كالعادة.. لم ينجح السيد البدوى شحاتة إلا فى ثلاثة أشياء فى حياته: تدمير جريدة «الدستور»، وتدمير حزب الوفد، وجعل قناة «الحياة» الأولى فى بحوث المشاهدة فى رمضان! فى الانتخابات البرلمانية السابقة التى أطاحت بالمخلوع، قدم السيد البدوى إعلانات مثيرة للشفقة لحزب الوفد، من بينها إعلان «حقنة التغيير».. شخص مريض يحقنه أحدهم فى منطقة حساسة، ليأتى بعدها صوت المذيع قائلا: «حقنة التغيير ممكن توجع.. بس حتريّح كتير»! إضافة إلى إعلان بامبرز التغيير! فما الذى يمكن أن تقدمه معارضة أشبه بعرائس الماريونيت سوى دفع الناس إلى السخرية من فكرة التغيير نفسها وابتذالها بهذه الصورة؟! وكان هذا دور الرجل -كما أتصور- ابتذال فكرة التغيير وفكرة الديمقراطية عموما. بالطبع كان من الطبيعى أن يحصل الوفد بعد هذه الإعلانات على مقعدين فقط فى البرلمان المزور السابق من جملة 168 مرشحا، فشل فيها مرشح الوفد ونجح أمامه توفيق عكاشة! وبعدها أعلن البدوى انسحابه من جولة الإعادة بينما حضر افتتاح البرلمان الذى دشّن فيه المخلوع جملته الشهيرة «خليهم يتسلوا». حضر البدوى «مهزّئا» حزب الوفد كله لافتتاح برلمان أعلن انسحابه من جولات الإعادة فيه! لا شك أن الرجل كان بمثابة «المسخرة» السياسية والإعلامية للمخلوع ورجاله وللواجهات المعارضة لهم أيضا، فمعارضته كانت مهينة للمعارضين أنفسهم بفجاجتها، وعدم احترافها، والنظام السابق كان خبيرا بمن يستعملهم، وربما لذلك كان من الصعب استعمال معارضين «غشم»، ولا شك أن نظام المخلوع كان يستغل كل من يعرضون نفسهم عليه ثم يلقيهم بحنان إلى الهواء! كان عرض رئيس حزب «الوفد» للتعاون مع النظام هو شراء أكبر جريدة مستقلة ومعارضة للنظام ب16 مليون جنيه «الدستور»، ثم يقيل رئيس تحريرها فى اليوم التالى.. حتى المنبطحين قبله أمام النظام السابق وجدوا ما فعله فجًّا ومبالغا فيه وفى انحطاطه. والآن.. لا يستحيى السيد البدوى شحاتة من إغراق شاشات قنوات «الحياة» التى يملكها بإعلانات تحث الناس على المشاركة فى الانتخابات والتصويت لحزب الوفد الذى يرأسه، مستخدما كلمة له يقف خلفه فيها بعض رجال السياسة ممن لا أتذكر أسماءهم، وتاريخ الكلمة هو 31 يناير، ويقول فيها ما معناه أن لا خلاص لمصر إلا بخلع مبارك وتخليه عن السلطة. وفى الإعلان يقول المعلق: «كان فيه ناس تانية بيقولوا إن الثورة حرام»! الإعلان فيه تلسين واضح على الإسلاميين، الذين كانوا -وقت الثورة- بين الثوار يخوضون نفس المعركة، ويستعينون -معهم- بالله للخلاص من مبارك ونظامه، بينما استعان وقتها السيد البدوى شحاتة من يوم 1 فبراير وحتى 11 فبراير بقنواته، واستحضر فيها ما فى جعبته من إعلاميين للقضاء على الثورة ولتوجيه رسائل تقول للناس إن الثورة حرام وخراب ودمار.. لا تنسوا أن السيد البدوى استعان بعمرو أديب ورولا خرسا وقتها وكانا مسخرين لقمع الثورة إعلاميا، ولا تنسوا أن عماد أديب ظهر معهما عبر شاشة «الحياة» لحثّ الناس على العودة من ميدان التحرير، ولا تنسوا أن عفاف شعيب حكت تفاصيل الريَش والكباب والعسكرى المصرى «اللى بيتشال من الدبابة» من خلال قنوات السيد البدوى شحاتة. ولا تنسوا أيضا أن من يتجرأ بإعلان عن حزبه يقول من خلاله إن هناك من قالوا إن الثورة حرام، هو رجل لا يحق له أن يتحدث عن الحرام ولا حتى الحلال، لأنه آكل لحقوق 70 أسرة لصحفيى جريدة «الدستور» ممن رفضوا عطاياه وتمسكوا بمبادئهم.. تذكروا أن هذا الرجل أوشك أن يتصور أنه رب يختبر الناس ويخيرهم بين المبادئ والمال، ووقف متبلدا يراقب من سينجح ومن سيسقط. ولنتذكر جيدا أننا كنا نلتقى فى الميدان بيساريين وسلفيين وإخوان وناصريين وأناس بلا أحزاب أو توجهات، بينما كان الوفديون مختفين تماما، ربما كانوا ضمن من كانوا بالميدان ولكنهم خجلوا من رئيس حزبهم، ولذلك أنكروا انتماءهم! والأهم من كل ذلك.. علينا أن نلاحظ أن السيد البدوى شحاتة، وبينما سقط أكثر من 40 شهيدا فى أسبوع واحد، يختار الآن موقعا مميزا لتظهر صورته خلف أحد من يرتدون زيا عسكريا، فقد اختاروه ضمن المجلس الاستشارى على اعتبار أن المجلس العسكرى يختار أنجح الناس وأذكاهم ليكونوا مستشارين له!