تنطلق 15 مايو.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالمنيا    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    وضع حجر الأساس لنادي النيابة الإدارية في بيانكي غرب الإسكندرية (صور)    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    مدبولي يتابع موقف التعديلات المقترحة على قانون المناطق الاقتصادية    ارتفاع أسعار الدواجن، وهذا سعر البيض في السوق اليوم الثلاثاء    بيلاروسيا تجري اختبارا مفاجئا لحاملات الأسلحة النووية    تعرف على حكم مباراة العودة بين الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    النيابة تخلي سبيل مجدي شطة بكفالة مالية    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    تجاوز 185 ألف جنيه.. تعرف على سعر إطلالة ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة» (صور)    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الصحة: نحرص على توفير الدورات بشكل دائم لصقل مهارات الأطقم الطبية والإدارية    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    «زعيم الأغلبية» يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح الفلسطينية    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية معصرة حجاج بمركز بني مزار ضمن مبادرة حياة كريمة    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    احتفالات القيامة بإيبارشية القوصية ومير بحضور المحافظ ومدير الأمن| صور    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عودة الروح» تحتفل ب«الفالنتاين» مع شعراء الحب والغرام

إذا أنت لم تعشق، ولم تدر ما الهوى، فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا، فالحب سرُّ الحياة، به تدوم وتستمر وتتدفق، وبدونه، تصير الحياة عدماً وفناءً، يستوى فى ذلك الرجل والمرأة، هكذا يتوهم المتوهمون، فكم من عظماء، خلت حياتهم من النساء والغوان،ومن شيطان الحب.
وفى «عيد الحب العالمى»، أو «فالنتاين داى»، يكثر الحديث عن الحب والغرام والهيام، ويُهرع الرجال، إلى متاجر الهدايا، ليجلبوا لنسائهم، وعشيقاتهم، الهدايا الثمينة، قرابيناً لهن، وفى هذه المناسبة تلقيتُ دعوة مكتوبة، من القديس «فالنتين » لحضور أمسية بحضور شعراء الحب والرومانسية، ومن خاضوا غمار الكتابة فى الحب.
وصلتُ إلى القاعة التى تحتضن الأمسية مبكرا جدا، فاقتربت من حشد من المثقفين وكبار الكتاب، الذين كانوا مدعوين مثلى، فوجدتهم يتحدثون عن الحب والنساء، وتنامى إلى سمعى عبارات بليغة موجزة، مثل: «المرأة بلا محبة امرأة ميتة»، قالها «أفلاطون»، أما «شوبنهاور» فقال: «الحب وردة، والمرأة شوكتُها»، فيما ذكر «جارلسون» أن «الحب يضاعف من رقة الرجل، ويضعف من رقة المرأة»، وزاد عليه «ريشتر» قوله: «الحب يضعف التهذيب فى المرأة، ويقويه فى الرجل».
أما «لابرويير»، فقال: «الحب مبارزة، تخرج منها المرأة منتصرة، إذا أرادت»، لكن «تشارلز ثوب» قاطعه مؤكدا أن «الحب للمرأة كالرحيق للزهرة».
وها هو «أنيس منصور»، الذى لا يزال محافظا على كبريائه الذى يصل إلى درجة الغرور، حيث قاطعهم، بقوله: «الحب عند الرجل مرض خطير، وعند المرأة فضيلة كبرى»، وحينئذ تداخلت «مدام دو ستال»، فى الحوار، لتؤكد أن «الحب أنانية اثنين».
أما «فيون» فجزم بأن «الحب المجنون يجعل الناس وحوشاً»، قبل ان تقاطعه «هيلين رونالد»، مؤكدة «أنه ربيع المرأة وخريف الرجل».
لكن «برنارد شو»، قال فى ثقة غير مبررة: «الحب يرى الورود بلا أشواك، فإذا أحبت المرأة رجلاً، خافت عليه، والحب يستأذن المرأة فى أن يدخل قلبها، وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان، وهذه هى المصيبة»، لكن «الحب أعمى، والمحبون لا يرون الحماقة التى يقترفونها، برأى «شكسبير»، وهو نار تشوى قلب الرجل لتأكله المرأة، كما أنه دمعة وابتسامة، هكذا قال لى «جبران خليل جبران».
وبنبرة صوت حادة، قال «كلارك جيبل» لمن حوله: «تسعد المرأة، عندما يقول لها رجل:«أحبك»، وتطرب أن يشقى فى سبيلها، لذا إذا كنت تحب امرأة فلا تقل لها:«أنا أحبك»، فقلت له :«أحسنت يا سيد كلارك».
وها هو» أوروبيديس»، يتفق معى، مشددا على أن «الحب وهم، يصوّر لك أن امرأة ما تختلف عن الأخريات»، فأعلنتُ تضامنى معه، فيما وصفه «بلزاك»، بأنه «الأكثر عذوبة والأكثر مرارة»، وزاد «جورج صائد» عليه، بأن «امرأة ورجل وحرمان، وكلّما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نحب».
ويجد «تشيسون» أن نحب فنخفق، على ألا نحب أبداً»، فقاطعته: «ولماذا نعذب أنفسنا؟»، و«الحب، عند المرأة، نار مقدّسة، لا تشتعل أمام الأصنام»، هكذا قال «حسن حافظ»، لكن نتائج الحب غير متوقعة، برأى «ستاندال»، قبل أن تبدأ فاعليات الأمسية، التى لم أكن أعلم ضيوفها على وجه التحديد، باستثناء «نزار قبانى»، استوقفنى كل من «دولنكو» و«ويلز»، فقال الأول لى: «الحب زهرة نضرة، لا يفوح أريجها، إلا إذا تساقطت عليها قطرات الدموع، وهو أقوى العواطف، لأنه أكثرها تركيباً، وخُلق الحبٌّ لإسعاد القليلين، ولشقاء الكثيرين»، أما الثانى فقال: «الحب يهبط على المرأة فى لحظة سكون، مملوءة بالشك والإعجاب»، فلم يرق لى كلامهما، ولم أندهش، رغم أنى كنت التهمتُ، منذ لحظات قليلة، قطعتى «فرسكا»، قدمهما لى أحد القائمين على خدمة المدعوين!
الآن، يعلن المذيع عن بدء الأمسية، وبعد مقدمة عن الحب، لم تخلُ من إطناب، واسترسال، فالموتى لا يهتمون كثيرا بالوقت، كشف عن أسماء المتحدثين، وهم: «امرؤ القيس، «عنترة بن شداد»، «المنخل اليشكرى»،»عمر بن أبى ربيعة»، «قيس بن الملوح»، «جميل بن معمر»، «العباس بن الأخنف»، و«نزار قبانى»،.. وآخرون..
البداية كانت مع «المنخل اليشكري»، الذي اتهمه «النعمان بن المنذر» بامرأته المتجردة، وكانت بارعة الجمال، فأغرقه أو دفنه حياً، ويضرب به المثل لمن هلك, ولم يعرف له خبرا، وكانت «فتاة الخدر» هي قصيدته الشهيرة التي قالها في زوجة النعمان، والتى أنشدها، وكان مما قال:
إِن كُنتِ عاذِلَتي فَسيري
نَحوَ العِرقِ وَلا تَحوري
لا تَسأَلي عَن جُلِّ مالي
وَاِنظُري كَرَمي وَخيري
وَفَوارِسٍ كَأُوارِ حَررِ
النارِ أَحلاسِ الذُكورِ
شَدّوا دَوابِرَ بَيضِهِم
في كُلِّ مُحكَمَةِ القَتيرِ
وَاِستَلأَموا وَتَلَبَّبوا
إِنَّ التَلَبُّبَ لِلمُغيرِ
فصفق له الحضور، إلا أنا، حيث لم أستوعب كثيرا مما قاله"!"، فى الوقت الذى ذهبت إليه محبوبته، وطبعت قبلة على جبهته، فتكرر التصفيق، ثم نهض بعده الشاعر المفوه والفارس العاشق "عنترة بن شداد"، فوجه أبياته لعبلة، التى حضرت معه، قائلا:
إذا الريح هبت من ربي اعلم السعدي طفا بردها حر الصبابة الوجد
وذكرني قوما حفظت عهودهم فما عرفوا قدري ولا حفظوا عهدي
ولولا فتاة في الخيام مقيمة لما اخترت قرب الدار يوما على البعد
مهفهفة والسحر في لحظاتها إذا كلمت ميتا يقوم من اللحد
وعند هذا البيت، صفق الحضور كثيرا، قبل أن يكمل "عنترة":
يبيت فتات المسك تحت لثامها فيزداد من أنفاسها أرج الند
ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها فيغشاه ليل من دجي شعرها الجعد
فهل تسمح الأيام يا ابنة مالك بوصل يداوي القلب من ألم الصد
فصفقنا كثيرا جدا، ونهضت "عبلة" من مكانها، وذهبت إلى "عنترة"، وارتمت فى أحضانه، فازداد التصفيق.. بعد ذلك أخذ فتى قريش المدلل "عمر بن أبي ربيعة"، مكانه على المنصة، وأنشد واحدة من أشهر قصائده، التي قالها في محبوبته "نُعم".. ومنها:
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ
غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ
لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ
تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ
وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت
وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ
وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
فصفق الحضور كثيرا له، إلا أنا، ليس لعدم فهم واستيعاب لكلماته، ولكن لمبالغته المفرطة فى التغزل بمحبوبته التى كانت برفقته، بعده حمل "قيس بن الملوح"، مجنون "ليلى"، أوراقا، قرأ منها:
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
بِثَمدَينِ لاحَت نارَ لَيلى وَصَحبَتي
بِذاتِ الغَضا تَزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت
بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
فصفق الحضور بحماس غريب، إلا أنا، و"أنيس منصور"، الذى همّ بالانصراف، لولا أن بعضا من رفاقه أقنعوه بالبقاء، فجلس، قبل أن يأخذ "جميل بن معمر"، مكانه على المنصة، متغزلا فى محبوبته، منشدا شعرا، يمتلئ بشكاوي النفس وما يلاقيه المحب المتيم من تباريح الوجد، فقال:
أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ
وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ
فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ
قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ
وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
وَقَد قُرِّبَت نُضوي أَمِصرَ تُريدُ
وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى
لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ
خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ
وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ
فاستحسن الحاضرون أبياته وصفقوا له كثيرا، كما صفقت "بثينة" كثيرا جدا، وارتمت فى حضنه، وقبلت خديه، ثم خلفه الشاعر العاشق "العباس بن الأحنف"، الذى تذكر حبيبته "فوز" بأبيات زاخرة بعاطفة صادقة وشاعرية أصيلة، منها:
أَميرَتي لا تَغفِري ذَنبي
فَإِنَّ ذَنبي شِدَّةُ الحُبِّ
يا لَيتَني كُنتُ أَنا المُبتَلى
مِنكِ بِأَدنى ذَلِكَ الذَنبِ
إِن كانَ يُرضيكُم عَذابي وَأَن
أَموتَ بِالحَسرَةِ وَالكَربِ
فَالسَمعُ وَالطاعةُ مِنّي لَكُم
حَسبي بِما تَرضَونَ لي حَسبي
وقبل أن ينهى "ابن الأحنف"، أبياته، كان دوى التصفيق أعلى من أى شيء، تلاه "امرؤ القيس"، بأبيات مبهرة عن حبيبته "فاطم"، وكان مما قال:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل
فصفقنا جميعا لإمرؤ القيس، الذى تلاه "الشريف الرضي"، بقصيدة "ظبية البان"، التى كتبها فى معشوقته، التى حضرت بصحبته، ومن أبياتها:
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ
لِيَهنَكِ اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ
الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ
وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكي
هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ
بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ
عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
سَهمٌ أَصابَ وَراميهِ بِذي سَلَمٍ
مَن بِالعِراقِ لَقَد أَبعَدتِ مَرماكِ
وبدا أن تلك الكلمات الناعمة لامست قلوب الجميع، الذين صفقوا طويلا، قبل أن يظهر علينا "الحصري القيرواني"، منشدا:
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ لفتنةٍ منتصبٌ أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
وكانت المفاجأة لى، رومانسية الشاعر الثورى "أبى القاسم الشابى"، الذى رسم بأبيات، متخمة بالعاطفة، حبيبته كائناً سماوياً يفيض رقة وطهراً وشفافية، فأنشد:
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام
كاللحن كالصباح الجديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ
كالوردِ كابتسامِ الوليدِ
يا لها مِنْ وَداعةٍ وجمالٍ
وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلُودِ
يا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقديسَ
في مهجَةِ الشَّقيِّ العنيدِ
يا لها رقَّةً تَكادُ يَرفُّ الوَرْدُ
منها في الصَّخْرَةِ الجُلْمودِ
أَيُّ شيءٍ تُراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ
تَهادتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جديدِ
ونال "الشابى" استحسان الجميع، سوى "أنيس منصور"، وكاتب هذه السطور، لاعتقادنا أنه ليس هناك امرأة، مهما بلغت من حُسن تستحق هذا الثناء والتقدير، ثم جاء بعده الشاعر "محمود حسن إسماعيل"، الذى أنشد قصيدته جاءت "أقبلي كالصلاة"، ومن أبياتها:
أقبلي كالصلاة رقرقها النسك
بمحراب عابد متبتل
أقبلي أية من الله علينا
زفها للوجود وحيُ مُنزَل
أقبلي كالجراح ظمأي وكأس
الحب ثكلي والشعر ناي معطل
أنت لحنُ علي فمي عبقري
وأنا في حدائق الله بلبل
ولأن "نزار قبانى"، كان دبلوماسيا، وظهر فى عصر وسائل الإعلام المتقدمة، وقدم أغنياته أشهر المطربين، فإنه حظى فور ظهوره على المنصة باستقبال وحفاوة طاغية، قبل أن ينشد بأداء راق:
علمني حبك أن أحزن
وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أحزن
لأمراة ابكي فوق ذراعيها مثل العصفور
لامراة تجمع أجزائي كشظايا البللور المكسور
علمني حبك سيدتي أسوأ عادات
علمني افتح فنجاني في الليلة آلاف المرات
وأجرب طب العطارين وأطرق باب العرافات
علمني أن أخرج من بيتي لأمشط أرصفة الطرقات
وأطارد وجهك في الأمطار وفي أضواء السيارات
وألملم من عينيكِ ملايين النجمات
يا امرأة دوخت الدنيا يا وجعي يا وجع النايات
أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزان
وأنا من قبلك لم ادخل مدن الأحزان
لم أعرف أبدا أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان
علمني حبك أن أتصرف كالصبيان
أن أرسم وجهك بالطبشور على الحيطان
يا امرأة قلبت تاريخي
إني مذبوح فيكِ من الشريان إلى الشريان
علمني حبك كيف الحب يغير خارطة الأزمان
علمني حين أحب تكف الأرض عن الدوران
علمني حبك أشياء ما كانت أبدا في الحسبان
وكان «نزار قبانى» هو مسك الختام، وبأبياته الرقراقة، انتهت أمسية عيد الحب، والتف الحضور حول الشعراء، ودار بينهم همس كثير، قبل أن يأووا هم إلى موتهم، وأعود أنا إلى حياة، بلا حب، وبلا مشاعر، حياة يسودها الكذب والخيانة، والعواطف المأجورة، حياة، أصبح الحب فيها يباع ويشترى، تماما كالنساء..
C.V
امرؤ القيس .. «520 م - 565 م»- شاعر جاهلى. عنترة بن شداد ..»525 م - 608 م»، أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام. جميل بن معمر، توفى فى عام «701 م»، من عشاق العرب المشهورين. العباس أبوالفضل.. «103ه-192ه»، أحب فتاة سماها «فوز» لأنها كانت كثيرة الفوز بالسباقات والمنافسات كي لا يصرح باسمها الحقيقي فى شعره. أبوالقاسم الشابي.. «1909 م- 1934م» شاعر تونسي. قيس بن الملوح.. «645م – 688م», شاعر عربي، عاش في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان. عمر أبي ربيعة « 23 ه-93ه»، أحد شعراء الدولة الأموية، وهو زعيم المذهب الفاحش في التغزل. المنخل اليشكري، شاعر جاهلي، عاصر كلا من: النابغة الذبياني، حاتم الطائي وعنترة بن شداد. الحصرى القيروانى، توفى عام «1095م»، من شعر اء العصر الأندلسي. محمود حسن إسماعيل «1910م- 1977م»، شاعر مصري. نزار قباني.. «1923م - 1998 م»، دبلوماسي وشاعر سوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.