر مرحلة تمر بها مصر, كنا نقسم البرامجيين إلى مجموعتين, وورديات للعمل 24 ساعة حتى يكون هناك كنترول على كل ما يحدث لحظة بلحظة, فلم نكن ننام, كنا متعبين ومهددين باقتحام المتظاهرين للمبنى ,كنا محاصرين من الخارج بالمتظاهرين, ومن الداخل بالأحدث السريعة المتلاحقة التي نتابعها لحظة بلحظة,ونحن لم نتوقع ان هناك تنحية ولكن كنا نستشعر ان هناك فى كل يوم تصعيداً للموقف. وماذا كان شعور العاملين فى القطاع لحظة سماع قرار التنحى ؟ - هناك من شعر بالفرحة الشديدة, وآخرون أصابهم الحزن الشديد، وأخذوا يبكون بكاء حاراً ,وكان المناوي على رأس من ظهر عليه حالة الحزن الشديد ,أما أنا وفريق المذيعين فقد كنا فى حالة إعياء شديدة , وكانت لحظة التنحى تعنى الإفراج عنا من الاسر الذى وقعنا فيه,وكان فرحنا الاكثر بالعودة الى منازلنا سالمين كى نأخذ قسطا من الراحة بعد ايام عذاب طويلة, ولكننا لم نرحل إلا فى صباح يوم السبت، حتى نتعايش ونشارك الشعب فرحته بالتنحى، وتقديم التهنئة للشعب المصري بثورته العظيمة التي قادها الشباب, وقدمنا التحية لقواتنا المسلحة لدورها العظيم في حماية الثورة وحفظ الوطن والمواطنين, وتعهدنا منذ تلك اللحظة أن نكون اكثر حرصاً على المهنية . عبد اللطيف المناوى كان فى تلك الفترة وحتى آخر لحظة قبل التنحى, كان مرتبطا ومحكوما بالسياسة القديمة ,وهى سياسة التبعية للنظام ,وكنت نائبا له, ومعنى بكل ما يدور داخل ماسبيرو, ونظرا لتبعية القطاع بصفة خاصة والاعلام بصفة عامة للنظام الحاكم, فكان المناوي لا يقبل اى تعليق او نصيحة من اى شخص مادام رأيه يتعارض مع مصلحة النظام الحاكم . وأستطيع ان اقول ان المناوي هو المسئول الوحيد عن التغطية الإعلامية للثورة في ايامها الأولي, وهو من طلب ايقاف بث كل البرامج، وضمها في ارسال موحد بغرض إحكام السيطرة علي الخطاب الإعلامي, ليتوافق مع توجيهات أجهزة سيادية. ماذا عن قصة شريط التنحى؟ وهل تدخل قطاع الأخبار بالمونتاج؟ - دخل شريط التنحى إلى ماسبيرو بصحبة اللواء اسماعيل عتمان,عضو المجلس العسكرى,الذي كان يحمله من قصر الرئاسة, وقد سجلوا هذا الشريط بمعرفتهم ,بدون الاستعانة بنا, للحفاظ علي السرية الشديدة, وكان هناك تخوف من تعذر وصوله الى المبنى فى الوقت المناسب, وقد دخل عتمان بالشريط الى قطاع الاخبار ورفض تسليمه للمناوى يدا بيد, ولكن اصطحبه حتى دخلا ستديو الاخبار معا ,واخرج اللواء عتمان الشريط وسلمه لرئيس الاستديو, ولم ينصرف عتمان إلا بعد ان ضمن ان الشريط قد تم بثه على الهواء لكل العالم, وكان المناوى والكثير من المحيطين به فى حزن شديد , وكان الوزير آنذاك خارج المبنى, ربما خشى من رد فعل المتظاهرين او العاملين بماسبيرو أن يحدث منهم اى تجاوزات, ولكن المونتاج حدث للمقدمة التى سبقت قرار التنحى, فقد تم إعادتها عدة مرات مع المذيعة رشا مجدى , حتى تتناسب المقدمة مع قوة الحدث. لقد كنا أنذاك مجرد منفذين للاوامر, ولم اكن صاحب قرار, فكان الوزير ورئيس القطاع هما اصحاب القرار، ومن يوجهان ويختاران المواد التى يتم إذاعتها, وكان اغلبها مواد مسجلة وممنتجة , واقتصر دورنا على اذاعة مختارات الوزير والمناوى . هل ساهم إعلام الدولة فى تضليل الرئيس السابق؟ - بالفعل ساهم , فقد كان بعض رجال الرئيس يضللونه , منهم بالتأكيد وزير الاعلام والمناوى, اللذين كانا يتعمدا إخباره بأخبار غير حقيقية , وهذا كان جزء من الخداع الاستراتيجى الذى تم ممارسته على الرئيس السابق، حتى لا يعلم حقيقة الامور, وهذا ما يفسر بطئه فى اتخاذ القرارت حتى يوم التنحى, وهذا ما عجل بنهايته, اى ان من حوله اتسموا بالغباء السياسى ,كالدبة التى قتلت صاحبها. هل تم مونتاج لبعض أحاديث الرئيس السابق قبل فترة التنحى؟ نعم , وكان هذا واضحا للجميع, فقد قام مبارك بتوجيه العديد من الكلمات الحاسمة, واعتقد ان كلمات مبارك الكاملة كان يتم حجبها عن الجمهور,وكان لابد من ظهور الصورة كاملة .