سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دستور «داعش».. 9 بنود تحدد ملامح دولة الخلافة الإسلامية.. أولها «الفتوحات الإسلامية» وتنتهي ب «زي النساء».. منع الأحزاب وهدم الأضرحة وتكفير الشرطة والجيش.. وأمير المؤمنين يملك صلاحيات إلهية
في زمن انتشر فيه الجهل والفقر على الوطن العربي، وتزايد الصراع في الشرق الأوسط، واستمرار الحديث باسم الله على الأرض، لم يكن غريبًا أن يعيد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» إحياء مصطلحات «الفتوحات الإسلامية»، والتي رحلت مع حقبة الخلفاء الراشدين. «داعش» الذي عاث في الأرض فسادًا وقتلا واستباحة للدماء، يتحدث اليوم عن دستور للتنظيم يتكون من تسعة بنود، تبدأ بتهنئة الأمة الإسلامية على الفتوحات الربانية التي نجح فيها التنظيم، واعدًا بالمزيد منها في القريب العاجل. تنظيم دولة العراق والشام يقدم نفسه للمسلمين على أنه مجموعة من زرع الإسلام، أخذت على عاتقها إقامة الخلافة الإسلامية وإرجاع أمجادها ودفع الظلم الواقع على المسلمين من الحكم بغير شرع الله، قبل الدخول إلى نصوص وبنود الدستور، مطالبًا الجميع بالالتزام به، مؤكدة أنها تعامل الناس بما ظهر منها ولا تأخذ أحدا بالظن بل البينة القاطعة والحجة الساطعة. «بيت المال» فيما يتحدث البند الثاني من «دستور داعش» عن أن الناس في ظل حكمهم آمنون مطمئنون وعلى التنظيم توفير الحياة الكريمة للرعية في ظل الحكم الإسلامي الذي ينصف الناس ويساوي بينهم دون تمييز، مؤكدًا أن التنظيم يفتح صفحة جديدة مع الجميع بعد أن أصبحوا من رعاياه، إلا من وصفهم بالمرتدين، متوعدًا إياهم بأشد أنواع العقاب. أما النص الثالث بالدستور فيشير إلى اقتصاد «دولة داعش» الذي يختص إمام المسلمين بجميع الأموال الخاصة بالدولة أي المال العام ويتولى هو تصريفه في صالح المسلمين، متوعدًا السارقين للمال العام بالمثول أمام المحكمة الشرعية وعقابه بأشد أنواع العقاب. فضلا عن معاقبة سارقي المال الخاص وعصابات السطو المسلح بالمواجهة الضارية والعقوبات القاسية على أساس أنهم من المفسدين في الأرض. «الصلاة جماعة» «داعش» يدعو في البند الرابع لدستور التنظيم، جميع المسلمين إلى التوحد ونبذ الفرقة كما أمر الله ورسوله، محذرًا خائني العهد والتعامل مع من وصفتهم بالعملاء أو مع الحكومة السابقة. أما في النص الدستوري الخامس، فيحرم التنظيم كافة أنواع الخمور، سواء كان ذلك بالتعاطي أو بالبيع، كما حرم السجائر والمخدرات وكل ما يذهب العقل ونهى عنه الله والرسول صلى الله عليه وسلم. ويتمسك النص الدستوري السادس بفرض الصلاة في المساجد «جماعة»، كونها أفضل من صلاة الفرد ب27 درجة عند الله، وعرف هذا البند المساجد بأنها بيوت الله يرفض أن يكون فيها مشاهد أو مراقد شركية أو مزارات وثنية، وهذا يعني هدم كل الأضرحة في تلك المساجد، خصوصًا ما يخص الشيعة والصوفية. «تكفير الجيش» كما أعلن تنظيم دولة العراق والشام تكفيره لرجال الشرطة والجيش من دون جنودها في النص السابع من هذا الدستور، معلنًا قبوله توبة التائبين من هؤلاء الرجال بشروط معينة وفي أماكن معينة خصصها، وتوعد التنظيم بقتل رجال الشرطة والجيش الذين لم يتوبوا ويرجعوا إلى الله ويعلنوا دعمهم للدولة الإسلامية التي يقودها «داعش». بينما حظر البند السابع من الدستور حمل السلاح وتكوين الأحزاب المتفرقة، مؤكدًا أنه لن يسمح إلا بوحدة الصف داخل جماعة واحدة أو ائتلاف واحد.. وفي البند الثامن من «دستور داعش» تم إلغاء كافة القوانين «الوضعية العفنة» التي أثقلت كأهل الناس، وتأسيس حزمة جديدة من القوانين يكون أساسها شرع الله وحده. وخُصص البند التاسع والأخير من «دستور داعش» للمرأة المسلمة، وألزمها بالزي الإسلامي المحتشم وعدم الخروج من المنزل إلا لحاجة كنهج الصحابيات الجليلات وأمهات المؤمنين. «رسالة أخيرة» «داعش» اختتم دستوره موجهًا رسالة إلى الأمة الإسلامية كافة، تقول: «انعموا في حكم إسلامي مقسط ورادع واسعدوا بأرض فيها للمسلمين السوطة والجولة والأحكام والإبرام، وفي الختام نطرز ديباجة دستورنا، ونقول لكم: (يا أيها الناس لقد جربتم الأنظمة العلمانية كلها ومرت عليكم الحقبة الملكية ثم الجمهورية وقد جربتموهم وذقتم لوعتهم واكتويتم بنارهم وسعارهم، وها هي الآن حقبة الدولة الإسلامية وعهد الإمام أبي بكر القرشي، وسترون بحول الله وتوفيقه مدى الفرق الواسع الشاسع بين حكومات علمانية جائرة صادرت طاقات الناس وكممت أفواههم وأهدرت حقوقهم وكرامتهم إمامة القرشية التي اتخذت الوحي المنزل منهجًا والقضاء به أبيض أثلج، وتسمع النصيحة من الصغير والكبير، والحر والعبد، لا فرق بين أحمر وأسود، ونقيم الحق على أنفسنا قبل غيرنا». «كوارث عربية» وفي تعليق منه على ما أطلق عليه «دستور داعش»، قال هشام النجار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، في تصريحات خاصة ل «فيتو»: «داعش جزء من المخطط الغربي والأمريكي على وجه الخصوص لإضعاف المنطقة العربية وتفتيتها وتقسيمها لصالح بقاء الكيان الصهيوني وإسرائيل أقوى من الدول العربية والإسلامية مجتمعة؛ ولتبقى هي القوة الكبرى والأهم والعظمى في منطقة الشرق الأوسط، وفقًا لمخطط الشرق الأوسط الجديد الذي وضعته القيادة الأمريكية وتعمل حاليًا على تنفيذه على الأرض». وأضاف النجار: «وفقًا لهذا المخطط، الذي تلعب فيه المخابرات الأمريكية دورًا حيويًا بمشاركة وتعاون المخابرات الإيرانية وبعض الدول العربية تظل المنظمات التكفيرية وميليشيات تنظيم القاعدة هي الأداة الأهم التي توظفها أجهزة الاستخبارات لتنفيذه وتحقيقه، فهي تقوم بالدور المطلوب منها على أتم وجه بصناعة وإيجاد قيادة موازية ودولة داخل الدولة وتستهدف مؤسسات الدولة المدنية والأمنية وتشيع الفوضى وتقسم المجتمعات على أسس دينية ومذهبية وعرقية». وأشار إلى أن هذا التنظيم يعمل على إخفاء مظاهر الحياة الطبيعية والمدنية من بشر واستثمارات وصناعة واستصلاح أراض، فلا وجود إلا لقيادات مسلحة ورعايا لا مواطنين تسوقهم بالخسف والقهر والاستعلاء والاضطهاد بحسب تفسيراتهم المهووسة المنحرفة عن صحيح الدين والشريعة. «الدور على مصر» وعن حقيقة استهداف تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لمصر بعد الانتهاء تماما من العراق، رأى الباحث هشام النجار أن «مصر هدف داعش في المرتبة الأولى، وفي مقدمة الدول التي يراد لها أن تصبح مسرحًا لعمليات القاعدة وميليشياتها وصولا لهدف التفتيت والتقسيم وإضعاف الدولة المركزية وإنهاك مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش، وجميع هذه الأهداف مكتوبة ومعلنة مسبقًا في مشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع تقسيم مصر وسوريا والسودان والسعودية وليبيا والعراق». وأوضح أن «هذه المجموعات التكفيرية المسلحة والقاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر وأخواتهم، وبال على الإسلام وعلى الأمة وعلى مصر والدول العربية، وتمثل تهديدًا خطيرًا على الإسلام والمسلمين، لأنها تعمل لحساب استخبارات غربية لتنفيذ مخطط مدمر تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية يصب في صالح وحساب ربيبتها بالمنطقة إسرائيل». وقال الباحث السياسي: «أتحدى منظمة من تلك المنظمات التكفيرية المسلحة التي ترفع راية الجهاد وشعارات الإسلام وأيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، أن يضرب تل أبيب أو أن يرسل أحد الاستشهاديين أو كتيبة من كتائبه ليقوم بعملية مسلحة ضد الكيان الصهيوني، فلن يقدر ولن يستطيع ولم يحدث قبل ذلك إن قام بهذا الأمر، فكل عملياته موجهة للدول الإسلامية والعربية وتستهدف جنودًا وضباطًا مسلمين ومؤسسات أمنية عربية ومسلمة، فإن لم يكن هذا يخدم الكيان الصهيوني وأمريكا، فمن يخدم إذًا؟» «وهم الخلافة» أما بخصوص دولة الخلافة الإسلامية التي يسعى إليها «داعش» في المنطقة، ويستغل ذلك في تجنيد بعض الشباب المسلم الذي يحلم بتلك الدولة وعن إمكانية تحالف أنصار مرسي معهم، رأى «النجار» أن «الخلافة الإسلامية مصطلح يراد به باطل وتنظيم داعش يتمسح بها وهي منهم براء، فالخلافة الراشدة نظام حكم وفترة تاريخية تضافر فيها الحكم الراشد والمجتمع الراشد كلاهما معًا». وأوضح أن «نظم الحكم متغيرة باختلاف الزمان والمكان، وتطور الظروف والمستجدات مع الحفاظ على الأصول والثوابت والنطق.. ويقوم البناء على الموجود والمتاح بالاستفادة والتلاقي مع النظم التي تتفق مع روح الخلافة والشريعة في الشورى والديمقراطية والعدالة والعدل والمساواة والحرية وهي المقاصد التي أسستها الخلافة مع السعى لإقامة نظام اقتصادي عربي مشترك يسوده التعاون والتكافل والتكامل». وشدد على أن أبناء داعش يطمعون في السلطة باسم الدين ويوظفون الخلافة لهذه الأطماع ويشوهونها ويسيئون إليها بتصرفاتهم البربرية التي لا تمت للدين بصلة، فالشريعة إقامة الحياة وسبل العيش الكريم وليس إقامة حدود وجلد وقتل، والشريعة توفير للحياة الكريمة وتحقيق المساواة بين الغني والفقير وليس إرهاب مدنيين واستهدافهم وإخراجهم من بيوتهم كما يفعلون، وسيخسر الإسلاميون كثيرًا في مصر إذا وافقوا ورضوا على هذه التصرفات أو تجاوبوا معها. «خماسية الشرق الأوسط» بدوره، اتفق الداعية السلفي محمد الأباصيري مع ما قاله هشام النجار، مؤكدًا أن ما فعله تنظيم «داعش» في العراق ما هو إلا جزء من مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي ترعاه أمريكا وإسرائيل بمساعدة إيران وتركيا وقطر. وأوضح الأباصيري أن ما يحدث في العراق ما هو إلا مؤامرة كبرى هدفها خلق المبرر للتدخل العسكري الأمريكي في العراق مرة أخرى.