يختلف فقهاء الدستور والقانون حول ملامح نظام الحكم فى مصر خلال الفترة المقبلة، لكنهم يتفقون على أن المجلس العسكرى -وفقا للإعلان الدستورى الذى وضع عقب استفتاء مارس- غير ملزم بتكليف الأغلبية البرلمانية بتشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات مجلس الشعب، الأمر الذى يثير تساؤلات حول تصريح المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان، لوكالة «الأنباء الفرنسية» بأنه يجب على المجلس العسكرى أن يوكل للحزب الحاصل على أكبر نسبة من الأصوات فى الانتخابات تشكيل حكومة جديدة «وهو التصريح الذى جاء ردا على استبعاد اللواء ممدوح شاهين المستشار القانونى للمجلس العسكرى، خيار الحكومة البرلمانية فى تصريحات تليفزيونية له أول من أمس». المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، قال إن مشكلات عديدة فى الأوضاع الدستورية نشأت لما ارتكبته لجنة «الإخوان» البشرية التى ستسهم فى تعقيد الوضع الدستورى فى مصر عقب الانتخابات، فى مقدمتها مشكلة صلاحيات البرلمان فى اختيار الإدارة التنفيذية للبلاد، لأن الإعلان الدستورى غير واضح أو حاسم فى تلك الجزئية، ولم يتطرق الدستور المؤقت الذى وضعه المجلس العسكرى إلى هيكل الدولة بعد انتخابات البرلمان، فلم يحدد هل هو نظام رئاسى مثل الولاياتالمتحدة أو برلمانى مثل إنجلترا أو برلمانى رئاسى مثل فرنسا، وبالتالى فإن أى فتوى بأن الجماعة السياسية التى تحصل على أغلبية البرلمان من حقها على سبيل الجبر والإلزام تشكيل الحكومة يعتبر إفتاء مشكوكا فى سنده الدستورى. الجمل أشار إلى أن الإعلان الدستورى الذى سيظل معمولا به لحين وضع دستور جديد ينص على تولى المجلس العسكرى سلطات رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى السلطات التنفيذية، وبالتالى ستظل صلاحية تشكيل الحكومة وتكليفها مخولا له حتى بعد الانتخابات، وإذا كان من الناحية النظرية يمكن له تكليف الأغلبية بتشكيل الحكومة، فإنه لا يوجد ما يقيده فى هذا الشأن، وله اختيار من يريده كما كان يحدث فى نظام مبارك. الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، أوضح أنه إذا كانت نصوص الإعلان الدستورى غير المستفتى عليها تعتبر ساقطة بنهاية الفترة الانتقالية وتشكيل البرلمان، فإنها لن تسقط صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا تلزم المجلس العسكرى بتكليف الحزب الحائز على الأغلبية بتشكيل البرلمان، ولا يجب أن تكون تلك النقطة موضع أهمية حتى لا نجد أنفسنا فى دوامة جديدة مثل دوامة وثيقة السلمى، مقترحا أن يكون هناك نظام مختلط بين البرلمانى والرئاسى مثل فرنسا التى يكون فيها تعاون ورقابة بين البرلمان والحكومة. لكن الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، فأكد أنه لا توجد صفة للمجلس العسكرى أو الأغلبية البرلمانية لتشكيل الحكومة، لأن الانتخابات التى ستجرى لانتخاب مجلسى الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية ستكون باطلة لمخالفتها جميع المبادئ الدستورية، لأننا أمام ثورة أسقطت الدستور ولم يتم وضع دستور جديد، وبالتالى فإن وضع المجلس العسكرى فى السلطة غير دستورى، وإصدار الإعلان الدستورى الذى يتناقض مع ما تم الاستفتاء عليه فى مارس أيضا غير قانونى.